سوريا
20 تموز 2020, 09:30

يونان سمّى خوراسقفًا جديدًا لأبرشيّة حمص وحماة والنّبك وتوابعها

تيلي لوميار/ نورسات
أعلن بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان عن تسمية المدبّر البطريركيّ لأبرشيّة حمص وحماة والنّبك وتوابعها الأب جرجس الخوري خوراسقفًا، خلفًا لمثلّث الرّحمات المطران ثيوفيلوس فيليب بركات، وذلك خلال قدّاس وجنّاز الأربعين للمثلّث الرّحمات، ترأّسهما في كنيسة سيّدة النّجاة- زيدل- يوم الجمعة، عاونه فيه المدبّر البطريركيّ لأبرشيّة حمص وحماة والنّبك الأب جرجس الخوري، والقيّم البطريركيّ العامّ وأمين سرّ البرطريركيّة الأب حبيب مراد، بمشاركة لفيف من المطارنة والآباء والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات وحضور جماهير غفيرة من المؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى يونان عظة قال فيها: "شكرًا أبونا العزيز جورج المدبّر البطريركيّ لهذه الأبرشيّة المحبوبة، أبرشيّة حمص وحماة والنّبك وتوابعها،

بإسم الحاضرين أودّ أن أشكر وأرحّب بأصحاب النّيافة والسّيادة: المطران لويس، والمطران جرجس، والأسقف بولس، وممثّل المطران سلوانس، الخوارنة والكهنة الأفاضل، الشّمامسة والرّهبان والرّاهبات، أعضاء الجوقة الكنسيّة، المجالس الرّعويّة في هذه الأبرشيّة والحركات الرّسوليّة.

سمعنا بولس الرّسول، رسول الأمم، يذكّر في رسالته أعضاء تلك الجماعة المسيحيّة بأن يعيشوا دعوتهم الّتي إليها دعاهم الرّبّ من دون أيّ غشّ وكذب ونفاق، وأن يكونوا مرتبطين برباط المحبّة، وبأن يكونوا على الرّجاء مواظبين، وعلى الشّدائد صابرين. هذا الفصل الثّاني عشر من رسالة القدّيس بولس إلى أهل روما، علينا جميعًا أن نعيد قراءته ونتأمّل به كي نستطيع أن نعيش في التزام بشفافيّة لدعوتنا المسيحيّة بالعماد المقدس، دعوتنا الكهنوتيّة والرّهبانيّة عندما تكرّسنا لخدمة بيعة الله.

"تعلّموا منّي، إنّي وديع ومتواضع القلب": أردنا أن نستمع مرّةً أخرى لهذه الكلمات الرّائعة بعمقها الّتي فاه بها يسوع. نحن نعرف أنّه ليس لنا مثال أجمل وأصدق لنتبعه غير مثال الرّبّ يسوع، لأنّنا نعلم كيف أنّ علاقاتنا البشريّة كثيرًا ما يشوبها للأسف بعض الخجل أو الصّمت عن الحقيقة والكثير من الأخطاء، بينما يسوع يقول لنا: إذا كنتم ودعاء ومتواضعي القلب، فأنتم تتبعونني وأنتم تلاميذي.

إجتمعنا اليوم في الكنيسة بيت الله في هذا القدّاس كي نصلّي إلى الرّبّ يسوع، الرّاعي الصّالح، بشفاعة المثلّث الرّحمات المطران مار ثيوفيلوس فيليب بركات، حتّى نستطيع نحن الجماعة المسيحيّة، سواء في هذه الأبرشيّة، في هذه الرّعيّة، وفي غيرها من الرّعايا والأبرشيّات، أن نعيش دعوتنا المسيحيّة.

لقد اتّخذ المثلّث الرّحمات شعاره "دافع عن الحقّ إلى الموت، والرّبّ الإله يدافع عنك" (يشوع بن سيراخ 4: 33)، ومن هذا الشّعار نتعلّم أن نكون متمسّكين بالحقّ، لأنّنا نعلم أنّ الله ذاته هو الحقّ. والحقّ هو قول الصّدق على الدّوام، ممّا يجعل من التّلميذ مرافقًا لباقي التّلاميذ في الخدمة الشّمّاسيّة والكهنوتيّة والأسقفيّة وفي خدمة المؤمنين عامّةً.

