يونان: لا يمكننا أن نعتبر أنّنا نصوم إن لم يكن قلبنا نقيًا تجاه الآخرين
وللمناسبة، توجّه يونان إلى المشاركين في الرّتبة بعظة عنوانها "فرحين في الرّجاء"، تحدّث فيها على ضوء رسالة مار بولس إلى أهل روما، والّتي فيها يحثّ بولس كنيسة روما ومؤمنيها على عيش دعوتهم المسيحيّة بالفضائل الّتي يمارسونها، لاسيّما المحبّة والغفران والتّحنُّن على المحتاج، متوقّفًا عند طلبه منهم أن "يكونوا فرحين بالرّجاء".
وقال يونان: "في هذه الأيّام الصّعبة الّتي نعيشها، كيف نستطيع أن نكون فرحين؟ نعرف جيّدًا أنّ الله أب، ونصلّي إليه، ونطلب منه البركة والغفران كأب سماويّ يفرح بعودة الخاطئ، هذا الفرح ضروريّ لنا في هذه السّنة الّتي هي سنة يوبيليّة، يوبيل الرّجاء. نعلن معًا قانون إيماننا الّذي أعطانا إيّاه آباء مجمع نيقية عام 325، وفي هذه السّنة نحتفل بذكرى 1700 سنة على انعقاد هذا المجمع النّيقاويّ. لهذا في كلّ قدّاس نحتفل به، نكرّر قانون إيماننا بإله واحد ذي ثلاثة أقانيم، بسرّ التّجسُّد والفداء، بالرّوح القدس الّذي أتمّ هذا التّدبير الإلهيّ، وبالكنيسة الواحدة الجامعة المقدّسة الرّسوليّة".
وطلب البطريرك "من الجميع بإلحاح، وبشكل خاصّ في رتبة المسامحة هذه مع بدء زمن الصّوم، أن نصلّي من أجل قداسة البابا فرنسيس الّذي يتلقّى العلاج في المستشفى، كي يمنحه الرّبّ الشّفاء الكامل".
وأعرب- بحسب إعلام البطريركيّة- عن "الفرح الكبير بخبر أتانا من أبرشيّة حمص، شابّ إكليريكيّ بالكاد كان عريسًا جديدًا في حمص، خُطِفَ لعشر سنوات على يد الإرهابيّين، والبارحة تمّ تحريره، ونشكر الله على ذلك. إنّها فرحة كبرى له ولعائلته ولأبرشيّته ولكنيستنا ولنا جميعًا، ونحن نعرفه مع أصحاب السّيادة والآباء الكهنة حين كان إكليريكيًّا في إكليريكيّة سيّدة النّجاة البطريركيّة بدير الشّرفة".
وتابع موضحًا: "نبدأ اليوم زمن الصّوم المبارك، وفي كنيستنا السّريانيّة لدينا التّقليد أن نصلّي طالبين الغفران الّذي يمنحنا إيّاه الله الآب، ونحن ندعوه أبانا الّذي في السّماوات، فهو يطلب منّا أن نغفر لبعضنا البعض. نعم، نردِّد كلمة الغفران والمسامحة كثيرًا، وعلى هذه الرّتبة أن تذكِّرنا بواجبنا، فنحن لا نستطيع أن نكون تلاميذ الرّبّ يسوع إن لم يكن لدينا استعداد لنسامح بعضنا بعضًا. تقولون هناك حالات صعبة جدًّا، صحيح للأسف هذا التّباعد بين أعضاء العائلة الواحدة يجعل قلب الإنسان صلبًا، فلا ينفتح على القريب. كما ندرك المشاكل الّتي تحدث هذه الأيّام في العائلة، وأسبابها عديدة، وأبرزها التّشبُّث بالرّأي الخاصّ، والكبرياء، والأنانيّة، والاعتداد بالنّفس، بأنَّنا نملك الحقّ وأنَّ غيرنا هو الخاطئ.
أمّنا الكنيسة تدعونا كي نعيش حقيقةً فضيلة الغفران والمسامحة، ولا يمكننا أن نعتبر أنّنا نصوم إن لم يكن قلبنا نقيًّا تجاه الآخرين، مهما كانت ظروف الخلافات الّتي حدثت في العائلة الواحدة، والرّبّ هو الآب السّماويّ، وهو يعطينا النّعمة كي نتمّم إرادة الرّبّ يسوع، فنغفر لبعضنا البعض. واليوم نحتفل بهذه الرّتبة المقدّسة، رتبة المسامحة، الّتي سنكملها بدهن جباهكم بالزّيت، زيت الفرح والرّجاء. صحيح أنّنا سنتألَّم ببعض الإماتات، لكنّنا سنبقى فرحين لأنَّ الرّبّ معنا. في صومنا نتشبَّه بالرّبّ يسوع الّذي صام أيضًا أربعين يومًا، نتشبَّه بيسوع المصلوب، كي نستطيع أن نشترك معه في مجد القيامة".
وإختتم البطريرك يونان عظته قائلًا: "نتابع صلاتنا ونحن ضارعون إلى الله كي يتحنّن ويشفق علينا، فنتشجَّع ونعيش الإيمان والرّجاء بمسامحة بعضنا البعض. نتمنّى للجميع صومًا مباركًا ومقبولًا يقودنا إلى فرح عيد قيامة الرّبّ المجيدة."
ثمّ، وبحسب الطّقس الكنسيّ السّريانيّ الأنطاكيّ الخاصّ بهذه الرّتبة، جثا يونان على الأرض طالبًا المغفرة من المؤمنين، وحاثًّا إيّاهم على تبادُل الغفران والمصالحة كي يرضى الله عنهم جميعًا.
وبحسب الطّقس السّريانيّ، قام بدهن جباه الأساقفة والكهنة والمؤمنين بالزّيت، علامة الابتهاج بقدوم زمن الصّوم الكبير.