لبنان
07 نيسان 2023, 19:58

يونان يوجّه رسالة إلى الأساقفة والكهنة بمناسبة "خميس الأسرار"، ماذا في مضمونها؟

تيلي لوميار/ نورسات
وجّه بطريرك السّريان الأنطاكيّ مار اغناطيوس يوسف الثّالث يونان رسالة إلى الأساقفة والكهنة بمناسبة "خميس الأسرار"، جاء فيها:

"إخوتي الأجلاء أصحاب السّيادة رؤساء الأساقفة والأساقفة الجزيلي الإحترام

وأبنائي الأحبّاء الخوارنة والكهنة الأفاضل

بعد إهدائكم البركة الرّسوليّة والمحبّة والسّلام بالرّبّ يسوع مخلّصنا ومثالنا في الخدمة الكهنوتية:

"إصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19)

أكتب إليكم لأشارككم الفرح في هذا اليوم المبارك الذي فيه نعيّد معاً عيد تأسيس سرّ الكهنوت الذي له كرّسنا ذواتنا وحياتنا، وفيه أيضاً منح الرب يسوع العالم سرّ الإفخارستيا، سرّ جسده ودمه الأقدسين، وذلك في العشاء الفصحي الأخير الذي تناوله مع تلاميذه ليلة آلامه وموته فداءً للعالم، وجعل منهم خدّاماً لهذا السرّ الإلهي، بقوله: "اصنعوا هذا لذكري" (لو22: 19).

في هذا اليوم العظيم، مكمّل الرموز والأسرار، استودعنا الرب يسوع سرّ المحبّة الحقيقية الكاملة. فقام عن العشاء وخلع ثيابه وانحنى أمام تلاميذه وغسل أقدامهم، معلّماً إيّاهم وكلّ الأجيال من بعدهم، الخدمة الباذلة بالتواضع والوداعة، وموصياً إيّاهم أن يقتدوا بعمله هذا: "لقد تركتُ لكم قدوةً" (يو13: 15).

أيّها الإخوة الأحبّاء في الكهنوت، 

في هذا العيد، نجدّد معاً العهد الذي قطعناه على أنفسنا، كلٌّ منّا يوم رسامته الكهنوتية والأسقفية، أمام المسيح الكاهن الأزلي، راعي الرعاة الأعظم، الذي لبّينا دعوته وتبعناه بملء حرّيتنا، كي نعمل جاهدين على نشر كلمته بالقول والفعل وبسيرة حياتية ترضي قلبه الأقدس، مقتدين به وأمناء لتعاليمه التي أعطانا إيّاها في الإنجيل المقدس، وسلّمتنا إيّاها الكنيسة المقدسة.

وها هو مار يعقوب السروجي يذكّرنا بعظمة هذا اليوم الذي فيه كمّل الرب يسوع الأسرار والرموز، إذ اشترك تلاميذه في سرّ جسده ودمه وأصغوا لتعليمه: «ܐܳܟܠܺܝܢܦܰܓܪܶܗܘܰܓܢܶܐܥܰܡܗܽܘܢܥܰܠܦܳܬܽܘܪܳܐ܆ܘܫܳܬܶܝܢܠܰܕܡܶܗܘܫܳܡܥܺܝܢܩܳܠܳܐܕܡܰܠܦܳܢܽܘܬܶܗ. ܘܡܰܫܪܺܝܢܕܰܩܛܺܝܠܟܰܕܚܳܝܪܺܝܢܒܶܗܕܚܰܝܘܰܡܡܰܠܶܠ܆ܘܰܚܠܺܝܛܥܰܡܗܽܘܢܟܰܕܐܳܟܠܺܝܢܠܶܗܕܠܳܐܦܽܘܠܳܓܳܐ». وترجمته: "يأكلون جسده وهو متّكئٌ معهم على المائدة، ويشربون دمه ويسمعون صوت تعليمه. ويؤكّدون أنّه مقتولٌ وهم يحدّقون به مع أنّه حيٌّ ويتكلّم، وهو مختلطٌ معهم ويأكلونه دون تجزئة". 

ولا بدّ لي أن أتأمّل معكم بأهمّية الطاعة لله وللكنيسة، على غرار الرب يسوع الذي "أطاع أباه حتّى الموت موت الصليب" (في2: 8)، قائلاً: "لأني لا أبتغي مشيئتي الخاصّة، بل أطلب مشيئة الآب الذي أرسلني" (يو5: 30)، إذ أنّ "طعامي أن أصنع مشيئة الآب وأتمّم عمله" (يو4: 34).

كما علينا أن نتذكّر اليوم بأنّ مسيرتنا الكهنوتية تكتمل في بذل الذات لخلاص النفوس المؤتمَنين عليها، دون السعي إلى مكاسب عالمية، متحلّين بالأمانة والحكمة، وبروح التجرّد، والتواضع والوداعة: "من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن لكم خادماً" (مت20: 26). فيسوع يدعونا: "تعالوا إليّ، وتعلّموا منّي: إنّي وديعٌ ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنفوسكم" (مت11: 28-29).

يجدّد الرب اليوم أيضاً الدعوة إلى كلٍّ منّا كي نشهد في حياتنا لسرّ جسده ودمه ونعمل بتعليمه، هو الحيّ فينا، يعضدنا كلّ حين كي نتابع رسالتنا وننشرها في العالم، رغم الصعوبات والتحدّيات.

أختم بمنحكم جميعاً البركة، داعياً لكم بأسبوع آلام خلاصي يقودنا إلى الفرح والسلام في عيد القيامة المجيدة. المسيح قام، حقّاً قام. والنعمة معكم.

ودمتم للمحبّ."

‎وإحتفل البطريرك يونان بقدّاس خميس الفصح ورتبة غسل الأقدام، من كاتدرائيّة سيّدة البشارة، بيروت، لبنان، وبرتبة السّجدة للصّليب ودفن المصلوب يوم الجمعة العظيمة، من كنيسة مار بهنام وسارة، الفنار، لبنان.