لبنان
07 حزيران 2019, 13:48

"أناشيد حياة"... كتاب جديد للأب يوسف مونّس

عقدت قبل ظهر اليوم ندوة في المركز الكاثوليكيّ للإعلام، بدعوة من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام، حول "أناشيد حياة" كتاب جديد لأمين سرّ اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام الأب البروفيسور يوسف مونّس، طباعة دار سائر المشرق. شارك فيها إلى جانب الأب مونّس مدير المركز الكاثوليكيّ للإعلام الخوري عبده أبو كسم، أمين سرّ جامعة الحكمة وأمين مجلس إدارة تلفزيون تيلي لوميار ونورسات الدّكتور أنطوان سعد، مدير دار سائر المشرق الكاتب والباحث أنطوان سعد، وحضره د. الياس الحاج وأستاذ اللّاهوت في جامعة البلمند د. أديب صعب، وأعضاء من اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام ومن الإعلاميّين والمهتمّين.

 

أبو كسم

بداية رحّب الخوري عبده أبو كسم باسم رئيس اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام المطران بولس مطر بالحضور وقال:

"ليس من المستغرب أن يلتفّ حول الأب مونّس الأصدقاء والكتّاب والباحثون الّذين تعاونوا معه على مدى سنوات وأنا واحد منهم. تعود بي الذّاكرة إلى سنة 1984، يوم كنت طالبًا في السّنة الأولى في جامعة الرّوح القدس- الكسليك، وهو كان يعلّمنا مادّة الأنتروبولوجيا، عنده بعد نظر وهم في دورنا ككنهة ورهبان ورهبات على مدى 30 سنة. شاءت الظّروف أيضًا التّعاون في اللّجنة الأسقفيّة لوسائل الإعلام وكان التّعاون جيّد جدًّا بين أب وابنه، كنّا دائمًا على تفاهم تامّ رغم اختلاف المسؤوليّة، وعملنا بكلّ محبّة في سبيل خدمة الكنيسة.

كتاب "أناشيد حياة" فيه من الوجدانيّة ومن الرّوح الخالصة، فيه قراءة للذّات على مدى سنوات، يقيم فيها بموضوعيّة نجاحاته وبعض المشاكل الّتي اعترضته وإخقافاته من دون أن يشعر بشيء من الدّونيّة، ميزة الأب مونّس إذ نحج أم إذا فشل يبقى هو هو، لا النّجاح يهزّه ولا الفشل يهزّه، كتلميذ له وكزميل وكصديق، نحكي عن الأب مونّس العالم المثقّف جدًّا ويعشق العلم والثّقافة، يقرأ كثيرًا ويكتب في كتاباته وفكره، رجل لاهوتيّ رجل فيه صفات الكاهن والعالم والفنّان، وهو أوّل من دخل عالم السّينما في فيلم مار شربل في الخمسينات، نحكي عنه كشاعر كتب العديد من التّراتيل ونرتّلها في كنائسنا والقصائد وأجمل قصيدة كتبها هي عن الأمّ. نحكي عن الوجه الإعلاميّ الّذي لمع ليس في لبنان فقط بل في كلّ أقطار العالم من خلال المؤسّسات الإعلاميّة الكاثوليكيّة.
شهادتي بك أب مونّس مجروحة، أتمنّى لك طول العمر لأنّك وجه مشرق في الكنيسة، تعيش التّواضع المسيحيّ، أنت عظيم وتنهي المسيرة الّتي عشتها بالتّفرّغ للصّلاة ولكتابات أثّرت بحياتك وتعيش التّواضع الّذي طلب منّا يسوع أن نعيشه في حياتنا في الكهنوت، الله يوفّقك ويعطينا كهنة على أمثالك في الكنيسة".

