الفاتيكان
11 تشرين الأول 2024, 06:20

"التناغم بين النعمة الإلهيّة والإرادة البشريّة": المطران بولس روحانا

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس المطران بولس روحانا، النائب البطريركيّ العامّ على نيابة صربا المارونيّة قدّاسًا إلهيًّا في بازيليك القدّيس بطرس في الفاتيكان بحسب طقس الكنيسة السريانيّة-الأنطاكيّة المارونيّة، شارك فيه عموم الحضور في الدورة الثانية للجمعيّة العامّة العاديّة لسينودس الأساقفة حول السينودسيّة، نقلًا عن موقع "فاتيكان نيوز عربيّة".

 

تابع المطران روحانا كلمته التي سبق وعرضنا جزءًا منها قال: "من يقول تعاون يقول أيضًا تناغم بين النعمة الإلهيّة الموجودة في الكلمة الإلهيّة وإرادتنا البشريّة، لدرجة أنّ التلميذ-الرسول للمسيح يحتفظ بهذه الكلمة، كما يفعل الموسيقيّ، كـ "معيار نغمٍ" يضبط عليه فكره وسلوكه، بل وحتّى كيانه كلّه. بفضل هذا التناغم، يمكن للمسيحيّ أن يرجو في التغلّب التدريجيّ على المعضلة الوجوديّة والمؤلمة التي ذكرها بولس بين الإرادة والقدرة، لكي يتمكّن من فعل الخير الذي يريده أو يرغب فيه ويتجنَّب الشرّ الذي لا يريده. وفي هذا المعنى، تتوقّف الرسالة المسيحيّة، بحسب البابا بندكتس السادس عشر، عن كونها مجرّد "إخباريّة" لتصبح أيضًا "تغييريّة"، "بمعنى أنّها ليست مجرّد خبر... وإنّما خبر يغيّر الحياة".  

تابع المطران روحانا: "من الجميل أيضًا أن نلاحظ ثمار هذا التناغم الخلّاق والمثمر الذي تشهد عليه هذه الصلاة السريانيّة-الأنطاكيّة المارونيّة القديمة التي يتلوها المحتفل بعد كسر الخبز الإفخارستيّ: "وحّدت يا ربّ لاهوتك بناسوتنا وناسوتنا بلاهوتك؛ حياتك بموتنا وموتنا بحياتك؛ أخذت ما لنا ووهبتنا ما لك لتحيينا وتخلّصنا لك المجد الى الأبد". لهذه الاعتبارات كلّها، من المهمّ أن نتذكّر، في خلال مسيرتنا السينودسيّة، أنّ مستقبل كنائسنا وبلداننا، وبخاصّة تلك التي تعيش في أزمات، لا يجب أن يعتمد فقط على الحسابات والتحليلات الجيوسياسيّة والجيواستراتيجيّة. ذلك لأنّ الكنيسة، كعائلة يسوع، هي أوّلًا جماعة "الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها".

أكمل المطران روحانا يقول: وهم يتغذّون بكلمة الله في مدرسة القدّيسين، سيتذكّر المسيحيّون في المسيرة السينودسيّة أيضًا، باستمرار، التعليمَ الثوريّ ليسوع، الذي يفيد بأنّ محبّة الله ومحبّة القريب لا تنفصلان بل تتكاملان باستمرار، لكونهما وجهين لوصيّة واحدة. على ضوء هذا التعليم، الذي تمّ شرحه بوضوح في مثل السامريّ الصالح الوارد في إنجيل لوقا، لا يسأل المسيحيّ نفسه: "من هو قريبي؟"، خوفًا من أن يختاره بناءً على مصالحه الخاصّة. بل يجد نفسه في سؤال يسوع لمعلِّم الشريعة، الذي أصوغه بحرّيّة على النحو التالي: "هل أستطيع أن أكون قريبًا لكلّ ضحيّة أقابلها، بغضّ النظر عن أصلها، وأعتني بها حتّى شفائها؟". في عينَي يسوع، أن نكون قريبين من كلّ ضحية يجعلنا نشارك في رحمة الله: "كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم". ونصبح قادرين على ذلك بفضل هذا التناغم الإلهيّ-الإنسانيّ، الذي يوسّع القلب ليكون شاهدًا وأداة لرحمة الله في زمن الأزمات. إنَّ مثل السامري الصالح سيبقى بوصلة لنا لكي نشهد على سينودسيّة متضامنة مع الذين تُركوا في الخلف، ضحايا الظلم والفقر وانعدام الأمان. إنَّ شعارنا هو ما قاله البابا بندكتس السادس عشر في رسالته العامّة الأولى: "قلب يرى. هذا القلب يرى أين توجد حاجة إلى المحبّة ويتصرف بناءً على ذلك". وإذ يحملنا هذا الحبّ، سنفهم بشكل أفضل معنى تعليم القدّيس منصور دي بول: "أن تترك الصلاة لكي تزور مريض يعني أن تترك الله من أجل الله".

وختم المطران بول روحانا عظته بالقول كحج~اج "الرجاء الذي لا يخيِّب"، نرفع صلاتنا إلى الرب~ القائم من بين الأموات، الحاضر في كنيسته كما وعدنا، لكي نتمكّن من مواصلة مسيرتنا السينودسيّة، تحت نظره، اليوم وعلى مدى يوبيل عام ٢٠٢٥، كتلاميذ مرسلين في زمن الأزمات، بواسطة شفاعة أمّه وأمّنا، مريم العذراء القدّيسة، وقديسي العصور كلّها وشهدائها. وعلى خطاهم، نجرؤ أن نقول: "المسيح قام! حقًا قام!" آمين".