أعطانا المثلّث الرّحمات الكثير من الأمثلة، أكان في خدمته الكهنوتيّة والأسقفيّة، والّتي للأسف لم تدم طويلاً، لم تدم سوى أربع سنوات. ولكن نحن نعلم أنّه بالرّغم من النّقص والضّعف البشريّ، استطاع المثلّث الرّحمات أن يخدم هذه الأبرشيّة بكلّ صدق، مدافعًا عن الحقّ ومتفانيًا في خدمة المحتاجين في هذا الزّمن الصّعب الّذي نعيشه جميعنا منذ سنوات، ويعيشه وطننا الغالي سوريا الّتي أصبحت محطّةً للإرهاب من قبل الّذين أتوا كي يغيّروا وجه هذا البلد الحضاريّ بالعنف والقوّة، وكذلك من هجمات الدّول الّتي لا تنظر إلّا إلى القشور بينما تنسى العمق وتتجاهله، بمعنى أنّه يحقّ لشعب هذا البلد أن يعيش بكرامة وحرّيّة، ويكتشف السّبل الّتي تؤهّله كي يستمرّ بمرافقة البلدان المتحضّرة والمتقدّمة.

أيّها الأحبّاء،

نستطيع القول إنّ المثلّث الرّحمات كان لإخوته وللمؤمنين مدرسة حياة:

مدرسة حياة بالأمانة أوّلًا للرّبّ يسوع، كي يكون مثال التّلميذ الرّسول لهذا الرّبّ المخلّص.

مدرسة حياة أمانةً للانفتاح على الجميع بروح البساطة والوداعة والتّواضع، رغم أنّ الظّروف صعبة جدًّا، وأنّ هناك الكثير من التّناقضات في حياة الإنسان، لاسيّما في هذه الأزمنة الصّعبة، كيف يستطيع الرّاعي أن يعيش بالوداعة وبروح التّواضع نحو الجميع، في الوقت الّذي نرى فيه أنّه ليس الجميع مستعدّين كي يشاركوه في الدّفاع عن الحقّ.

مدرسة حياة في طريق المحبّة: نعلم أنّ أولادنا والشّعب السّوريّ بشكلٍ عامّ بحاجةٍ إلى الكثير من الاهتمام الأخويّ، من خدمة المحبّة في هذا الزّمن الصّعب. فكان المثلّث الرّحمات مثالاً لنا في تجسيد المحبّة، في مساعدة أيٍّ كان يحتاج إلى محبّته وإلى خدمته.

مدرسة حياة لا تحتاج إلى الشّهادات الكبرى ولا إلى الشّهود من العظماء، بل يعيشها الرّسول بروح التّواضع وبالوداعة والبساطة والتّجرّد والتّفاني، رغم كلّ النّقائص الّتي تحيط وترافق كياننا وطبيعتنا البشريّة.

نطلب إلى المثلّث الرّحمات، وقد أضحى من سكّان السّماء مع الأبرار والقدّيسين والقدّيسات، أن يشفع فينا، وأن يرافق جميع الخدّام في هذه الأبرشيّة بدعائه لدى عرش الرّبّ يسوع، كي يتابع هؤلاء الخدّام مسيرتهم بروح المدرسة الّتي انتهجها وتركها لهم، وهو راعي الأبرشيّة، أيّ مدرسة الأمانة للرّبّ، في تواضعه ووداعته، ومدرسة خدمة المحبّة لجميع المحتاجين.

بإسمي الشّخصيّ، وبإسم إخوتي أصحاب السّيادة الأحبار الأجلّاء أعضاء مجمعنا الأسقفيّ، أقدّم من جديد أحرّ التّعازي لشقيقة المثلّث الرّحمات الحاضرة معنا، ولأبنائها وابنتها، وكذلك لجميع إخوة المثلّث الرّحمات الغائبين عنّا والمنتشرين في بلاد الاغتراب، ولهذه الرّعيّة المباركة، وهذه الأبرشيّة المحبوبة، كهنةً ومؤمنين. لهم جميعًا أقدّم التّعازي الصّادقة، مع تشجيعي لهم أن يستمرّوا باتّباع طريق مسيرة صاحب السّيادة المثلّث الرّحمات مار ثيوفيلوس فيليب، فيكونوا مثالاً للرّعاة والمؤمنين."

وأمل يونان في الختام ترقية الأب جرجس الخوري إلى رتبة الخوراسقفيّة قريبًا، طالبًا من الرّبّ أن يبارك خدمته بكلّ النّعم.

وفي نهاية القدّاس، أقام البطريرك يونان رتبة جنّاز الأحبار الرّاقدين راحةً لنفس المثلّث الرّحمات ثيوفيلوس فيليب بركات. ثمّ منح بركته الختاميّة، وتقبّل التّعازي في ساحة الكنيسة.