يونان في عيد مار موسى الحبشيّ: نحناج إلى الوداعة والتّواضع كي نستطيع أن نعيش معًا
شارك في القدّاس لفيف من الكهنة من مختلف الكنائس الشّقيقة يتقدّمهم المتقدّم في الكهنة الأب ابراهيم سعد ممثّلًا رئيس أساقفة صيدا وصور ومرجعيون وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران الياس كفوري، وحشود من المؤمنين غصّت بهم الكنيسة وساحتها، بحضور عدد من الفعاليّات.
وفي عظته بعد الإنجيل المقدّس، عبّر يونان عن سروره فقال: "فرحة كبيرة اليوم أن نكون معكم في هذه الكنيسة المبنيَّة على اسم مار موسى الحبشي، وهي أقدم كنيسة لكنيستنا السّريانيّة الكاثوليكيّة في لبنان، ويعود بناؤها لأكثر من 300 سنة. هذا الأمر يجعلنا نفتخر أنّكم تأتون إلى هذه الكنيسة الصّغيرة والبعيدة نوعًا ما، لكنّ إيمانكم يحثّكم كي تكونوا حقيقةً شهودًا للرّبّ يسوع الوديع والمتواضع القلب، فهو القائل عن ذاته: تعلّموا منّي فإنّي وديع ومتواضع القلب.
نحتاج إلى هذه الوداعة والتّواضع في حياتنا، أكنّا أشخاصًا أفرادًا أو عائلات أو مجتمعات أو كنائس أو وطن، لاسيّما أنّنا نحتاج إلى هذه الوداعة والتّواضع كي نستطيع أن نعيش معًا في هذا البلد الجميل الصّغير لبنان، وكي نعرف أن نتفهّم بعضنا ونحبّ بعضنا، ليس بالقول لكن بالعمل وبالأفعال الصّالحة، حتّى نستطيع أن نكون شهودًا للرّبّ يسوع بهذه المحبّة، لأنّ الله محبّة."
وشكر يونان الخوارنة والكهنة الحاضرين، موجّهًا شكرًا خاصًّا إلى "الأب طارق خيّاط الّذي نظّم هذا الاحتفال الرّائع، بهمّة جوق الأناشيد والشّمامسة، وكلّ الّذين ساعدوه كي نحتفل معًا بهذا القدّاس المُفرِح. نفرح كلّنا، مع جميع الّذين حضّروا هذا البرنامج. ونحن نتذكّر المرحوم الياس غصن، واليوم ميشال غصن الّذي يقوم بهذا الواجب، أن يحافظ على هذه الكنيسة الشّاهدة لحضورنا المسيحيّ في هذه المنطقة العزيزة"، مرحّبًا "بكلّ المسؤولين الرّسميّين، أكانوا في مجلس النّوّاب أو البلديّة أو بأيّ صفة. نرحّب بكم، أحبّاءنا، الّذين أتيتم من زحلة ومن أماكن بعيدة كي تحافظوا على هذا الرّباط، رباط الشّهادة لهذه الكنيسة، الّتي، ومع أنّها كنيسة متواضعة، لكنّها تحفظ بين حجارتها وجدرانها الكثير من الشّهادات الإيمانيّة".
ورحّب "بإرساليّة العائلة المقدّسة الّتي تجمع المهجَّرين، أكانوا من العراق أو من سوريا، وتعرفون أنّنا نسعى جاهدين لإظهار محبّتنا لكم، لأنّكم أعزّاء علينا وتقضون فترات صعبة بهذا التّهجير. ونحن نتذكّر أنّ المثلَّث الرّحمات المطران جرجس دلال كان من راشيّا الوادي، فقد نزح جدّه من الموصل إلى دياربكر، ثمّ قَدِمَ والده إلى راشيّا، ووُلِدَ المطران جرجس دلال هنا. الكبار منكم يتذكّرون هذا المطران الّذي اشتهر في أبرشيّتنا السّريانيّة في الموصل وفي قره قوش وكلّ القرى والبلدات العائدة لتلك الأبرشيّة في شمال العراق، وكان مثال الرّاعي الصّالح، ليس بالقول وبالكتابة، كما يستعمل البعض في وسائل التّواصل الاجتماعيّ محاولين إظهار ذواتهم بأنّهم الرّسل المبشّرين ببعض الكلمات الّتي يضعونها من حين لآخر دون أن يفكّروا أنّ المُرسَل الحقيقيّ، سواء أكان كاهنًا أو أسقفًا أو بطريركًا، هو الّذي يكون مع النّاس ويلتقي بهم ويصغي إلى صعوباتهم ويشاركهم تحدّيات العيش، خاصّةً في عالمنا المضطرب هذا.
علينا جميعًا أن نكون شهودًا للرّبّ، على مثال القدّيس موسى الحبشي الّذي وُلِدَ في الحبشة- إثيوبيا، وكان معروفًا بأنّه عبد، لكنّه كان قويًّا، وللأسف في بداية حياته لم يكن يفكّر بالرّبّ ولا بالآخرين، بل كان يحبّ أن يسيطر إذ كان قويًّا جسديًّا، لكن بنعمة إلهيّة تاب وصار ناسكًا، ثمّ قدّيسًا، وعُرِفَ، ليس فقط في إثيوبيا، لكن في مصر وسوريا ولبنان وكلّ الشّرق أيضًا. ونحن لدينا دير قريب من مدينة النّبك في سوريا على اسم مار موسى الحبشي، كان ديرًا بمثابة محطّة للحجّاج القادمين من الشّمال، أكان من تركيا أو من العراق أو من شمال سوريا، ليذهبوا إلى الأرض المقدّسة، فكانوا يقومون بمحطّة استراحة وصلاة في هذا الدّير. ونشكر الله أنّه جرى ترميم هذا الدّير من جديد، وأصبح اليوم معروفًا في العالم كلّه.
نحن على مثال آبائنا وأجدادنا القدّيسين والشّهداء، سنظلّ نشهد للرّبّ يسوع بالمحبّة والسّلام، وبالوداعة الّتي يطلبها منّا الرّبّ كلّ حين، كي نكون شهودًا حقيقيّين له، بشفاعة أمّنا مريم العذراء الّتي هي أمّنا السّماويّة، وبشفاعة مار موسى الحبشي، وجميع القدّيسين والشّهداء".
وقبل ختام القدّاس، وجّه المونسنيور حبيب مراد كلمة شكر باسم الحاضرين جميعًا إلى البطريرك يونان.
وبعد البركة الختاميّة، كان لقاء في قاعة الكنيسة استمع خلاله المؤمنون إلى توجيهات البطريرك يونان وإرشاداته ونالوا بركته الأبويّة.