لبنان
03 تموز 2023, 09:30

يسوع يسألنا أن نساعده، فهل نساعده؟

تيلي لوميار/ نورسات
هذا السّؤال طرحه البروفيسور الأب يوسف مونّس في مقال جديد أضاء فيه على تيولوجيا العلاقة بالأنتروبولوجيا، فكتب:

"على طريق الجلجلة، يحمل يسوع صليبه ويقع تحته والجنود يضربونه بوحشيّة بالسّياط ليقوم وهو منهك بعد ليلة من الجلد وإكليل الشّوك واللّطم والسّخرية ويتقدّم سمعان القيروانيّ ليساعده على حمل صليبه. الإنسان يساعد الله في العمل الخلاصيّ، التّيولوجيا والأنتروبولوجيا تتشاركان هناك correspondance.

إختيار مساعدة يسوع وقت صعوبة حمل الصّليب واختيارنا وقت العاصفة الّتي تغرق المركب، أيقظنا يسوع لينقذنا ويساعدنا ويخلّصنا. ونحن اليوم نغرق في لبنان فخلّصنا يا يسوع. هكذا هي العلاقة بين يسوع وبيننا. هو يحتاج أن يستند على الإنسان ليبني كنيسته كما فعل مع بطرس أو ليأكل كما فعل عندما سأل التّلاميذ قائلًا: يا فتيان هل عندكم شيء ليؤكل؟ الّذي يطعم طير السّماء ودودة في صخر يسأل الإنسان أن يطعمه، وقد أعطى جسده زادًا للحياة الأبديّة، ولقد أرسل التّلاميذ ليجدوا له مكانًا للعشاء. هكذا هو دومًا يتعاون بحبّه للإنسان مع الإنسان ليرفع من وصفه البشريّ إلى المساهمة في عمل الله الخلاصيّ، ومن هنا عظمة حرّيّة الإنسان وعظمة مسؤوليّته الإنسانيّة والبشريّة. هكذا أدركنا أهمّيّة وعظمة هذا الوضع الوجوديّ الإنسانيّ في نظر الله. التّيولوجيا ترتكز على الأنتروبولوجيا لتتمّ رسالة الخلاص.  

هكذا ومن خلال عدّة أحداث في الإنجيل نرى هذا التّناسق بين حاجة الإنسان ليسوع ولله، وحاجة يسوع للإنسان أيّ أنّ التّيولوجيا تتجسّد في الأنتروبولوجيا، أيّ الوجود البشريّ لتبان قوّة حبّ الله وعظمة قدرته وعنايته بالإنسان. إنّه لاهوت الفيلوكاليّا Philocalia أيّ لاهوت الجمال والمحبّة.

وفي عمليّة الشّفاءات، كان هناك سؤال وطلب إلى يسوع، ويسوع يسأل ماذا تريد؟ وكان يأتي الجواب من الإنسان. وبعد هذا التّخاطب بين الله والإنسان، كانت إرادة الله تتمّ على المحبّة والخلاص لفعل شفائيّ عجيب للأبرص والأعمى والمخلّع والأخرس والأطرش وحتّى قيامة الميت. هناك correspondance قويّة بين الله والإنسان. من هنا يقال دومًا إنّ الله بحاجة إلى الإنسان Dieu a besoin des Hommes، وإنّ لاهوت التّجسّد يعطي القيمة لجسديّة الإنسان ولقيم الخلاص بالموت على الصّليب بعد كلّ المسار العجائبيّ والخلاصيّ الآلاميّ الفدائيّ المستند على الجسد حتّى الموت على الصّليب والقيامة والبقاء مع الكنيسة بفعل  قوّة الرّوح القدس وخدمة الأسرار المقدّسة والبركة والنّعمة. على البئر يسأل المرأة أن تعطيه ليشرب، وعلى الصّليب ما زال صوته يدوّي في الكون: أنا عطشان. ومع المرأة الكنعانيّة ابنة أرضنا اللّبنانيّة، اختبر إيمانها ليشفي ابنتها وهي أعطته الجواب الشّافي الّذي جعل يسوع يشفي إيمانها لكثرة إيمانها.

هكذا هي العلاقة بيننا وبين يسوع، نحن نسأل ونطلب وهو يستجيب أو يطلب منّا ونحن نستجيب، فاستجب يا ربّ طلبنا وأنقذ بلدنا الحبيب لبنان وخفّف عنّا صعوبات الحياة وغلاء المعيشة والأدوية والمرض والجوع والكآبة والقلق".