سوريا
25 نيسان 2022, 11:50

يوحنّا العاشر في إثنين الباعوث: نصلّي من أجل هذا الشّرق بكلّ بلدانه ومن أجل سلام العالم أجمع

تيلي لوميار/ نورسات
إحتفل بطريرك الرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر، بقدّاس إثنين الباعوث، في الكاتدرائيّة المريميّة- دمشق، ألقى خلاله عظة قال فيها:

"هلمّوا خذوا نورًا من النّور الّذي لا يعروه مساء ومجّدوا المسيح النّاهض من القبر"، هذا ما ترتّله الكنيسة اليوم ولسان حالها: هلمّ يا إنساني وخذ نورًا من طبيعةٍ أخرى. هلمّ وخذ نورًا لا هيوليًّا، نور المسيح الشّارقِ من قبره والماحي ظلمات هذا الدّهر. هلمّ واجن نورًا يذيب النّفس شوقًا إلى ختنها الأوّل يسوع المسيح، الّذي سكب حبّه للبشريّة صليبًا ودمغه بدمه الطّاهر وختمه بدفنٍ كريم وكلّله بقيامةٍ مجيدة. ونور المسيح لا يعروه مساء ولا تكتنفه ظلمة ولا تحجبه قبور.

إفرحوا اليوم يقوله ناظم التّسابيح اليوم بلسان الملاك إلى العذراء "افرحي" لأنّ ابنك وابن الطّينة البشريّة المتّخذة قد قام من القبر في اليوم الثّالث. قد قام عريس النّفس الخلاصيّ. رسالة التّحيّة والفرح على لسان الملاك تحمل في طيّاتها الفرح للجبلة البشريّة قاطبةً. تلك الجبلة الّتي رأت المسيح مسمّرًا على صليب المجد هي ذاتها الّتي ستفرح بقيامته وقيامتها من قبر الطّبيعة وقبر الخطيئة.  

فرح القيامة هو كنهها وجوهرها. فرحها مجدولٌ بميرون الألم. فرحها مجبولٌ بغصّة العذراء. فرحها معجونٌ بدموع المجدليّة وبلهفة بطرس وبحنان يوحنّا. فرحها مسبوكٌ بفلسفة بولس. فرحها ممزوجٌ بإيمان قائد المائة وبنورانيّة من لبسوا المسيح في هذا اليوم الخلاصيّ.  

"يا أورشليم اطربي بحبورٍ وتهلّلي بسرورٍ لمشاهدتك المسيح ملكك بارزًا من القبر كختن". رسالة القيامة لكلّ منّا أن نفرح رغم كلّ شيء. وأورشليم ههنا رمزٌ للنّفس البشريّة المدعوّة أن تجد في المسيح سيّد حياتها الأوحد فتُحفظ له عروسًا نقيّة.

نصلّي اليوم من أجل سوريا. نصلّي من أجل وحدة ترابها واستقرارها. نصلّي من أجل هذا البلد الّذي تحمل وزر الحروب على أرضه دفاعًا عن سيادةٍ وكرامةٍ هي أعزّ ما يملك. نصلّي من أجل هذا الشّعب الّذي احتمل ويحتمل إلى الآن فاتورة الحرب خطفًا وتشريدًا وإرهابًا ومتاجرةً وهجرةً وتهجيرًا وحصارًا وأزمة اقتصاديّة خانقة تطال أوّلاً وأخيرًا لقمة الفقير. إنّ آثار الحرب في كثير من الأحيان ليست أقلّ وطأةَ من الحرب ذاتها، ومن هنا ندعو الجميع إلى رفع هذا الحصار الاقتصاديّ الآثم الّذي يتلطّى تحت العقوبات المفروضة والّذي يستهدف أوّلاً وأخيرًا إنسان هذه الدّيار في لقمة عيشه وفي أبسط مستلزمات حياته.  

صلاتنا من أجل لبنان واستقراره ونموّه. صلاتنا من أجل شعبنا في لبنان الّذي يرزح تحت رحمة الظّروف المعاشيّة الصّعبة. من حقّ كلّ لبنانيّ أن يستردّ تعب عمره الّذي أودعه المصارف. ومن حقّه أيضًا أن يرى العدالة قائمةً في ملفّ انفجار مرفأ بيروت. وعلى أبواب الاستحقاق النّيابيّ، ندعو الجميع إلى مقاربة هذا الملفّ من منطلق المصلحة العامّة والابتعاد عن الخطاب الفئويّ الطّائفيّ الّذي يكتفي بشدّ العصب المناطقيّ والفئويّ قبيل الانتخابات. ندعو الجميع إلى مقاربة هذا الملفّ من منطلق الوطنيّة لا الزّبائنيّة والمحسوبيّة الآنيّة. ندعو الجميع إلى نبذ المناكفات والالتفات أوّلاً وأخيرًا، مهما اختلفوا سياسةً خارجيّة، إلى النّظر إلى ما يحدّ من الانهيار الحاصل وما يرأف باللّبنانيّين الّذين يدفعون من حياتهم ثمن ما يجري.  

نصلّي من أجل فلسطين الّتي احتضنت النّاصريّ وتقدّست بدرب آلامه منذ ألفي عام. نصلّي من أجل القدس ومن أجل الأردنّ الّذي اعتمد في مياهه. نصلّي من أجل العراق الّذي تحمل أوابده ثقل التّاريخ ويحمل إنسانه وزر القلاقل. نصلّي من أجل مصر الّتي عرفت آباء الكنيسة الكبار. نصلّي من أجل هذا الشّرق بكلّ بلدانه ومن أجل سلام العالم أجمع.  

صلاتنا من أجل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنّا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفين منذ أكثر من تسعة أعوام. إنّ ملف أخوينا المطرانين يختزل شيئًا يسيرًا من استتفاه البعض للكرامة الإنسانيّة في سوق المصالح البشريّة البائدة وندعو إلى الكشف عن حيثيّات هذا الملف ونسأل المسيح الإله أن يؤهّلنا أن نرى خاتمة سعيدة لملفّ أخوينا المطرانين.

وبالتّحيّة الفصحيّة وبالبركة الرّسوليّة من عرش الرّسولين بطرس وبولس، نتوجّه إلى سائر أبنائنا في الوطن وفي بلاد الانتشار. نسأل لكم أحبّتي كلّ خير وبركة. كان الله معكم حافظًا ومعينًا مباركًا أطفالكم وأبناءكم ومقدّسًا حياتكم وشاملاً إيّاها بسلامه القدّوس.

قام المسيح والخليقة استنارت.

قام المسيح والملائكة ابتهجت.

قام المسيح والحزن تهاوى.  

قام المسيح والجحيم أبيدت.

قام المسيح فضمّ موتانا إلى قلبه الطّاهر ومسح من العيون كلّ دمعة.

كلّ عام وأنتم بخير.

المسيح قام، حقًّا قام".