"ألعاب الحرب" وتجارة الموت
"أودّ أن أشير إلى نفاق الحديث عن السلام والانغماس في الحرب. في بعض البلدان التي يكثر فيها الحديث عن السلام، تتركّز الاستثمارات الأعلى عائدًا، في إنتاج الأسلحة. هذا النفاق يؤدّي دائما إلى الفشل. فشل الأخوّة، فشل السلام".
قال البابا فرنسيس هذه الكلمات في 25 تشرين الثاني/نوفمبر في أثناء احتفاله بالذكرى 40 لمعاهدة السلام بين الأرجنتين وتشيلي التي أنهت نزاع قناة بيغل.
تجد كلماته تأكيدًا مأساويًّا إضافيًّا في البيانات الصادرة مؤخّرًا عن SIPRI. تستمرّ صناعة الأسلحة في النموّ، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 4.2٪ العام الماضي لتصل إلى 632 مليار دولار (+19٪ منذ عام 2015).
ومن المفجع أنّ الإحصاءات الأخرى المرتبطة بهذا الارتفاع معروفة جيّدًا: عدد القتلى والجرحى العسكريّين والمدنيّين، والمدن المدمّرة، والنازحين، والمستقبل المسروق من أجيال من الشباب، والدمار البيئيّ.
يستخدم أسقف روما الإشارة اللافتة للنظر إلى "اللعب في الحرب". عندما يتمّ التعامل مع الحروب عقليًّا كنوع من "الألعاب"، سواء كانت سياسيّة أو عسكريّة، فهذه علامة على أنّ الرغبة في معالجة جذور الصراعات قد فُقدت.
ويعكس هذا الموقف الافتقار إلى الرغبة في فهم أسباب الحرب والعمل على إيجاد حلول. إنّها علامة على أنّ قيمة السلام الحوار التفاوض في حلّ النزاعات غابت في النسيان.
علاوة على ذلك، عادة ما تتضمّن الألعاب منافسة، مع فائز وخاسر ، وهو أمر مقبول تمامًا لمباراة تنس أو لعبة شطرنج. ولكن، عندما يشمل "ألعاب الحرب" الدول، فإنّه يتناقض مع مفهوم الأخوّة الإنسانيّة والقانون الدوليّ.
من خلال فضح نفاق أولئك الذين يسعون إلى الاستفادة من الحرب، غير مبالين بعواقبها الكارثيّة، يوجّه البابا فرنسيس نداء عاجلًا إلى ضمائر القادة السياسيّين والجميع.
ويدعو إلى وضع حدّ لممارسة الأعمال التجاريّة على حساب الآخرين، وعلى حساب السلام، على حساب الأضعف والبشريّة جمعاء.
هذا نداء روحيّ عميق، يتطلّب صلاة مكثّفة من الكنيسة بأسرها، خصوصًا في زمن المجيء هذا.
إنّه يستدعي "أمير السلام" لإلهام الأفكار والأقوال، وقبل كلّ شيء الإجراءات التي تمكّن من إدارة الحياة السياسيّة الدوليّة بجدّيّة، برؤية استشرافيّة تأخذ في الاعتبار المستقبل والأجيال المقبلة.
إنّ الاعتراف بأنّ عالمنا بحاجة ماسة إلى "تنازلات مشرّفة" - مثل تلك الموقّعة بين الأرجنتين وتشيلي بوساطة الفاتيكان قبل أربعة عقود - يجب أن يسود على "ألعاب الحرب" للأقوياء.
"أدعو الله أن يمنح المجتمع الدوليّ أن يجعل قوّة القانون تسود من خلال الحوار، لأنّ الحوار "يجب أن يكون روح المجتمع الدوليّ".