يوحنّا العاشر قبيل توجّهه إلى روما: لقاؤنا في روما هو صرخة لها معان قويّة وعلى الجميع أن يعلم إذا لزم أن نقدّم دمنا من أجل شعبنا فلن نتردّد
بداية، أوضح البطريرك يوحنّا العاشر أنّ ما تقوم به الكنيسة هو لخير الإنسان وللبنان، وما تنادي به عن المحبّة الإلهيّة، والدّفاع عن كرامة الإنسان وعزّته وراحته هو هدف الله وعمل الكنيسة من أجل خلاص الإنسان.
وتاب: "لبنان بلد غالي على قلوبنا جميعًا ومن المؤسف أنّه يمرّ بظروف قاسية في ظلّ عدم وجود حكومة الأمر الّذي أدّى إلى تردّي الأوضاع في البلاد ولكن بالرّغم من ذلك، علينا أن ننظر إلى الأمام لا إلى الوراء ويجب أن يتولّد بداخلنا الأمل بأنّ لبنان سيعود إلى بهاء مجده.. لذلك لقد تباحثنا في اللّقاء الّذي جمع مطارنة لبنان الأرثوذكس بالعديد من الشّؤون والشّجون الّتي تهمّ رعايانا وأبرشيّاتنا وتبادلنا الآراء لمعرفة كيفيّة مواجهة الصّعوبات والتّحدّيات."
أضاف: "للحقيقة هناك أمور كثيرة قد تغيب عن بال شعبنا أو قد لا يعرفها وهي أنّ الكنيسة تسعى جاهدة لمساندة شعبها والوقوف إلى جانبه بكلّ ما لديها من مؤسّسات" مدارس- جامعات- منح مدرسيّة أو جامعيّة- مستشفيات- مساعدات وغيرها من الأمور وفقًا لإمكاناتها الرّوحيّة والمادّيّة".
وحول السّؤال عن معضلة الهجرة الّتي تهدّد الوجود المسيحيّ قال: "انّ هذا السّؤال هامّ جدًّا، وله أبعاد متشعّبة ويشكّل تحدّ كبير سواء أكانت الهجرة في لبنان، سوريا أو في سائر المنطقة، وبالتّالي يبقى هاجسنا الأوّل هو كيف نكون إلى جانب أبنائنا لحثّهم على البقاء، وبهذا المعنى أودّ أن أوضح، صحيح أنّ المعاناة موجودة وقاسية لكنّها ليست المرّة الأولى الّتي يعيشها لبنان والمنطقة، فلطالما عانى آباؤنا وأجدادنا من اضطهادات- حروب، ضيقات لكنّهم صبروا وتحمّلوا وصمدوا. ونحن مؤتمنين على وديعة البقاء والتّجذّر مهما بلغت الأثمان وعلينا أن نتعاون مع بعضنا إكليروس وعلمانيّين لدرء مخاطر الهجرة حيث بات السّفر كـ"الموضة، المرتاحين مادّيًّا قبل غيرن".
وردًّا على الأزمات الاقتصاديّة والمعيشيّة الخانقة وما يشهده لبنان من أحداث مأساويّة ناتجة عن نقص في مادّتي البنزين والمازوت وارتفاع أسعار الدّولار، وفقدان الأدوية وغيرها علّق البطريرك يوحنّا العاشر بالقول:
"نوجّه نداء إلى كلّ المعنيّين بمعالجة هذه الأزمات بأن يتعالوا عن الحسابات الشّخصيّة وأن يسارعوا إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن لأنّ البلد لم يعد يحتمل الانهيار أكثر وإلّا إلى أين نحن ذاهبون؟ وبدورنا نحن نعمل كلّ ما بوسعنا ولن نتخلّى عن رسالتنا وإذا لزم أن نقدّم دمنا من أجل شعبنا كي يعيش بأمان وسلام فلن نتردّد".
أكثر من ذلك، وبمقابل الغيبوبة الّتي يعاني منها لبنان، تشخص الأنظار إلى روما في الأوّل من تمّوز ويترقّب اللّبنانيّون يوم الصّلاة الّذي دعا إليه البابا فرنسيس من أجل لبنان.
في هذا السّياق، تحدّث عن مشاركة الكنيسة الأنطاكيّة الأرثوذكسيّة قائلاً: "نعبّر عن عمق تقديرنا لقداسة البابا فرنسيس أخينا العزيز للدّعوة الّتي وجّهها للقادة الرّوحيّين المسيحيّين في لبنان لتخصيص يوم للصّلاة والتّأمّل من أجل لبنان، ونحن نعلم أنّ لبنان هو بقلبه وفكره ووجدانه، ولم يقصّر الفاتيكان يومًا تجاه لبنان في ظلّ الأزمات، ونحن ككنيسة أنطاكيّة أرثوذكسيّة سنلبّي الدّعوة كما سائر الأخوة رؤساء الكنائس وسنغادر بأدعية أبنائنا وبناتنا حاملين همومهم وشجونهم في صلواتنا ووجداننا، وبالطّبع سيكون اللّقاء مثمرًا روحيًّا وسيكون بمثابة صرخة إلى كلّ من هم في موقع القرار وأباطرة العالم لدعم لبنان بكلّ الطّرق المتاحة".
تابع: "سأغادر إلى روما في الثّامن والعشرين من حزيران وسنحتفل مع البابا فرنسيس في التّاسع والعشرين من حزيران بالقدّاس الاحتفاليّ في حاضرة الفاتيكان حيث يصادف عيد الكنيستين، عيد مؤسّسي الكرسيّ الأنطاكيّ الرّسولين القدّيسسن بولس وبطرس، عيد شفيعي كنيسة روما القدّيس بطرس، كما أودّ أن أوضح وأشدّد أنّ دعوة البابا فرنسيس بأساسها لا تعني أنّ المسيحيّين سيحملون وحدهم الملفّ اللّبنانيّ دون سائر الأخوة، فليس هذا المقصود من الدّعوة، فالدّعوة هي دعوة صلاة وتأمّل، لأنّ الملفّ اللّبنانيّ هو شأن وطنيّ وسنجلس جميعنا مع بعضنا البعض لنتكلّم عن همومنا وعيشنا المشترك مسيحيّين ومسلمين، وهذا الأمر قد أوضحته وشدّدت عليه خلال اللّقاءات والجولات الّتي قمت بها على القيادات الرّوحيّة الإسلاميّة حيث كرّرت ما كنت أردّده دائمًا: "ما بين النحن والأنتم" تذوب الواو وتختفي وتصبح نحن أنتم وأنتم نحن، فلنتطلّع جميعنا لنبني مستقبلنا بالذّهنيّة المنفتحة والمحبّة والتّلاقي".
وإختتم البطريرك يوحنّا العاشر حديثه بمعايدة أبناء الكرسيّ الأنطاكيّ في الوطن وبلدان الانتشار متمنّيًا لهم الصّحّة والعافية والأمن والأمان، داعيًا إيّاهم إلى التّعاضد والتّضامن من أجل مواجهة الأزمات الرّاهنة".