يونان في ليلة الدّنح: سنبقى أبناء الرّجاء راسخين بالإيمان والمحبّة
في بداية القّداس، وبحسب إعلام البطريركيّة، أقام رتبة عيد الدّنح وتبريك المياه بحسب الطّقس السّريانيّ الأنطاكيّ، فوشّح أحد المؤمنين بخمار أبيض ممثّلًا إشبين الرّبّ يسوع بحسب العادة المتَّبَعة. وطاف بزيّاح مهيب داخل الكنيسة، يتقدّمه الإكليروس والإشبين حاملًا قنّينة الماء الّتي يعلوها الصّليب المقدّس.
بعدئذٍ بارك المياه المهيَّئة كي يأخذها المؤمنون للبركة، والصّحّة نفسًا وجسدًا وروحًا، والحماية من المضرّات، ونيل النِّعَم والمعونات. ثمّ أقام بركة الجهات الأربع بالصّليب المقدّس والمياه المبارَكة.
وفي عظته بعد انتهاء الرّتبة، تحدّث يونان عن هذا اليوم "ليلة عيد الدّنح"، وقال: "الدّنح كلمة سريانيّة ܕܶܢܚܳܐ تعني الظّهور، الظّهور الإلهيّ، ظهور الرّبّ يسوع في نهر الأردنّ، وهو ابن الآب وكلمته الأزليّ، وقد حلّ عليه الرّوح القدس. هذا العيد، عيد الظهور الإلهيّ، عيد قديم في المسيحيّة، لا بل هو أقدم عهدًا من عيد الميلاد في 25 كانون الأوّل. فالمسيحيّون كانوا يحتفلون بظهور يسوع، وقد سمعنا مار بولس الرّسول في رسالته إلى تلميذه تيطس يذكّره بأنّ رحمة اللّه ظهرت لنا في آخر الأزمنة بالمسيح.
إنّ ظهور يسوع لنا كمسيح مخلّص يدلّ على الرّحمة الإلهيّة الّتي تحنّنت علينا، نحن البشر، وتجلّت بظهور المسيح بولادته متأنّسًا في أحشاء مريم العذراء، وظهوره في نهر الأردنّ كأحد الأقانيم الثّلاثة من الثّالوث الأقدس، وقد شهد عنه يوحنّا المعمدان قائلًا: يأتي بعدي من كان قبلي، أيّ أنّ المسيح الّذي تعمَّد على يد يوحنّا المعمدان هو ابن اللّه المخلّص، بشهادة يوحنّا المعمدان. هذا العيد إذًا، عيد عماد يسوع وظهوره، عيد مهمّ جدًّا في المسيحيّة، وهو من أقدم الأعياد بعد عيد القيامة".
ولفت يونان إلى أنّ "الكنيسة تحتاج إلى محبّة الجميع، كي يكونوا شهود الخلاص لمن هم حولهم وللعالم الّذي يعيشون فيه، ونعلم جيّدًا مدى الآلام والمعاناة والاضطرابات الّتي تحصل حولنا في بلدان عدّة في شرقنا. فهنا في لبنان، نأمل، كما يَعِدوننا، أن نصل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة في الأيّام القريبة القادمة. لكنّ المهمّ أن يكون هؤلاء النّوّاب وكلّ السّياسيّين جدّيّين ويصرّوا على إجراء هذا الانتخاب، مهما كانت الظّروف صعبة، ومهما اختلفت الآراء والنّظريّات بين الأحزاب والقوى السّياسيّة".
وتناول "الأوضاع الرّاهنة في سوريا، حيث يحتاج إخوتنا وأخواتنا هناك إلى صلواتنا، كي يستطيع جميع المواطنين، على اختلاف تعدُّديّتهم، أكانت دينيّة أو طائفيّة أو إثنيّة، أن يعيشوا بالمساواة الكاملة، وبروح المواطَنة الحقّة، كي يظلّ أبناؤنا ثابتين وراسخين في أرض آبائنا وأجدادنا".
وفي الختام، تضّرع البطريرك يونان إلى "الرّبّ يسوع الّذي ظهر بألوهته معتمدًا في نهر الأردنّ على يد يوحنّا سابقه، أن يديم نعمته علينا، نحن المؤمنين به. والإيمان اليوم ليس أمرًا سهلًا، لذا علينا تجديد إيماننا في قلوبنا ونفوسنا كلّ لحظة، لأنّ ما نعيشه في بلادنا في الشّرق من أوضاع صعبة وتحدّيات كبيرة لا يعطينا الأمل، لكنّنا، مع ذلك كلّه، سنبقى أبناء الرّجاء، راسخين بالإيمان والرّجاء والمحبّة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النّجاة، ومار يوحنّا المعمدان، وجميع القدّيسين والشّهداء".