لبنان
09 أيلول 2024, 09:00

"الحرب علامة ضعف أمراء الحروب وليست علامة قوّتهم": البطريرك الراعي

تيلي لوميار/ نورسات
تتمحور القراءات في الكنيسة المارونيّة، في الأحد الأخير من زمن العنصرة، على المحبّة وتحتفل الكنيسة في الشرق، في الثامن من أيلول/سبتمبر بعيد مولد السيدة العذراء، والدة الإله. لهاتين المناسبتين، احتفل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، بالقدّاس الإلهيّ في كنيسة المقرّ البطريركيّ في الديمان ووعظ. وبما أنّ الراعي يقسم عظته، في المعتاد بين شقٍّ روحيّ وشقٍّ وطنيّ، ونظرًا إلى غنى كلمته، وتحاشيًا للإطالة، كنّا قسمنا العظة إلى اثنين، نتناول في التقرير التالي القسم الوطنيّ منها.

 

قال البطريرك الراعي: "بالمحبّة والرحمة تتوقّف الحرب على غزّة وفي جنوب لبنان. استمرار الحرب ضعف وخسارة للجميع: خسارة أرواح الله وحده هو سيّد حياتها وموتها، خسارة استقرار المواطنين الآمنين بتهجيرهم، هدم البيوت وحرق الأرض والممتلكات وجنى الأعمار من دون سبب سوى الهدم. لو يفكّر أمراء الحروب على ضوء الضمير في هذه النتائج كلّها، لتوقّفوا عن فعلهم هذا الذي هو علامة ضعفهم لا بطولتهم. ولو يفكّرون بالأموال الطائلة التي ينفقونها في الحرب وفي التسلّح، ويحرمون شعوبهم منها، وبأيّ سلطان يفعلون هذا ولأي أهداف، لأدركوا شرّ الحرب، وذهبوا إلى التفاوض السلميّ".

أكمل الراعي: "بثقافة المحبّة والرحمة، تعيش مكونّات الدول وحدتها الداخليّة، على تنوّع ثقافاتها وأديانها. لا يكفي أن نعلن رغبتنا بالشراكة الوطنيّة من دون إرادة الفعل، وتغيير السلوك، ونزع الولاءات الخارجيّة، والاتّفاق على "المختلف". تتألّف دولة لبنان الكبير من جماعات كانت تتفاعل قبل إمارة جبل لبنان وفي أثناءها وبعدها. تاريخنا الجماعيّ السياسيّ أخبار وتقاتل واجتياح وسيطرة، خلافَ تاريخنا الخاصّ المقتصِر بإبداعاته على النخب والأفراد. وعلى الرُغم من ذلك، غامرنا وأسّسنا دولة لبنان الكبير خلاصة مكوّنات الشرق لتكون مقبولة في محيطها العربيّ...نحن آمنّا بالانتماء العربيّ، وأطلقنا الفكرة العربيّة لتحرّر شعوب المنطقة من "التتريك"، لا اللبنانيّين من (اللبننة)".

يعاني اللبنانيّون اليوم من ثقلٍ في مفاصل الحياة كلّها وهي من صميم مسؤوليّة الدولة الملتزمة برعاية أبنائها. لكنّها معدومة طالما أنّ الدولة بلا رأس وفاقدة الجانب الأعلى من ميثاقيّتها، الذي يستمرّ فارغًا منذ ما يقارب السنتين... وهذا الفراغ يترك تداعيات سلبيّة كبيرة ومتنوّعة ..."

أكمل الراعي: "الكلّ بانتظار المبادرات الخارجيّة، المشكورة...ولكن، من المؤسف والمعيب أن يبقى انتخاب الرئيس أسير رهانات على الخارج، وعلى استحقاقات أو تطوّرات خارجيّة وهميّة..."

التحرّك الداخليّ المطلوب هو ضرورةُ لنجاح المساعي الخارجيّة، وأبرزها مساعي اللجنة الخماسيّة...التي نأمل نجاح مسعاها مع العلم أنّ المجلس النيابيّ يبقى المسؤول الأوّل عن الاستحقاق الرئاسيّ ووضع حدّ للحالة السياسية غير السليمة وغير المألوفة والشاذة في لبنان".

فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، سائلين الله أن يملأ قلوبنا بالمحبّة والرحمة اللتين بها نستطيع أن نعيش معًا بسلام وأخوّة إنسانيّة، وننشرها ثقافة نجسّدها بالأفعال. للثالوث القدّوس، الآب والابن والروح القدس، كلّ مجد وإكرام الآن وإلى الأبد، آمين.