لبنان
02 كانون الثاني 2024, 12:15

يونان: نصليّ من أجل السّلام!

تيلي لوميار/ نورسات
على مذبح كنيسة مار إغناطيوس الأنطاكيّ في الكرسيّ البطريركيّ- المتحف، احتفل بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان بقدّاس عيد ختانة الرّبّ يسوع ورأس السّنة الجديدة ويوم السّلام العالميّ وعيد مار باسيليوس ومار غريغوريوس، خلال قدّاس إلهيّ عاونه فيه القيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة المونسنيور حبيب مراد، وأمين السّرّ المساعد في البطريركيّة وكاهن إرساليّة العائلة المقدّسة للمهجَّرين العراقيّين في لبنان الأب كريم كلش، بحضور ومشاركة الكاهن المساعد في إرساليّة العائلة المقدّسة الأب طارق خيّاط، والشّمامسة، وجمع من المؤمنين.

في عظته، تمنّى ونان "لجميع أحبار الكنيسة وأبنائها وبناتها من إكليروس ومؤمنين، سنةً جديدةً مليئةً بالخير والسّلام والأمان والصّحّة والعافية والفرح، وفيض النِّعَم والبركات، فيتبدّد الخوف والقلق، ويعمّ الاستقرار والرّجاء بالآتي من الأيّام، سواء هنا في لبنان، وفي سوريا والعراق وبلدان الخليج العربيّ ومصر والأردنّ والأراضي المقدّسة وتركيا، وفي بلدان الانتشار في أوروبا والأميركيّتين وأستراليا".

ثمّ قال بحسب إعلام البطريركيّة: "سمعنا من الإنجيل المقدّس أنّه طُلِبَ من الرّبّ يسوع أن يقرأ في الكتاب المقدّس خلال وجوده في مجمع النّاصرة، ففتح الكتاب، وكانت القراءة من نبوءة إشعيا النّبيّ القائل: روح الرّبّ عليّ، لأنّه مسحني لأبشّر المساكين، أرسلني لأشفي المنكسري القلوب، لأنادي للمأسورين بالإطلاق، وللعمي بالبصر، وأرسل المنسحقين في الحرّيّة، وأكرز بسنة الرّبّ المقبولة. لقد كانوا يقرأون من الكتاب المقدّس، والّذي يقرأ، وهو المترئّس، الكاهن، يشرح ويعظ، لذلك نحن أيضًا اليوم في القدّاس، بعدما نسمع كلام الله في الكتاب المقدّس، يعطي المترئّس العظة، كي يطبّق المؤمنون ما جاء في الكتاب المقدّس.

وتايع: "اليوم أوّل السّنة، وقد عشتم هذه اللّيلة مع بعض كعائلة واحدة تجمع، كي يفرح أفرادها مع بعضهم البعض ومع الأهل والأحبّة، ويعيشوا بالرّوح هذا اليوم الّذي هو استقبال سنة جديدة.

إنّ الكنيسة تحيي في هذا اليومِ، اليومَ العالميّ للسّلام، هذه المناسبة الّتي وضعَتْها الكنيسة بشخص الأحبار العظماء، أي البابوات، وفيها يوجّه قداسة البابا رسالةً في موضوع السّلام. وجاءت رسالة قداسة البابا فرنسيس لهذا العام 2024 بعنوان: الذّكاء الاصطناعيّ والسّلام. لقد خصّصت الكنيسة هذا اليوم للسّلام كي يبدأ المؤمنون سنتهم الجديدة بالصّلاة والدّعاء من أجل السّلام، هذا السّلام الّذي ذكره الرّبّ يسوع بشكل واضح في موعظته على الجبل حين قال: طوبى لفاعلي السّلام فإنّهم أبناء الله يُدعَون".

ورفع يونان الصّلاة من أجل السّلام في العالم قائلاً: "جميعنا نعرف جيّدًا الأوضاع الّتي نعيشها في بلداننا والعالم. نصلّي من أجل السّلام، كي يعيش النّاس أجمعين راحة البال والاستقرار، فيعرفوا أن يفكّروا ويبنوا مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم. ونصلّي من أجل السّلام في الأراضي المقدّسة، وخاصّةً في غزّة، لاسيّما كي يصل المتنازعون إلى حلّ يحفظ حقوق الجميع، ليتمكّنوا من العيش معًا في هذه الأرض المدعوّة كي تكون أرض السّلام، ولا ننسى أنّ أورشليم تعني مدينة السّلام.

