دينيّة
18 كانون الأول 2024, 10:00

"أرسل الله ابنه الوحيد نورًا للأمم"

تيلي لوميار/ نورسات
بقلم الأبّ البروفسّور يوسف مونّس

 

السكون يملأ الليل والبرد يَغمر القرية الصغيرة بيت لحم، والصقيع يلفّ مراعي الضيعة حيث يسهر رعيان على قطعانهم

ورجل وامرأة يبحثان عن موضع تَقدر أن تلد فيه المرأة مريم وقد حان وقت وضعها...

في السماء ملائكة ترنّم وتبشّر وتهتف: المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام وفي الناس المَسرّة، لقد ولد يسوع المسيح مخلّص العالم!!!  

وفي الشرق نجم يَشعّ يتبعه ملوك مجوس حاملين الهدايا ذهبًا ومرًّا ولبانًا آتين ليسجدوا للملك المولود

وفي الكون يَضجّ صوت بلعام النبيّ الأعمى يصرخ ويقول: "أراه وليس بقريب، أسمعه وليس ببعيد"، وملاك أتى في هذا الليل يقول للرعيان: "هيّا قوموا انطلقوا لقد ولد لكم اليوم مخلّص، وهو الربّ يسوع المسيح".  

وهَبَّ الرعيان منطلقين وأتوا ليروا ما قال لهم الملاك حاملين له هدايا من حملانهم

- الميلاد وسرّ لقاء الله بالإنسان

وتجسّد يسوع لأجل خلاصنا،  

الميلاد هو سرّ حبّ الله للبشريّة لأنّ الله محبّة، فعندما لم يقدر الإنسان العودة إلى الله، أتى الله بنفسه إليه. وصار سرّ الميلاد هو سرّ عمّانوئيل أيّ الله معنا وصار إنسانًا مثلنا، أخذ جسدًا مثل جسدنا واجتمع في شخص يسوع اللاهوت كاملًا بالناسوت كاملًا، من دون أيّ انتقاص من أحدهما وهذا ما قرّره مجمع خلقدونية(451)

التيولوجيا والأنتروبولوجيا التقيا

وفي يسوع المسيح الطبيعة الإلهيّة كاملة والطبيعة الإنسانيّة كاملة، وكذلك المشيئة الإلهيّة كاملة كما المشيئة الإنسانيّة  

التيولوجيا والأنتروبولوجيا اجتمعتا كاملتيْن في شخص يسوع المسيح المتجسّد من مريم العذراء بقوّة الرّوح القدس والمولود منها كما أعلن وقال لها الملاك جبرائيل، هذا هو المعنى التيولوجيّ اللاهوتيّ للميلاد  

علينا أن نعيش الميلاد في حياتنا

ونحن كيف نعيش الميلاد !؟  

علينا أوّلًا أن نعرف ما تقوله الكتب المقدّسة عن شخص يسوع المسيح وألوهيّته وإنسانيّته ونؤمن به

وعلينا ثانيًا أن نؤمن بما تعلّمه الكنيسة والمجامع حول شخص يسوع المسيح

وعلينا ثالثًا أن نعيش حقيقة الميلاد بالمحبّة والمصالحة والمسامحة والغفران والعطاء والمشاركة، ولا نكتفي بلبس الثياب الجديدة والمآكل الفاخرة وشرب الكحول والسهر، وننسى قريبنا ومعنا الأيتام والأرامل والعائلات الفقيرة والمعدومة بخاصّة في هذه الأيّام الغالية والساحقة للمساكين والبؤساء والمرضى والجياع والمشرّدين والغرباء، الذين ينامون في البرد في الشوارع وعلى الطرقات...