 

سعد

ثمّ تحدّث د. أنطوان سعد فقال:

"في كتابك الأخير "أناشيد حياة"- ولا نريده الأخير– تحليق فوق مسيرتك وولوج إلى حقيقتك وخروج من ذاتيّتك لملاقاة الآخر وكلّ الآخرين. هؤلاء صنعوا بعض هويّتك منذ الشّبانيّة، وهي عندك المبتدأ وكلّ الخبر وكلّ الأخبار، حتّى الرّهبانيّة، بقيمها وقامات رجالها، في الطّالبيّة والابتداء، في صفوف اللّاهوت والكهنوت، وفي جامعتها الّتي عرفتك أستاذًا وعميدًا ثمّ أولادك أولياؤها رئاستها… فصرت فيها رأسًا للزّاوية، من دون أن يرذلك أحد لأنّ البنّائين أنت طليعتهم، وقد عملت مخلصًا على تركيز دارها وتعزيز دورها لإبقاء شعلة الرّوح متّئدة في جامعة الرّوح… وعلى أرض الكسليك بالذّات.

أمَّا الإعلام الّذي ارتسمت على مذابحه وحملت وسمُه "إعلاميًّا الى الأبد"، فكان له على صفحات كتابك كما في كلّ صفحات عمرك موقعه ووقعه، وقد ترعرع في حضنِ مواهبك إعلامنا الدّينيّ وتمخّضت في مكتبك في الجامعة رؤيتنا في إنشاء تلفزيون يعيد تأهيل الإنسان ولبنان ولكم وصفتنا بالمجانين وقد كنّا بحقّ كذلك… تمامًا كأولئك "السّكارى" ينطلقون من علّيّة الرّوح في مغامرة صار عمرها ثلاثين. وقد بلغت ما بلغته اليوم، ولم يكن في اليد ذاك اليوم أكثر من "خمسة أرغفة وسمكتين".

إعلامنا المسيحيّ هذا مدين لك أبتِ، كما لرفيقك في الصّمود والجهاد الخوري أنطون الجميّل، من لا تزال تتردّد في هذه القاعات بحته المحبّبة… وهل للقاعات والمساحات والمسافات أن تنكر أو تتنكّر لمن كان لإعلامنا علمه الخافق، وعلى مدى عقود عقده المتلألأ، يشع في غيابه، وهو الدائم الحضور بأقواله وأفعاله والمنجزات، الطّيّب في ذكراه والأثر، المطران الكبير رولان أبو جوده؟!

ففي أناشيد الحياة تزهو الحياة وتزهر ويتراجع الموت أمام دفق الحبّ الّذي لا يتوقّف وأغمار الغلال الّتي لا تنقص وفيض العطاء الّذي لا يشحّ.

 أناشيد الحياة تدوّي في الكون والعالم والتّاريخ، تتراكم وتتزاحم، تعيش مع المقيمين هنا ومع المنتقلين إلى هناك، فالحياة واحدة ومستمرّة على الضّفّتين.

أمَّا الصّفة الأخرى فكم لنا فيها آباء وأحبّاء وأعزّاء، وقد بلغها منذ أسابيع كبيرنا في الكنيسة والوطن، ودّعناه وأودعناه تاريخ لبنان والوجدان، هو البطريرك الّذي ملأ دنياه وشغل ناسها، ومن ننشد له ومعه ومع الأب يوسف مونّس الّذي تليق به الحياة "أناشيد الحياة".

 

سعد

ثمّ تحدّث النّاشر أنطوان سعد فقال:

"أناشيد حياة" إنّها أناشيد فصول حياة تدثّرت بألوان المواسم الّتي عاش الرّاهب اللّبنانيّ المارونيّ كلّا منها حتّى الثّمالة، بمزيج دقيق من روح المغامرة وملامسة عتبة التّمرّد، ولكن من دون أن يتجاوزها. من مسرح الطّفولة إلى خشبة المسرح إلى الشّاشة الصّغيرة والفضّيّة، فالمنبر الجامعيّ والأوساط والمراتب الأكاديميّة الرّفيعة، يستعرض الكاتب مراحل حياته، وما رافقها من أحداث، كمشاهد متلاحقة قدّمها بأفضل ما يمكنه، وطبع كلّ مشهد منها بخاتمه الخاصّ، حتّى تكاد الحروف تُسمِع صوته الّذي يعرفه اللّبنانيّون.

