"الدخول إلى العرس هو الخلاص الأبدي لسعادة دائمة": البطريرك الراعي
بعد قراءة الإنجيل من الفصل الخامس والعشرين للقدّيس متّى، ركّز البطريرك الراعي تأمّله على الآية القائلة "في منتصف الليل صارت الصيحة:العريس آتٍ، اخرجوا للقائه" (مت 25: 6) .
وقال: إنّ مثل العذارى العشر يشرح مجيء الربّ يسوع الثاني في المجد في نهاية الأزمنة. ولكنّه ينطبق على مجيئه في حياتنا اليوميّة، لأنّه حاضر وحيّ في الكنيسة وفي رسالتها، وينطبق على مجيء الربّ عند موت كلّ واحد منّا. غير أنّ مجيئه مفاجئ في كلّ مرّة، لكنّه آتٍ لا محالة في قتٍ لا نعرفه: "عند منتصف الليل صارت الصيحة: العريس آتٍ، اخرجوا للقائه" (مت 24: 6).
أضاف البطريرك المطلوب بموجب إنجيل اليوم أن يكون الإنسان في حالة الانتظار بالتزامه الواجب اليومي تجاه الله والذات والعائلة والمجتمع. إنتظار مجيء الربّ اليوميّ من أجل الإستنارة بكلامه ومثله، وبإلهامات الروح القدس، وباكتشاف إرادة الله، في كلّ عمل وقول ومبادرة وموقف.إنتظار مجيء الربّ عند ساعة موتنا بالعيش في حالِ إتّحاد دائم مع الله، والنهوض من سقطات الخطيئة بواسطة سرّ التوبة والمصالحة. انتظار مجيء الربّ بالمجد في نهاية الأزمنة بالعمل الدائم على نشر إنجيل الحقيقة والخلاص، وبناء مدينة الأرض على قيم الملكوت، وجعل المجتمع البشريّ أكثر إنسانيّة وفي حالة أفضل.
تابع البطريرك مثل العذارى العشر ومجيء العريس يشرح بوضوح ما يريد الربّ يسوع أن يعلّمنا إيّاه.
العريس الآتي هو المسيح المنتظر مجيئه في حياتنا اليوميّة، وفي ساعة موتنا، وفي نهاية الأزمنة.
العذارى العشر يرمزن إلى النفوس، إلى الأشخاص الذين ينتظرون مجيء المسيح المثلّث.
العذارى الحكيمات تمثّلن المؤمنين الملتزمين بالعيش في حالة الإنتظار.
العذارى الجاهلات تمثّلن الأشخاص غير الملتزمين، لأنّهم يعيشون ليومهم، من دون أن يطرحوا أي سؤال حول الحياة والموت حول الشرّ والخير، الحقّ والباطل. يعيشون ليومهم من دون أفق.
المصابيح هي العقل لمعرفة الحقيقة، والإرادة لالتزام الخير، والقلب لمحبّة الله والناس. الزيت الذي يضيئها هو الإيمان للعقل، والرجاء للإرادة، والمحبّة للقلب.
إبطاء العريس هو جهل ساعة مجيء الربّ المثلّث.
النعاس والرقاد هما الخضوع لشريعة الزمن ورتابته، مع إبقاء نظرة واعية ومستعدّة للمستقبل، وفي هذه الحالة مستقبل مجيء الربّ.
منتصف الليل يرمز إلى عمق الظلمة التي تكتنف حياة الإنسان: ظلمة الشكّ والارتباك والمرض والظلم والحزن، عندما يظنّ الإنسان أنّ الله صامت وبعيد وغائب عن حالة الناس وهمومهم.
الصيحة الـمُعلِنة مجيء المسيح، هي صوت الإيمان من الداخل، وثبات الرجاء، وشعلة المحبّة، والثقة بعناية الله. هذه كلّها تخاطبنا من الداخل، فلا تُطفئ المصابيح. والصيحة هي صوت الكنيسة التي تكرز وتعلّم باستمرار، وتوزّع نعمة الأسرار، وتبني حضارة المحبّة.
الذهاب لابتياع الزيت ووصول العريس في هذه الأثناء يعني أن عند محيء الربّ، في حالاته الثلاث، تنتهي وتنتفي إمكانيّة إصلاح الحال، أو التعويض عن الماضي. من هنا تبرز قيمة الوقت الذي يُعطى لنا ونعيشه، المهمّ أن نعطى كلّ لحظة من يومنا قيمتها في العلاقة مع الله والذات والناس، لكي تتّسم بالحقّ والخير والجمال. الأمثولة يعطيها الربّ يسوع في ختام المثل: "اسهروا، إذًا، لأنّكم لا تعلمون اليوم ولا الساعة" (متى 25: 13).
الدخول إلى العرس هو الخلاص الأبديّ في سعادة السماء حيث مائدة عرس الحمل، كما رآها يوحنّا الحبيب: "طوبى للمدعويّن إلى وليمة عرس الحمل" (رؤيا 19: 9).