لبنان
10 كانون الأول 2017, 15:00

يازجي في لقاء اعلامي في البلمند: الوقت هو وقت الوحدة الوطنيّة وقرار ترامب يشعل فتيل الحرب

التقى بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، على أثر القدّاس الالهي الذي ترأّسه في كنيسة سيدة البلمند، بعيد عودته من زيارته الى روسيا، بالاعلاميين في قاعة استقبال دير سيدة البلمند البطريركي. وأدلى بتصريح قال فيه:"أُريد في هذه المناسبة، بعد العودة من زيارة روسيا، الاضاءة على بعض النّقاط، حيث أنّ زيارتنا الى موسكو جاءت بناءً على دعوة من صاحب القداسة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا، بمناسبة الذكرى المئوية لاستعادة النظام البطريركي في الكنيسة الأرثوذكسية الروسية المقدسة. وكنّا الى جانب أخينا البطريرك في هذه الاحتفاليّة.

وكان لهذه الزيارة أوجه كثيرة مهمة، منها الوجه الكنسي أوّلاً، حيث التقت الكنائس الأرثوذكسية في روسيا، وكانت مناسبة للاجتماع وتبادل الأراء والتباحث في العديد من القضايا التي تهمّ الكنيسة، ان على صعيد الحياة الكنسية في الداخل أو على صعيد شهادة الكنيسة للعالم في الخارج. كما كانت فرصة أن نلتقي بعدد مهم من المسؤولين في موسكو للتّباحث في قضايانا، لا سيّما في ما يجري من أحداث في الشّرق الأوسط، في سوريا ولبنان وفي كل أرجاء المنطقة".

وأشار الى"اللّقاء المطوذل الذي جرى مع فخامة الرئيس الروسي بوتين، كذلك مع معالي الوزير لافروف، ومع غبطة وقداسة البطريرك كيريل، حيث كنّا نحمل في صدورنا وقلوبنا هموم شعبنا وآلامه وقضاياه، وما تعانيه المنطقة. وكان تأكيد على ضرورة الدفع بايجاد حلّ سلمي سياسي لكلّ ما يجري، والتّأكيد على توطيد الاستقرار واحلال السّلام في سوريا واعادة السّلام، وايجاد الحلول السّلميّة لما يحدث في سوريا، وعلى صون لبنان واستقراره، وصون الهيئات الدستورية، والتّأكيد على ضرورة اجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها كي نحافظ على الهيئات الدستورية بشكلها الكامل والصحيح".

وشدّد على أنّ"ما صدر مؤخّراً من الرّئيس الأميركي بخصوص القدس، القدس التي هي محجّة الأنظار بالنّسبة لنا جميعاً، القدس التي هي قضيّة نحملها منذ نشأتها في قلوبنا جميعاً، وقد عبّرت جميع شخصيّات الكرسي الأنطاكي المقدّس الأرثوذكسي، والبطاركة أعن موقفهم الواضح والصريح تجاه قضية القدس، اذ قال البطريرك الياس الرابع رحمه الله ستبقى القدس العربية مدينة للايخاء والسّلام والمحبة والعدل، هذا ما قاله وشدّد عليه، انّها ستبقى حقيقة عربية تتجلّى فيها رحمانيتنا ومنارة مقدسة تلفت اليها جميع الأبصار وتجذب جميع القلوب المؤمنة بالله. ستبقى المدينة التي رأت طفولة المخلّص، رأته طفلاً وشابّاً، يخطو في أزقّة الفقراء والمحتاجين، ورأته سوطاً يلسع المتزمتين في ريائهم ونفاقهم، وصليباً يحتضن العالم بمحبة، وصوتاً ينشر دفء السّلام في القلوب. ستبقى القدس راية العرب على اختلاف مذاهبهم".

ونقل عن البطريرك اغناطيوس الرابع ما قاله في أحد بياناته"الفلسطينيون هم أصحاب البيت، كيف يجوز تحويلهم من بيتهم الى زائر وعابر سبيل، القدس قدس اذا كانت المدينة والشعب، لا المدينة دون الشعب، ولا الشعب بدون مدينة، القدس لأهلها لا للعنصريّة، والعنصريّة في القدس، كما في كل مكان، لطخة في جبين الحق والعدالة، وفي القدس نلتمس وجه الله."

وشدّد بالقول:"نحن أيضاً نؤكّد أنّه كما أكّد أسلافنا، بأنّ قرار الولايات المتحدة الأميركية الاخير بالاعتراف الرسمي للقدس عاصمة لاسرائيل، وبنقل السفارة الأميركية اليها، لا يشكّل انتهاكاً للشرعيّة الدوليّة فحسب، بل يُعتبر أقسى الظّلم بحقّ الشعب الفلسطيني، وتعدّياً عليه وعلى مستقبله، كما أنّه يشعل فتيل الحرب ويقتل جميع المحاولات الهامّة لايجاد حلّ سلمي وعادل للقضية الفلسطينية، التي كانت ولا تزال جرح العالم النازف منذ لحظات اندلاعها."