اليوم أيضًا حافل بالأعياد والمناسبات، فالكنيسة تحتفل بعيد ختانة الرّبّ يسوع بعد ولادته بثمانية أيّام، أيّ في اليوم الثّامن بعد عيد الميلاد. في الإنجيل المقدّس، سمعنا اليوم أنّ يسوع كان ينمو، ليس فقط جسديًّا، وإنّما كان ينمو أيضًا بروح الله، لأنّه هو الكلمة المتأنّس، هو الله بالذّات، لكنّه تأنّس بهذا السّرّ العظيم الّذي نسمّيه سرّ التّجسّد، كي يمنحنا الخلاص الحقيقيّ بالفداء. ليس هناك أروع من الشّخص الّذي يبذل ذاته فداءً عن الآخرين، ونحن اليوم نسمّي هؤلاء شهداء.

كما كان يسوع، نحن أيضًا علينا أن نعرف أن ننمو بالتّقوى والفضيلة والمحبّة وقبول الآخر، وأيضًا بالثّقة والرّجاء. وهذا الموضوع هامّ جدًّا، لأنّ ثقتنا هي بالرّبّ وحده، وليست بالأعمال الّتي نقوم بها. والقدّيس بولس الرّسول يشير في رسالته إلى أهل غلاطية إلى أنّ النّاموس أيّ الشّريعة لا تكفي، إذ أنّ الشّخص يتمّمها كي يتقدّم أكثر بالتّقرّب من الله والسّير نحو الكمال وعيش الدّعوة المسيحيّة الحقيقيّة، فيصبح القلب مختونًا أيّ مكرَّسًا للربّ. ونحن هنا كعائلة روحيّة واحدة تنمو بالرّبّ، نصلّي من أجل العائلة الّتي تجمع الأب والأمّ والأولاد بروح الرّبّ يسوع، كي تستطيع أن تتابع مشوار الحياة أينما كانت، ومهما كانت الظّروف صعبة ومؤلمة، فالعائلة المسيحيّة تستمرّ بعيش الثّقة التّامّة بالرّب يسوع".

وتطرّق يونان إلى "عيد آخر تحييه كنيستنا السّريانية اليوم، عيد أبوَين مشهورَين في الكنيسة، شرقًا وغربًا، وملفانَين، أيّ معلّمَين من آباء الكنيسة ومعلّميها، هما مار باسيليوس ومار غريغوريوس، وقد عاشا في آسيا الصّغرى، وشرحا الإيمان، وثبّتا المؤمنين. فنسأل شفاعتهما وصلاتهما كي يقوّينا الرّبّ يسوع في متابعة الشّهادة لإيماننا به رغم كلّ التّحدّيات والصّعوبات".

وابتهل "إلى الرّبّ يسوع أن يبارك سنتنا الجديدة 2024، ويحلّ أمنه وسلامه في بلادنا ومنطقة الشّرق الأوسط، لاسيّما لبنان الّذي تخضّه التّوتّرات والأزمات الأمنية والسّياسية والاقتصاديّة والمعيشيّة، وبشكل خاصّ الأوضاع النّاجمة عن ارتدادات الحرب في غزّة والأراضي المقدّسة على المناطق الحدوديّة في الجنوب اللّبناني، فضلاً عن إحجام أعضاء المجلس النّيابي عن انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، والجمود المخيف الذي يطال الاقتصاد ويهدّد وجودنا في هذه الأرض الطّيّبة لبنان.

نضرع إلى الرّبّ يسوع، الّذي هو ملك السّلام، أن يحلّ أمنه وسلامه في العالم كلّه، حتّى يتمكّن كلّ الناس أن يعيشوا بسلامه، وبالثّقة التامّة بأحكامه، وبالرجاء أن تكون السنة الجديدة سنة خير وبركة على الجميع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النّجاة، وبشفاعة القدّيسين الأبوين والملفانَين المشهورين مار باسيليوس ومار غريغوريوس، حتّى يعمّ السّلام في العالم كلّه".

وبعد البركة الختاميّة، التقى يونان بالمؤمنين الّذين قدّموا له التّهاني بحلول العام الجديد.