يسوع ولغة الحبّ
في الواقع، لم يتوقّف يسوع للحظة عن إغداقنا بالكلام الرّقيق، فهو عند وجعنا يعلم كيف يبلسم جراحنا بكلمات مشجّعة تنمّ عن حبّ أبويّ كبير، وفي وقت فرحنا، يشاركنا سرورنا ويملأنا غبطة. هو يعرف كيف ومتى يزرع كلماته في قلوبنا فيردّ إليها نبضاتها. هو يهمس في آّذاننا أفكارًا تشبع حاجة كلّ واحد فيبعدنا عن التّجربة والخطيئة، فيحلّ كلامه كصوت الضّمير الّذي يوقظنا. ولكن هل نبادله بالمثل فنخاطبه بكلمات الثّناء والشّكر غير منتقدين بل شاكرين؟
هو لا يغلق الباب أمام طارقه، مهما كان الوقت باكرًا أو متأخّرًا، ومهما كانت الأجواء مزدحمة لديه. يمنحنا كلّ الوقت ليصغي إلينا في جلسة يمكن لها أن تطول وتطول، في الكنيسة أو في المنزل، في رحاب الطّبيعة أو خلف مكتبنا في العمل. هو مستعدّ أن يقضي معنا وقتًا ثمينًا عندما نحدّده نحن، فهل نحن قادرون أن نكرّس له أوقاتًا طويلة عندما هو يطلب؟
في المناسبات المهمّة وغير المهمّة، نراه يتذكّرنا ويسمع نداءاتنا فلا يخيّبنا بل يغدق علينا نعمًا لا حدود لها، تلك هدايا من السّماء يبتهج بها قلبنا التّوّاق إليها، فيذكّرنا كم نحن غالين على قلبه. فكم جميل لو نظهر لحبيبنا الأوّل يسوع مقدار الحبّ الّذي يغذّينا ونهديه: كلمة حبّ، صلاة شكر، عمل رحمة أو خدمة... تلك هي أثمن الهدايا!
بلمسة يشفينا ويبرئنا من ألمنا الأشدّ، فيخلّصنا من مخالب الموت ويحرّرنا من هلاك محتّم. إنّه يحبّنا كما نحن، بضعفنا وزلّاتنا. وكم يتمنّى أن نبادر فنحبّ على مثاله، فلا نعنّف من بذلوا حياتهم لأجل سعادتنا وضحّوا بالكثير من أجلنا، ونحترم أجسادهم ونصون أجسادنا. فالعظمة بالحبّ هي الإخلاص والاحترام.
وكم يفرح عندما نمدّ يد العون للآخرين فنؤدّي خدمة تغمرها عاطفة مجّانيّة لا تنتظر مقابل!
هو يسوع المسيح، ملك لغة الحبّ، ومعلّمها ومطبّقها الأوّل والأعظم "ونحن عرفنا المحبّة الّتي يظهرها الله بيننا وآمنّا بها. الله محبّة، فمن أقام في المحبّة أقام في الله وأقام الله فيه." (رسالة يو1 4/ 16)