يوحنّا العاشر للرّئيس السّوريّ: أوقفوا هذه المجازر فورًا وأعطوا الشّعور بالأمان والاستقرار لجميع أبناء سورية بكلّ أطيافهم
وللمناسبة، ألقى البطريرك يوحنّا عظة قال فيها بحسب إعلام البطريركيّة بحسب إعلام البطريركيّة: "هذا الأحد، الّذي هو الأحد الأوّل من الصّوم الكبير، هو أحد الأرثوذكسيّة، أيّ أحد استقامة الرّأي أو الرّأي القويم. هذا يؤكّد على ضرورة استقامة الرّأي، والّتي يهبها ربّنا عبر صفاء الذّهن ونقاوة القلب. واستقامة الرّأي هي رسالة تفرض على صاحبها الإفصاح عنها والإجهار بها. ألا تطلبون في كلّ قدّاس إلهيّ سائلين السّيّد القدير أن يمنح الأسقف هذه الاستقامة في الرّأي وأن يعلنها عندما تقولون: "أذكر يا ربّ أوّلًا أبانا ورئيس كهنتنا (فلان)... قاطعًا ومفصلًا باستقامةٍ كلمة حقّك!"
ومن هذه المسؤوليّة تجاهكم، أحبّائي، وتجاه بلادنا العزيزة واستقرار الأمن والأمان فيها ووحدة أراضيها أتوجّه نحو السّيّد الرّئيس قائلًا:
السّيّد أحمد الشّرع المحترم، رئيس الجمهوريّة العربيّة السّوريّة، لقد باركنا لكم وهنّأناكم بانتصار الثّورة، وكذلك بتولّيكم منصب رئاسة الجمهوريّة. وأنتم الآن السّيّد الأوّل ورئيس البلاد ونريدكم رئيسًا على سورية الواحدة الموحّدة بكافّة مناطقها وألوانها وأطيافها وعشائرها ومذاهبها.
سيادة الرّئيس، سمعت منذ يومين أحد المشايخ، وهو صديق لي يقول على العلن إنّ الرّسول الأكرم قد أوصى أتباعه "أنّهم إن غزوا قومًا ألّا يعتدوا على الأبرياء، وألّا يغدروا وألّا يمثِّلوا ولا يقتلوا امرأةً، وألّا يقتلوا وليدًا، وإذا رأوا الرّاهب في صومعته فلا يقتلوه. هذه هي سنَّة الرّسول، ومن خالف ذلك فليس على ديننا وليس على شيمنا... ديننا يحرِّم علينا قتل الأبرياء. فأن نقتل الشّيوخ فهذا ليس من ديننا، وأن نحرق البيوت فهذا ليس من ديننا وشعائرنا. فثورتنا ثورةٌ ذات مبادئ عظيمة، ولن نسمح لأحد أن يخرِّبها أو يسيء إليها أو يشوّه سمعتها". هذا ما قاله شيخنا الكريم.
أحبّتي، إنّنا نستمطر بقوّةٍ رحمات الله على كلّ من سقط من المدنيّين وقوى الأمن العامّ، ونتمنّى للمصابين والجرحى الشّفاء. وإنّنا مع تشكيل لجنة تقصّي الحقائق ومحاسبة المعنيّين بحقّ هدر دماء المدنيّين وقوّات الأمن العامّ.
السّيّد الرّئيس حفظه الله،
إنّ الأحداث الدّامية الّتي تحصل في السّاحل السّوريّ قد خلَّفت العديد من القتلى والجرحى من المدنيّين ومن قوّات الأمن العامّ. ولكن أولئك القتلى ليسوا جميعهم من فلول النّظام، بل إنّ غالبيّتهم من المدنيّين الأبرياء والعزَّل ومن النّساء والأطفال.
لقد انتُهكت حُرمات النّاس وكراماتهم، وإنّ الصّيحات والهتافات الّتي تُستخدم تبثُّ التّفرقة وتؤدّي إلى النّزعة الطّائفيّة وزعزعة السّلم الأهليّ. كما أنّ العديد من المدن والبلدات والقرى قد أُحرقت بيوتها وسُرقت محتوياتها. وكانت المناطق المستهدفة هي أماكن العلويّين والمسيحيّين. وقد سقط أيضًا العديد من القتلى المسيحيّين الأبرياء.
لقد أُجبرت سكّان بعض المناطق على مغادرة منازلهم، ثمّ تمَّ رميهم بالرّصاص وقتلهم، ومن ثمّ سرقة بيوتهم وممتلكاتهم وسيّاراتهم، كما حدث في بانياس– حيّ القصور مثلًا.
السّيّد الرّئيس، إنّ أيقونة (صورة) السّيّدة العذراء تُحطَّم وتُداس وتُنتهك حرمتها. وهي مريم العذراء الّتي يكرِّمها معنا جميع المسلمين، والّتي خصَّها القرآن الكريم بسورةٍ كاملةٍ "سورة مريم" وذكر أنّ الله اصطفاها وجعلها أكرم نساء العالمين.
السّيّد الرّئيس، ليس هذا هو خطابكم، وهذه الأعمال تتنافى ورؤيتكم لسورية الجديدة بعد انتصار الثّورة.
لذا، نداؤنا إليكم أن أوقفوا بحكمتكم وجهودكم هذه المجازر، أوقفوها فورًا وأعطوا الشّعور بالأمان والاستقرار لجميع أبناء سورية بكلّ أطيافهم.
السّيّد الرّئيس، نداؤنا إليكم أن تدفعوا باتّجاه المصالحة الوطنيّة والسّلم الأهليّ والتّعايش السّلميّ واحترام الحرّيّات كقيمة عليا في المجتمع القائم على مبدأ المواطنة، كما تعلنون وتعبِّرون عن ذلك بشكل دائم.
السّيّد الرّئيس، ندعو لكم بالصّحّة وبقيادة سورية إلى ينابيع الخلاص وميناء الأمان والاستقرار.
فلتسقط الطّائفيّة ويحيا الوطن.
ولتحيا سورية حرّة أبيَّة.
عشتم أيّها السّوريّون، مسلمين ومسيحيّين، ولنثبت وتتكاتف أيادينا لنشهد أنّنا أبناء العليّ، سيّد السّماوات والأرض، ونفرح مع الملائكة في السّماء "المجد لله في العلى وعلى الأرض السّلام وفي النّاس المسرّة" والسّلام."
وفي نهاية القدّاس الإلهيّ، تمّت قراءة إفشين أحد الأرثوذكسيّة.