تظهر هذه الأناشيد- المذكّرات دور الأب البرفسيور يوسف مونّس الرّائد في الإعلام الدّينيّ ودخول المفاهيم الأنتروبولوجيّة إلى المنطقة العربيّة ولغتها، وثقافة حقّ الاختلاف والغيّريّة والمعيّة والائتلاف القائم على قبول الآخر، في مرحلة زمنيّة كان عنوانها اللّبنانيّ والعربيّ الصّهر والتّذويب.

كم كانت ممتعة عمليّة مراجعة مخطوطة هذا الكتاب وتدقيقها، فإضافة إلى متعة تذوّق جماليّة النّصّ المونّسيّ المحبوك والمحفور بعناية بإزميل الكاتب المشذّب بجماليّات الفنّ أو الذّوق الأوروبّيّ والملوّح تحت شمس المشرق والمسبوك من معدن لبنان وصخره، كانت متعة أكبر متمثّلة بالعودة إلى أكثر من ربع قرن مضى إلى مقاعد الدّراسة الجامعيّة حيث كان الأب البرفيسور معلّمًا رائعًا، قال الكثير ممّا سقط سهوًا أو تردّدًا في الصّيغة الأولى للمخطوط. فكانت متعة إضافيّة في تذكيره بها ومقارعته لإقناعه ببعض ممّا أراد إغفاله.

إلى القارئ اللّبنانيّ، تقدّم دار سائر المشرق بكلّ فخر بعضًا من تاريخه وإرثه وثقافته الّذي حمله راهب لبنانيّ مارونيّ ذات يوم وثمّره وقدّمه خمرة معتقة، لأجيال يفترض أن تحفظ الوديعة بأمانة.

 

مونّس

وإختتمت النّدوة بكلمة الأب مونّس فقال: "توجّه بالشّكر إلى كلّ من سيادة المطران بولس مطر، وللأب عبده أبو كسم، وللمفكّر والكاتب العميق الدّكتور أنطوان سعد أمين سرّ جامعة الحكمة ولصديقه وتلميذه النّاشر القدير أنطوان سعد الّذي عمل على أعداد هذه النّسخة وعلى إعادة قراءة وتصحيح وتنسيق وطباعة أنيقة وجميلة، وللإعلاميّين رفاق الدّرب الإعلاميّ الطّويل الشّاقّ وللعاملين في المركز الكاثوليكيّ للإعلام وللحاضرين، وفّقكم جميعًا وحفظكم في رعايته وحمايته وآجركم تعبكم واهتمامكم.

أناشيد حياة هي أناشيد فرح الحياة بالرّغم من الجراح والمعاناة والبقاء الرّأس مرفوعًا يصلّي صلاة الرّجاء من دون أن يغلبني لا اليأس ولا المرارة ولا الكراهيّة ولا الحقد ولا الضّغينة بل بقيت أقف على أرض المحبّة أزرع حبًّا حيث أمر وأنشر سلامًا وبهجة وأملاً ورجاء حيث أكون وأصلّي لأبقى في سكينتي وعلى القيم الّتي أخذتها من أهلي وضيعتي ومدرستي ورهبنتي وجامعتي واختصاصي وتدريسي وطلّابي واختباري.

هذا أنا في معطوبيّة وجودي الكيانيّ والجسديّ وقناعتي بفلسقة المعيّة الوجوديّة والمعطوبيّة الوجوديّة بإختيار أنتروبولوجيا الكائن على مفاصل التّاريخ والجغرافيا والوجود.

آمل في هذا الكتاب أن أكون صلّيت وصارت كلماتي مزمور صلاة وفرح ونشيد وغلّة محبة بين أيدي من يقرأ الكتاب "فخذ الكتاب وإقرأ".