ودعا جميع القوى والهيئات الفاعلة في العالم"لكي يدركوا أنّ القدس هي منبع القداسة في العالم، وعاصمة القداسة، وأنّ قداستها في حجارتها وفي شعبها الذي ينبغي المحافظة عليه وعلى حقوقه، من أجل أن تبقى القدس مدينة السّلام وملتقى وروافد التّوحد والتّوحيد في العالم أجمع."

وفي الشأن اللّبناني، قال:"نهنئ انفسنا بالتّوافق الذي تمّ، والتّوافق الحاصل بين جميع اللّبنانيين بالتفافهم حول فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحول المؤسسات الدستورية والشرعية. ولا يسعنا الا أن نشكر الله بعد رجوع الرئيس الشيخ سعد الحريري عن استقالته، وعودته الى العمل في مجلس الوزراء الذي نجدّد ثقتنا به وبرئيسه وبجميع أعضائه. ونتمنّى أن يستمرّوا جميعاً في تحمّل مسؤوليّاتهم حتى تاريخ الانتخابات النيابية التي نرجو أن تتم في موعدها المحدد."

وفي هذا السّياق، شدّد على"تفعيل عمل مجلس الوزراء لكي ينصرف بشكل أساسي للاهتمام بتنمية شؤون اللّبنانيين الاقتصاديّة منها، والمعيشيّة، وغيرها."

وشدّد على"دعمنا الكامل لوزرائنا الأرثوذكسيين في كل الجهود التي يقومون بها من أجل رعاية حقوق أبنائنا في التعيينات والوظائف العامة، ونطالب جميع المعنيين في الدولة بضرورة احترام الأرثوذكس في التعيينات، وخاصّة أنّ أبناءنا مشهود لهم بالكفاءة والخبرة والاخلاص للبنان ولجميع قضاياه."

ورأى"أنّ الوقت هو وقت تلاحم، الوقت هو وقت وحدة وطنيّة، هو وقت تكاتف كي نرفع من شأن لبنان ويحلّ السّلام ويعيش شعبنا بسلام واستقرار وأمان وطمأنينة."

وفي حوار مع الاعلاميين حول استقبال الرئيس بوتين له في روسيا، وتميّزه بذلك عن سائر البطاركة الذين طلبوا زيارته، وأبعاد ذلك على المستويين الكنسي ومجريات الاحداث السياسية في الشرق الاوسط؛ قال:"كان لنا موعد خاص، أو بالأحرى جلسة عمل مع الرئيس بوتين، حيث تباحثنا في جميع أمور المنطقة. بالطّبع الأمر الأوّل الذي شدّدنا عليه هو عودة السّلام والاستقرار الى المنطقة بأكملها، وتسوية الأمور بالوسائل السّلميّة في سوريا ولبنان وفي جميع أرجاء المنطقة. وعلى ما يبدو يتمّ الاستعداد الان في سوريا للدخول في المرحلة الجديدة أي التسوية السلمية والسياسية؛ وهذا ما نرجوه. وكما نردّد دوماً، أنّ الوجود المسيحي في هذه الديار أساسي، وهو مكوّن أساسي في هذه البلاد. نحن أصحاب أرض، وأصحاب حق، ونحن الى جانب اخوتنا من جميع أطياف البلد، سويّة نبني مستقبلنا ونبني حضارتنا. وبالتّالي، التّأكيد على تثبيت المسيحيين في أرضهم ومساعدتهم وعدم هجرتهم، هذه من الأمور الهامة التي تحدّثنا بها. وهناك مرحلة نرجوها أن تأتي في القريب العاجل، مرحلة اعادة الاعمار والبناء، ان على صعيد البنى التحتية، أو على صعيد الأمور الكنسية، من بناء الكنائس والأوقاف والمطرانيات، وكل ما هو بحاجة لاعادة اعمار وبناء."

وردّاً على سؤال حول البحث في قضيّة المطرانين المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، أكّد أنّ"البحث متواصل حول قضيّتهما. حينما كنت في زيارة أخيرة الى الولايات المتحدة الأميركية، وأيضاً مع جميع المسؤولين الذين التقينا بهم، وبشكل خاص مع الأمين العام للأمم المتحدة، وفي الزيارة الأخيرة لروسيا، دوماً نحن نتكلّم عن قضيّتهما ونتابعها، ونصلّي أن يكونا بخير، ونرجو أن تكون هناك خواتيم ايجابيّة نريدها في هذا الشّأن، وأن يعود المطرانان الى رعيتهما بسلام وأمان."