"التحدّي الأكبر هو التعالي على جراحنا والولاء للبنان": المطران عون
قال المطران عون: "عندما كنت أستمع إلى من سبقني من المتكلّمين خطر على بالي مشهد يسوع في الإنجيل عندما عرف كيف يستفيد من كلّ واقع لِيوصل رسالةً وتعليمًا إلى تلاميذه كما عندما رأهم يتسابقون على المكان الأوّل، فقال لهم في العالم الكبار والمتسلّطون يسيطرون ولكن لا يكن الأمر هكذا بينكم، بل فالكبير فيكم يكون لكم خادمًا، والمريدُ الرئاسةَ فليمارسها في الخدمة. هذا يعني أنّ الربّ يسوع كان يقرأ الواقع وأراد أن يرفع تلاميذه من واقعٍ منحدر إلى واقعٍ يكونون فيه تلاميذًا له يعيشون إنسانيّتهم بالحبّ والعطاء والأخوّة".
أضاف المطران: "أراد صاحب الدعوة أن يشكّل هذا اللقاء معكم نورَ شمعةٍ في قلب الظلمة والمشاكل التي نعيش في خضمّ الحرب، والأكيد، أنْ، مهما علا صوت المدافع والإجرام والقتل والحقد، تبقى المحبّة هي التي تجمع وتبني المجتمعات".
وأثنى على "ما تقوم به المؤسّسات الإنسانيّة والاجتماعيّة في مساعدة النازحين وشكر مديري الثانويّات والمدارس الذين استقبلوا النازحين، والإعلاميّين الذين يتفانون ويخاطرون بحياتهم في نقل الخبر اليقين واستشهد البعض منهم لكي نعيش نحن الواقع ونكون على درايةٍ به".
وقال المطران عون:"لا ينهض الوطن إلّا بتضافر أبنائه جميعهم. ونحن نجسّد، في لقائنا صورة ولا أجمل كيف أنّ كلّ عضو في هذا الوطن إلى أي جهة انتمى كنيسيّة، أو مدنيّة، أو روحيّة، أو اجتماعيّة، عندما نتعاون مع بعضنا البعض نستطيع الوقوف إلى جانب إخوتنا المحتاجين من دون السؤال إلى أي طائفة أو منطقة ينتمون، لأنّ كلّ نازح موجود بيننا هو صورة يسوع الذي قال في الإنجيل "كنت جائعًا فأطعمتموني وعطشانًا فسقيتموني وغريبًا فآويتموني". نحن اليوم نجسّد تعاليم سيّدنا يسوع المسيح في مساعدتنا".
وأشار المطران إلى "أنّ الجميع يعلم أنّ هذه الحرب ستننهي وسيتوقّف المدفع ولكنّ التحدّي الأكبر يكمن في أن نتمكّن جميعنا من التعالي عن جروحاتنا ونعلن ولاءنا للبنان كوطن نهائيّ لأبنائه كلّهم، وأن نكون مواطنين لبنانيّين، لبنان أوّلًا ونعمل من أجله". وللوصول إلى هذه النقطة، لا بدّ من قيام حوارٍ حقيقيّ، عميق، يوصل إلى مصالحة عميقة وإلى تنقية للذاكرة"..."على كلّ لبناني أن يعي أنّه مُطالبٌ بالاعتذار من الآخر لأنّ من دون هذه المرحلة، من دون تنقية الذاكرة كما شدّد عليها البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني في الإرشاد الرسوليّ للبنان سنظلّ قابعين في الحرب، ولن نبنيَ لبنان الوطن على أساس الثقة والتضحية والتفاني".
كذلك، كشف المطران عون أنّ مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان وسينودوس الأساقفة المطارنة الموارنة كان بدأ في حزيران/يونيو الماضي، بوضع خطّة للتواصل مع الجميع وإقناعهم بأهمّيّة الحوار من أجل أولويّةٍ أولى هي لبنان وبأهميّة التحرّك مع مساعدة تقنيّين للوصول إلى تنقية للذاكرة ...".
إختتم المطران كلامه بالقول: "إذا لم يُبنَ الوطن ومؤسّساته، لن نصل إلى أي مكان...لا بدّ لنا من أن نظلّ مقتنعين أنّ أولادنا الذين هاجروا بحثًا عن مستقبل لهم، إن عاد الوطن الذي يحلم به كلّ لبنانيّ ستعود الأغلبيّة منهم إليه ويستثمروا فيه ويؤسّسوا لأولادهم مستقبلًا في بلد الأرز".
"ليبق ايماننا بوطننا ورجاؤنا بربّنا لنتعاون جميعًا وصولًا إلى هذه الأهداف".