"إيماننا بمجيء الربّ، يضعنا في موعد دائم معه":البطريرك الراعي
قال البطريرك الراعي: "يتناول إنجيل اليوم النهايات والواقعات الجديدة التي تحصل في آخر الأزمنة، ويظهر معها مجيء المسيح ابن الإنسان في مجده: "فتظهر في السماء علامة ابن الإنسان وترى الشعوب المرتعدة والنائحة ابن الإنسان آتيًا بقدرة ومجد عظيم"(متّى 24: 30).
النصّ الإنجيليّ مؤلّف من أربعة أقسام:
القسم الأوّل: ينبّهنا الربّ يسوع من محنة التضليل التي يواجهها المؤمنون والمؤمنات على يد مضلّلين يسميّهم الربّ "المسحاء الكذبة" و"الأنبياء الكذبة".
القسم الثاني: يستعرض ربّنا يسوع علامات نهاية الأزمنة: "الشمس والقمر يظلمان، والنجوم تتساقط، والفلك يتزعزع".
القسم الثالث: يصف ربّنا مجيئه الثاني بالمجد: "تظهر علامة ابن الإنسان، حاملًا صليب الفداء، آتيًا على السحب بقوّة ومجدٍ عظيم".
القسم الرابع: يتكلّم الربّ على قيامة الموتى، وجمع كلّ الجنس البشريّ، وحشده أمامه بواسطة ملائكته الذين يدعون المختارين بصوت البوق".
وقال: "نحن نعلن في قانون الإيمان مجيء الربّ يسوع بالمجد، ونضيف: "ونترجّى قيامة الموتى والحياة الجديدة". انتظار مجيء الربّ بالمجد قائم منذ صعوده إلى السماء، كما وعد الملاك التلاميذ الأحد عشر (راجع أعمال 1: 11). ولكن لا أحد يعلم موعد مجيئه الذي حدّده الآب(أعمال 1: 7). غير أنّ المسيح الربّ ظلّ على أرضنا من خلال كنيسته. وهو يواصل عمل الفداء فيها بقوّة الروح القدس. وهكذا ملكوت المسيح حاضرٌ سريًّا في الكنيسة، التي هي زرعه وبدايته على الأرض (نور الأمم، 5). ويكتمل الملكوت بانتصار الله النهائيّ على الشرّ بمجيء المسيح بالمجد في نهاية الأزمنة. فيكون انتصار الخير النهائيّ على الشرّ، كما جاء في مثل القمح والزؤان (متّى 13: 37-40).
أردف البطريرك: "إيماننا بمجيء الربّ بالمجد للدينونة، يضعنا في موعد دائم معه كلّ يوم، لأنّه يأتي إلينا كلّ يوم بكلامه الإنجيليّ، وبإلهامات الروح القدس، وبنعمة الأسرار التي تقوّينا وتعطينا المناعة بوجه تجارب الحياة. مجيئه بالمجد هو خاتمة مجيئه اليوميّ المتكرّر عبر الناس أجمعين. وهكذا ينتصر على الشرّ، ويعمّ الخير. المسيحيّون مدعوّون إلى خلق هيكليّة خير في وجه هيكليّة الشرّ.
تابع البطريرك: "إيماننا بالنهايات والواقعات الجديدة بعد الموت ونهاية العالم، يتّخذ حالة الانتظار والرجاء، ونعني بها حالة الالتزام. الإيمان بالمسيح، مع تمييزه من "المسحاء الكذبة"، ينير دربنا ودرب الذين يبحثون عن الله، وينير حوارنا مع أتباع الديانات الأخرى. هذا الإيمان المنير يعلّمنا أيضًأ أنّ الله يكافئ كلّ من يبحث عنه، إذ يأتي لملاقاته على طريقه ويحاوره. ما يعني أنّ الله ليس عقيدة أو شيئًا أو مبادئ ومعارف، بل هو قبل كلّ شيء شخص له أحاسيسه ومشاعره، وله علاقاته مع البشر".
أكمل البطريرك كلمته قائلًا: "لقد جاء اغتيال السيّد حسن نصرالله ليفتح جرحًا في قلب اللبنانيّين...شهادة قادة مسحيّين ومسلمين لبنانيّين ووحدة الدم والانتماء والمصير تترك لنا دعوة الأمانة والوفاء لوطن أحبّوه، وإن اختلفت رؤيتهم إلى إدارته والممارسة السياسيّة فيه...إنّ المجتمع الدوليّ مطالب بالعمل الجدّيّ لإيقاف دورة الحرب والقتل والدمار عندنا، تمهيدًا لإحلال السلام العادل الذي يضمن حقوق كلّ شعوب المنطقة ومكوّناتها. لقد آن الأوان ليدرك اللبنانيّون أن ليس لهم من معين ومساند سوى أنفسهم متضامنين متّحدين في ما بينهم، ملتزمين إدارة شؤون البيت اللبنانيّ بروح الميثاق الوطنيّ في دولة القانون والمؤسّسات..."
وبعد تعزية عائلة الراحل، أصرّ البطريرك الراعي، على أنّ لبنان لن يستطيع أن يؤدّي رسالته إلّا بحياده الإيجابيّ الناشط.
ختم البطريرك طالبًا الصلاة قائلًا: "فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات الأحبّاء لراحة نفوس جميع الضحايا وشفاء المرضى وعزاء عائلاتهم، ومن أجل انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة يعمل على إيقاف النار والذهاب إلى المفاوضات السلميّة والديبلوماسيّة. ونرفع المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".