لبنان
14 كانون الأول 2020, 13:10

يونان: سنبقى شعب الرّجاء، وسنبقى تلاميذ الرّبّ يسوع

تيلي لوميار/ نورسات
ترأّس بطريرك السّريان الكاثوليك الأنطاكيّ مار اغناطيوس يوسف الثّالث يونان الذّبيحة الإلهيّة أمس الأحد لمناسبة أحد الجلَيان (البيان) ليوسف، وعيد القدّيسين الشّهيدين مار بهنام وأخته سارة، وذلك في كنيسة مار بهنام وسارة - الفنار. عاونه رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السّينودس المقدّس مار أفرام يوسف عبّا، والقيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البطريركيّة الأب حبيب مراد، وكاهن رعيّة مار بهنام وسارة الأب ديفد ملكي، بحضور ومشاركة مدير إكليريكيّة سيّدة النّجاة - الشرفة الأب جول بطرس، وأمينَي السّرّ المساعدَين في البطريركيّة والأب روني موميكا والأب كريم كلش، والرّاهبات الأفراميّات، وجمع من المؤمنين بحسب إعلام البطريركيّة. بعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى يونان عظة جاء فيها:

"جئنا اليوم إلى بيت الله في هذه الكنيسة المباركة رغم التّحدّيات التي تجابهنا، سواء هنا وفي لبنان كلّه وفي العالم، تحدّيات هذا الوباء، فيروس كورونا الذي انتشر ويزرع الرّعب أينما كان"، وأعرب عن فرحه بالاحتفال "بعيد القدّيسين الشّهيدين مار بهنام وأخته سارة، شفيعَي الرّعيّة، اللّذين قدّما ذاتهما مع أربعين من رفاقهما، ذبيحةً تشارك الحمل الإلهيّ، ذبيحة الاستشهاد، في القرن الرّابع الميلاديّ."

وعن دير مار بهنام في سهل نينوى قال: "هذا الدّير القديم جدًا والعريق، والذي حلّت به نكبات كثيرة، لاسيّما على أيدي المجرمين التّكفيريّين الإرهابيّين الذين احتلّوا الدّير، ولكنّ نعمة الرّبّ استرجعته لنا. رهباننا الأفراميّين يعيشون اليوم ويخدمون في هذا الدّير، وفي عيد مار بهنام وسارة يتوافد إليه الآلاف من المؤمنين، كي يطلبوا شفاعة بهنام وأخته سارة لدى الله، أكان في أيّام الألم والمآسي، أو في زمن الأفراح".

وأضاف: "اليوم حسب طقس كنيستنا السّريانيّة نحتفل أيضًا بأحد الجلَيان (البيان) لمار يوسف، إذ كشف الله لهذا المختار البارّ وخطيب مريم العذراء هذا السّرّ العظيم الذي هو الحبل بكلمة الله في أحشاء العذراء".

وأردف: "كنّا ونبقى أمناء للرّبّ يسوع على مدى العصور، لسنا جددًا في الإيمان، بل نحن نحمل في قلوبنا ونفوسنا شعلة الإيمان التي أورثنا إيّاها آباؤنا وأجدادنا في الماضي، ونحن نعتزّ أن نحافظ على الأمانة لهذا التّراث الرّوحيّ الذي ورثناه من أسلافنا البررة الذين عاشوا حياتهم بشكل يوميّ مضطهَدين ومظلومين، وحاولوا أن يبقوا دائمًا أمناء للرّبّ يسوع ولتعاليم الإنجيل وللوديعة والتّراث والكنز الرّوحيّ في إيماننا المسيحيّ. نعتزّ بالشّهيدين بهنام وسارة اللّذين كانا على المستوى البشريّ أمراءً، لكنّهما ضحَّيا بكلّ ما هو أرضيّ من أجل الفوز بالإيمان بالرّبّ يسوع ونيل السّعادة الأبديّة. 

نمرّ اليوم بأزمات كثيرة، ماليّة واقتصاديّة واجتماعيّة وسياسيّة. إنّنا نتذكّر أنّ المسيحيّين، إن كانوا في سوريا أو في العراق، تحمّلوا ولا يزالون يعانون ويتحمّلون الكثير، لأنّهم أقلّيات ومكوّنات صغيرة، ونحن نفتخر أنّهم ظلّوا متجذّرين في أرضهم رغم كلّ الويلات التي حلّت بهم. هذه التّجرية التي يتعرّضون لها هي ترك البلاد التي لم تعرف أن تحميهم، لكنّنا نظلّ نذكّرهم ونذكّر الجميع أنّ آباءنا وأجدادنا تعذّبوا كثيرًا من أجل التّمسّك بإيمانهم بالرّبّ يسوع، ونحن لن نتخلّى أبدًا عن بلادنا في الشّرق، عن لبنان وسوريا والعراق ومصر والأراضي المقدّسة والأردن، بسبب الضّغوطات المتنوّعة التي نتعرّض لها من جرّاء الإرهاب الذي حلّ في السّنوات الأخيرة. إنّنا نرافق إخوتنا وأخواتنا الذين لم يجدوا حلاً ومنفذًا سوى التّهجير، نرافقهم بصلواتنا وأدعيتنا، ونسأل الرّبّ أن يكون دائمًا الحامي لهم وسبب سعادتهم في الحياة الدّنيا. يجب أن نكون ذوي مصداقيّة، فالمسيحيّون في لبنان، هذا البلد الذي كان يجب أن يكون الملجأ لجميع المظلومين، لم يعرفوا للأسف أن يستقبلوا إخوتهم من البلاد التي تهجّروا منها ويوفّروا لهم الأمان والضّمانة كي يعيشوا في لبنان بالحرّيّة الدّينيّة الحقيقيّة والكرامة الإنسانيّة.

إنّ المسيحيّين كان لهم الدّور الكبير في تأسيس لبنان، لبنان الكبير، والذي نعلم كيف ضحّى هؤلاء المسيحيّين كي يبقى لبنان مشعلاً للحرّيّة.

يحب أن نقرّ ونقرع صدورنا، لأنّ المسؤولين الذين يدّعون الزّعامة المسيحيّة في لبنان لم يكونوا على مستوى هذه المسؤوليّة التي أولاهم إيّاها الشّعب، وجميعنا نتكلّم، سواء سرًّا فيما بيننا أو علنًا، مدركين أنّ على عاتق الزّعماء والمسؤولين المسيحيّين يقع جزءٌ كبيرٌ من المسؤوليّة عمّا وصل إليه لبنان في ظلّ هذا الوضع المعيشيّ والاجتماعيّ والسّياسيّ المؤلم والذي لم نكن لنتوقّعه أبدًا، مع ذلك كلّه، سنبقى شعب الرّجاء، وسنبقى تلاميذ الرّبّ يسوع، غير ناسين ما يذكّرنا به مار بولس القائل: إن كان الله معنا فمن يقدر علينا".

وإختتم بالقول: "سنبقى نصلّي ونتضرّع إلى الرّبّ يسوع، بشفاعة أمّه مريم العذراء سيّدة لبنان، متشفّعين أيضًا بقدّيسينا وقدّيساتنا الشّهداء والشّهيدات، كي نظلّ أمناء لدعوتنا المسيحيّة، متيقّنين بحماية أمّنا السّماويّة وخطيبها مار يوسف البارّ والقدّيسَين الشّهيدَين بهنام وأخته سارة ورفاقهما الشّهداء الأربعين".