سوريا
21 كانون الأول 2022, 08:50

يوحنّا العاشر في الميلاد: صلاتنا من أجل سلام العالم أجمع

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة عيد الميلاد المجيد، وجّه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر كلمة ميلاديّة إلى رعاة الكنيسة الأنطاكيّة المقدّسة وأبنائها وبناتها، جاء فيها بحسب إعلام البطريركيّة الرّسميّ:

""عظّمي يا نفسي الملك المولود في مغارة". بهذا يخاطب كاتب التّسابيح نفسه ونفس كلّ منّا في هذا الموسم البهيّ موسم ميلاد المسيح. هي دعوةٌ لكلّ نفسٍ أن تتأمّل عظمة ملكٍ سماويّ آثر برد المغارة على أرائك الملوك. هو ملكٌ من نوعٍ آخر. ملكٌ لم يرد أبدًا ممالك أرضيّةً بل آثر مملكة النّفس البشريّة الّتي عشقها وأحبّها ودعاها إلى خدر مجده عروسًا مجيدةً ترنو إلى عريس النّفوس مشرق المشارق.

من مزود المحبّة يطلّ المسيح على عالمه الّذي أحبّ. من عتم المغارة يطلّ باعثًا وميض الأمل لقلوبٍ ترتجي سلام ربّ الخليقة. من بيت لحم يوافي ربّ السّلام وإله المراحم ليضع عزاءه في قلب هذه الإنسانيّة المتخبّطة. وعلى نغم السّبح الملائكيّ، يوافي ربّ السّلام مقتبلاً في هدايا المجوس هدايا الإنسانيّةِ ذهبًا خالصًا لأنّه ملك ولبانًا لأنّه إلهٌ ومرًّا كمُقَاسٍ موتًا. يوافي ذاك الطّفل بخفر وداعته طارقًا باب مغارة القلب. وهو الّذي سبق فطرق باب مغارة قلب مريم أمّه بلسان ملاكه جبرائيل وقت البشارة يوم لبّت تلك الطّاهرة دعوة سيّدها وقالت: ها أنا أمةٌ للرّبّ.  

نحن أمام ملكٍ يطرق باب مغارة نفسنا. لا يقتحمها إلّا بقوّة محبّته. هو يطرق ونحن نسمع. وعندما يطرق فهو يحترم إرادتنا أن نقبل أو أن نرفض. هو يطرق بخفر ويطلب منّا أن نبادله المحبّة بملء الحرّيّة الّتي من دونها لا تستقيم تلك بل تنحو إلى عبوديّةٍ تشوّه الصّورة الإلهيّة. نحن أمام ملكٍ أراد مملكته في النّفس، أرادها ملكوتًا داخليًّا. نحن أمام ملكٍ أراد مملكته معجونةً من قلوبٍ هامت به. نحن أمام ملكٍ آثر هيكل البشر على هيكل الحجر.

نرفع صلاتنا إلى هذا الملك ونسأله الرّأفة بهذه الإنسانيّة الّتي أحبّ. نسأله أن يضع السّلام في القلوب ويسكت ضجيج الحروب بجبروت صمته. إنّ البشريّة المتخبّطة تتوق إلى سلامك يا طفل المغارة وترنو إلى صمتك أيّها المصلوب بأهواء البشر. ومع الأمّ العذراء نسأل من طهر عينيك عزاءً يبلسم قلب كلّ متألّم ونضرع إليك أن تجرح نفوسنا بمبضع مراحمك.

صلاتنا من أجل سلام العالم أجمع. صلاتنا من أجل هذا الشّرق. صلاتنا من أجل سوريا ومن أجل لبنان ومن أجل فلسطين. صلاتنا من أجل أخوينا مطراني حلب يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي اللّذين تدخل قضيّتهما عقدها الأوّل وسط صمتٍ دوليّ مستنكر ومستهجن. صلاتنا من أجل المضنيّين في ضيقات هذه الحياة ومن أجل إخوتنا الرّاقدين.

أعادها الله عليكم جميعًا أبناءنا في الوطن وفي بلاد الانتشار، أعادها الله عليكم وعلى العالم أجمع أيّامًا ملؤها البركة والأنوار من لدن أبي الأنوار له المجد والرّفعة أبد الدّهور آمين."