يونان في عيد سيّدة فاتيما: كم نحتاج اليوم إلى السّلام!
في عظته، لفت يونان إلى تاريخ الاحتفال بعيد سيّدة فاتيما قائلًا: "إنّنا تحت أقدام سيّدة لبنان الّتي هي أيضًا عذراء فاتيما، والّتي نحتفل بعيدها في اليوم الثّالث عشر من الشّهر، وهكذا لم يعد رقم 13 للشّؤم كما يعتبره البعض، بل بالعكس، فهو بالنّسبة لنا رقم نتهلّل به بالله ونسبّحه، كما تهلّلت به مريم العذراء وسبّحَتْه، هي الّتي امتازت بالمحبّة والتّواضع. وهكذا نسأل الرّبّ كي يحفظ هذه الرّعيّة، بهمّة كاهنها الأب يوسف، حتّى تبقى هذه الكنيسة بيت الله فعلًا. وقد تحقّقت أمنيتنا بإتمام مراحل درب الصّليب بهذا الموزاييك الجميل، وإن شاء الله تستمرّ أعمال الزّينة الّتي تمجّد الرّبّ في هذه الكنيسة الّتي هي الوحيدة في السّاحل اللّبنانيّ الّتي تدعو إلى تكريم أمّنا مريم العذراء سيّدة فاتيما".
وأضاف يونان إنّ "مار بولس، رسول الأمم، يتكلّم في رسالته الّتي سمعناها اليوم، وكأنّه رسول هذا العصر، فيشدّد على أنّنا نحتاج إلى مؤمنين صادقين ونزيهين وشجعان. فلا نخاف من قول الحقيقة، ونتمسّك بالرّبّ يسوع، مهما كانت الضّغوطات والأزمات. ويتكلّم أيضًا في رسالته عن عوائق الهواء، كأنّه موجود معنا اليوم بما نسمّيه وسائل التّواصل الاجتماعيّ الّتي تنتشر في العالم كلّه، والّتي تعطي بالتّأكيد فوائد كثيرة، ولكنّها للأسف تغشّ كثيرين، ولاسيّما الشّبيبة والصّغار. فإذًا نحن لا نخاف، وعلينا أن نكون دائمًا على استعداد لنتقبّل الصّعوبات والتّحدّيات، ولنثبت بإيماننا، حتّى نحافظ على وحدة الكنيسة ومحبّة الرّبّ وإخوتنا وأخواتنا، وندعو للجميع بالسّلام".
وتابع: "كم نحتاج اليوم إلى السّلام، بشكل خاصّ هنا في لبنان، فالبلدان من حولنا، أكانت عربيّة أو غير عربيّة، بدأت تنتظم وتتدبّر أمورها، مهما كانت الظّروف. أمّا هنا في لبنان، فتبقى المشكلة وكأنّنا خُلِقْنا حتّى نظلّ نتناحر ونسعى لنتسلّح ونتقوّى بالخارج على أبناء وبنات وطننا".
وتضرّع بالتّالي "إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة أمّه وأمّنا العذراء مريم، أن يلهم جميع القيّمين على لبنان كي يبذلوا كلّ جهدهم بالحقّ والشّجاعة والنّزاهة، ليحافظوا على لبنان كرسالة للمنطقة وللعالم. ولا ننسى اليوم، وتعرفون جيّدًا ماذا جرى في البلدان المحيطة بلبنان، فالمسيحيّون، وهذا الأمر واقعيّ للأسف، يهجرون الأراضي الّتي كانت أراضي آبائهم وأجدادهم في البلدان المجاورة، ويبقون دائمًا راجين، يعيشون الرّجاء، أنّ لبنان سيبقى المأوى للجميع، لاسيّما لما نسمّيه المكوِّنات المسيحيّة في الشّرق".
وفي الختام، سأل يونان العذراء مريم "أن تنظر إلينا وتشفق علينا وتدعو لنا كي نكون حقيقةً أقوياء، حتّى نحافظ على لبنان، هذا البلد الّذي هو رسالة المحبّة والسّلام للجميع".
وكان كاهن الرعية الأب يوسف درغام قد القى كلمة رحّب فيها بالبطريرك يونان، فقال بحسب إعلام البطريركيّة: "صاحبَ الغبطة، حللتم في رعيّتنا فرحًا وسلامًا، وخاصّةً اليوم، في ذكرى الظّهور الأخير لسيّدة فاتيما الدّاعية إلى السّلام والأمان في العالم، والتّوبة في القلوب. كنتم ولا تزالون وستبقون، يا صاحب الغبطة، أبًا وراعيًا ورأسًاًومُحِبًّا لكنيستكم.
بأفواه جميعنا، نحن الموجودين هنا، من آباء كهنة وشمامسة وراهبات ومسؤولين مدنيّين، نرفع إليكم آيات الحبّ والتّقدير، ونثمّن ما تقومون به على المستويات كافّةً، ولاسيّما رعاية شؤون المؤمنين، وبشكل خاصّ اجتماعيًّا على مستوى طلّابنا في مدارس البطريركيّة، حيث تقدّمون لهم التّربية والتّعليم مجّانًا، شاكرين لكم دعمكم الدّائم، سائلين الرّبّ أن يحفظكم بالصّحّة والعافية، وملتمسين رعايتكم الأبويّة، مع بركتكم الرّسوليّة. أهلًا وسهلًا بكم، صاحب الغبطة".
وقبل نهاية القدّاس، طاف يونان في زيّاح حبريّ داخل الكنيسة وفي ساحتها، يتقدّمه الآباء الكهنة والشّمامسة والرّاهبات والمؤمنون، وهم يسيرون خلف صورة مريم العذراء سيّدة فاتيما، ليمنح بعدئذٍ البركة الختاميّة، ويستقبل المؤمنين مقدّمين التّهاني بهذا العيد المبارك.