لبنان
16 شباط 2024, 12:20

يونان يحتفل بالذّكرى السّنويّة الخامسة عشرة وبدء السّنة السّادسة عشرة لتنصيبه وتوليته بطريركًا على الكرسيّ البطريركيّ الأنطاكيّ

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك السّريان الكاثوليك الأنطاكيّ مار اغناطيوس يوسف الثّالث يونان، قدّاسًا احتفاليًّا بمناسبة الذّكرى السّنويّة الخامسة عشرة وبدء السّنة السّادسة عشرة لتنصيبه وتوليته بطريركًا على الكرسيّ البطريركيّ الأنطاكيّ (١٥ شباط ٢٠٠٩ - ١٥ شباط ٢٠٢٤)، في كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكيّ، في الكرسيّ البطريركيّ، المتحف - بيروت.

وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، بعنوان "وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك"، ألقى يونان عظة جاء فيها بحسب إعلام البطريركيّة: "هذا اليوم الخميس من الأسبوع الأوّل من الصّوم المقدّس، الصّوم الكبير، وقد احتفلنا برتبة المسامحة يوم الإثنين الماضي في بداية الصّوم، وتأمّلنا بهذا الطّلب من الرّبّ يسوع أنّه علينا أن نسامح بعضنا بعضًا ونغفر لبعضنا البعض الزّلات، كما نطلب من الرّبّ، أبينا السّماويّ، أن يغفر لنا زلاتنا. إذًا، كي نكون صادقين مع أنفسنا، علينا أن نعرف معنى الغفران، ونقبل بعضنا البعض، ونحتمل بعضنا البعض، كما سمعنا من مار بولس، وهذه المحبّة التي تتجسّد بقبول واحتمال بعضنا البعض هي أساس دعوتنا المسيحيّة.

الرّبّ يسوع يعلّمنا بقوله: صلّوا ولا تملّوا، أيّ علينا أن نكون دائمًا المؤمنين الذين يتّكلون على الله، ويتوجّهون إليه بصلواتهم. وفي إنجيل اليوم، يذكّرنا الرّبّ يسوع أنّه ليس بكثرة الكلام نستطيع أن نقنع الرّبّ بصلواتنا، إن لم نكن نعيش حقيقةً دعوتنا المسيحيّة، بمحبّة القريب واحترامه وصبرنا عليه وغضّ النّظر عن هفواته، وبما أنّنا بشر فنحن معرَّضون لهذه الهفوات.

هنا أيضًا علينا أن نتأمّل بهذا الموضوع الهامّ والخطير جدًا، وهو أنّ العائلات المسيحيّة التي عليها أن تكون حقيقةً متّحدةً برباط الحبّ والأمانة من قِبَل الزّوجين لبعضهما البعض، تجابه للأسف صعوبات وتحدّيات كبيرة في عالم اليوم. لماذا؟ هناك ظروف كثيرة طبعًا، لكن من أهمّ الأسباب أنّه لم يعد لدينا صبر على بعضنا البعض، ولم يعد لدينا الاحتمال لهفوات بعضنا البعض، فنبدأ بالقول، باسم الحرّيّة، إنّه علينا أن نخلق هذا الفراق بيننا وبين أقرب الأشخاص، خاصّةً بين الأزواج والزوجات. لدينا اليوم فرحة كبيرة، بعدما أعلمْنا بها سيادة أخينا المطران شارل مراد، أن نكرّم كاهنًا قدّم الخدمة الكهنوتيّة بأمانة وصبر وتقوى، فعلينا أن نعرف أن نشجّع كهنتنا كي يستمرّوا في تأدية رسالتهم. وها هو الأب ميشال حموي الذي خدمكم، اليوم في رعيّة سيّدة البشارة في بيروت، كما خدم سابقًا، أكان في البطريركيّة مع المثلّث الرّحمات البطريرك الكردينال مار اغناطيوس موسى الأول داود، وأكان في رعيّة زحلة، فرعيّة طرابلس، ثمّ في دير الشّرفة والإكليريكيّة. إنّنا نشكر الأب ميشال على خدماته وتضحياته ومثاله بإعطاء المؤمنين التّقوى الضّروريّة كي نستطيع أن نكمل حياتنا حسب مرضاة الله.

نحتفل اليوم في البطريركيّة بالذّكرى السّنويّة الخامسة عشرة وبدء السّنة السّادسة عشرة لقبولي الخدمة البطريركيّة، أيّ لذكرى تنصيبي وتوليتي بطريركًا على الكرسيّ البطريركيّ الأنطاكيّ. خمس عشرة سنة مرّت، كما نعلم كلّنا، في ظروف لم نكن نتمنّاها، أكان في سوريا أو في العراق أو في لبنان، لكنّنا نعيش الرّجاء المبني على الله تعالى الذي يطلب منّا أن نكون دائمًا شعب الرّجاء. إنّ ظروف المعاناة كثيرة، لكنّنا نتذكّر أيضًا أنّ آباءنا وأجدادنا عاشوا معاناة مستمرّة أينما كانوا، أكانت اضطهاداتٍ أو تهجيرًا أو أنواعًا من القلق أو التّخويف، لكنّنا سنظلّ مهما كان شعب الرّجاء.

نحن المدعوّين لخدمة شعب الله، بطريركًا وأساقفةً وخوارنةً وكهنةً ورهبانًا، علينا أن نبقى أمناء للرّبّ يسوع الذي دعانا إلى الخدمة، فلا منّة لنا على الرّبّ والكنيسة لأنّنا نؤدّي الخدمة التي دُعِينا إليها. لذا نطلب صلواتكم كي يعطينا الرّبّ النِّعَم الضّروريّة لنتابع حياتنا، حياة الخدمة لكنيسته، التي، كما نعلم، تجابه صعوبات وتحدّيات في العالم، لاسيّما على صعيد كيفيّة المحافظة على شبابنا وتشجيعهم كي يظلّوا أمناء للرّبّ يسوع".

وإختتم متضرّعًا "إلى الرّبّ يسوع، الرّاعي الصّالح، كي يعطينا ويمنحنا على الدّوام نِعَمَه الضّروريّة لنتابع مشوار خدمتنا بالأمانة والتّفاني، سائرين على الدّوام بمقتضى الشّعار الذي اتّخذناه لخدمتنا البطريركيّة "صرتُ كلاً للكلّ" (١كور ٩: ٢٢)، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النّجاة، ومار أفرام السّريانيّ الذي سنحتفل بعيده يوم السّبت القادم في كاتدرائيّة مار جرجس في الباشورة – بيروت، ومار اغناطيوس، وجميع القدّيسين والشّهداء".

وقبل البركة الختامية، قام البطريرك يونان بإلباس الأب ميشال حموي الصّليب المقدّس والخاتم، تقديرًا لخدمته الكهنوتيّة المتفانية منذ ٢٦ سنة، في جوّ روحيّ يغمره الفرح، ووسط التّصفيق والتّهليل.