سوريا
16 تشرين الأول 2020, 06:30

يوحنّا العاشر ينعي حبيب لاوند ابن كنيسة أنطاكية وسفيرها إلى اليونان كنيسةً وشعبًا

تيلي لوميار/ نورسات
نعى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر الأستاذ حبيب لاوند بكلمةٍ جاء فيها:

"بحزن أرضيّ ورجاء قياميّ، نودّع اليوم وتودّع معنا ومعكم بطريركيّة أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس علمًا معطاءً وكبيرًا وهو الأستاذ حبيب لاوند. رحل اليوم كما يرحل الكبار متسلّحًا بجبروت صمتٍ وبقربان حياةٍ قدّمها كلّها بخورًا لذيذ العرف مرضاةً للرّبّ يسوع المسيح. نودّع اليوم أخًا كريمًا وأستاذًا وصديقًا عزيزًا كان لي شخصيَّا شرف التّعرّف إليه عن قرب. نودّع اليوم رجلاً اعتصر في قلبه حبّ وعشق كنيسة المسيح. نودّع اليوم قامةً عظيمة خدمت من حيث هيَ كنيسة أنطاكية وكانت جسرَ تواصلٍ وتقاربٍ لها مع كنيسة اليونان والشّعب اليونانيّ.

حبيب لاوند اسمٌ كبير وصديقٌ وأخٌ للبلمند وعبره لكلّ أنطاكية الأرثوذكسيّة. من طفلٍ صغيرٍ في حلب الشّهباء، انتقل أو نُقِلَ في ريعان العمر إلى البلمند في خمسينيّات القرن الماضي وذلك على يد مطران حلب آنذاك الياس معوّض بطريرك أنطاكية وسائر المشرق لاحقًا. ومن البلمند بمدرسته الإكليريكيّة ومن فقر وبساطة تلك الأيّام غادر إلى بطموس في اليونان وأكمل دراسته. وعاد في أوائل السّبعينيّات كأستاذٍ للّغة اليونانيّة مع افتتاح المعهد اللّاهوتيّ في البلمند. وأكمل مسيرة التّعليم في المعهد في تسعينيّات القرن الماضي وأوائل القرن الحاليّ.

كلّ هذا، وكنيسة أنطاكية بما تمثّل مغروسةٌ في قلبه وفي كيانه. ويعرف كثيرون ممّن عرفوا هذا الرّجل أنّه حفظ لكنيسة أنطاكية حبًّا وامتنانًا كبيرين وحفظ أيضًا ودًّا عظيمًا وعرفانًا كبيرًا للمثلّث الرّحمة مطرانه مطران حلب، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الياس الرّابع معوّض (1970-1979) ولمن رافقهم من المطارنة ونذكر هنا بشكل خاصّ أخانا المطران بولس يازجي متروبوليت حلب.

يغادرنا اليوم حبيب لاوند ابن كنيسة أنطاكية وسفيرها إلى اليونان كنيسةً وشعبًا. يغادرنا كبيرٌ عرف كنيسة أنطاكية عن كثب ببطاركتها ومطارنتها وكهتنها. يغادرنا ابن حلب وربيب البلمند وأستاذه وصديق ومعلّم طلّابه في معهد القدّيس يوحنّا الدّمشقيّ اللّاهوتيّ. يغادرنا أبُ اللّغة اليونانيّة الّذي أدخلها إلى القلوب وغرسها فيها بسحر شخصيّته المحبّبة.

وإذ نودّعه اليوم وداعًا أرضيًّا، نصلّي إلى المسيح الإله أن يتقبّل نفسه في الأخدار السّماويّة. نعزّي أنفسنا بوجود هاماتٍ من أمثال حبيب لاوند. كنيسة أنطاكية تحفظ المعروف وتترجمه عرفانًا بالجميل. وهي اليوم إذ تتقدّم بالعزاء من عائلته الصّغيرة، تعزّي نفسها وهي عائلته الكبيرة بوجود هذه القامة الّتي دمغت مسيرتها بأفضل أثر.

المسيح قام، حقًّا قام".