لبنان
30 أيلول 2017, 13:10

يازجي في حضور رئيس الجمهورية: نعول عليك لدفع كل خطر صعب: مواقف الرئيس عون تمثّل جميع اللبنانيين دون استثناء

أعلن بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر يازجي أنّ"الجميع يعول كثيراً على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في دفع كل خطر يمكن أن يتعرض له ليس فقط في لبنان بل على مدى المشرق"، منوهّاً بمواقف الرئيس عون خلال وجوده في نيويورك و"زيارة الدولة" التي قام بها الى فرنسا، وقال:"عملنا المشترك يلاقي ما شدّدتم عليه يا فخامة الرئيس في باريس بأنّ رسالتنا أن نحافظ على الحضور المسيحي مهما بلغ الثمن، ويجعلنا نكون على قدر الضرورة التاريخية الواجبة".

كلام يازجي جاء خلال لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في دارة مستشار رئيس الجمهورية للتعاون الدولي الوزير السابق الياس بو صعب في الرابية، لمناسبة عقد المجمع الإنطاكي المقدس برئاسة يازجي في دير مار الياس شويا في ضهور الشوير، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2006، في حضور مطارنة الطائفة في لبنان والعالم، وكان بحث في الأوضاع العامّة في ضوء التطورات وأوضاع المسيحيين في دول المشرق العربي، وتطرّق البحث الى الوضع الداخلي ومسائل تهمّ الطائفة الأرثوذكسية.

وبعد اللّقاء، أقام بو صعب غذاءً على شرف الرئيس عون ويازجي والأساقفة، حضره نائب رئيس مجلس النواب النائب فريد مكاري، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين والشخصيات النقابية والسياسية والاقتصادية الأرثوذكسية.


في مستهل الغداء، ألقى بو صعب كلمةً، قال فيها:"فخامة الرئيس يشرفنا حضورك اليوم بيننا في هذه الجمعة التي اردناها لمناسبة عقد المجمع الإنطاكي المقدس برئاسة غبطة البطريرك يوحنا يازجي في دير مار الياس شويا في ضهور الشوير، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2006. إنّ حضور السادة المطارنة من ابرشيات بيروت، جبل لبنان، صور وصيدا، زحلة وبعلبك، طرابلس والكورة، عكار، وأيضا من حوران وجبل العرب ومن حمص وحلب واللاذقية وبغداد والكويت مرورا بفرنسا وألمانيا وبريطانيا، وصولاً الى نيويورك ثمّ البرازيل والأرجنتين وتشيلي، ما هو إلا دلالة على عظمة الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية ووحدتها. لذلك، نتمنّى لكم يا غبطة البطريرك التوفيق في هذا المجمع المقدس لتّتخذوا مع السادة المطارنة القرارات الصّائبة التي تعود بالخير والفائدة والتقدم الدائم لكنيستنا الأرثوذكسية ومجتمعنا المشرقي، وأن تكون هذه القرارات جريئة لتؤدي الى ازدهار جميع أبرشيّاتنا وتطويرها".

أضاف:"هنا لا بدّ من شهادة حق لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الرئيس الاستثنائي المشرقي الذي لطالما حمل قضية الوجود المسيحي المشرقي ودافع عنها خلال مسيرته الطويلة. وكي لا أطيل عليكم بالكلام ولأنّ الوقت لا يسمح بسرد جميع مواقف فخامته، سأكتفي بالتذكير بمواقفه الوطنية من على منبر الأمم المتحدة وخلال زيارته التاريخية والاستثنائية لفرنسا التي شعرنا من خلالها بالمعنى الحقيقي للسيادة والحرية والاستقلال. فبتسلحه بالحق، أطلق مواقفه الوطنية والجريئة، فكانت مواقف تمثل جميع اللّبنانيين من دون استثناء، وخلال اجتماعاته مع رؤساء الدول والمنظّمات الدولية لم تغب عن باله المطالبة بكشف مصير المطرانين المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، كما أكّد في اجتماعاته ضرورة الحفاظ على مسيحيي المشرق في أرضهم، فكانت لمطالبه أصداء إيجابية لدى قادة الدول والمؤسسات الدولية. وأخيراً طالب فخامته بأن يكون لبنان مركزاً أمميّاً لحوار الحضارات، إيماناً منه برسالة لبنان المتجسّدة بأهميّة الحوار بين الأديان والعيش المشترك".

وختم:"يا فخامة الرئيس، بالقول إنّ الارثوذكسيين في لبنان، في هذه الدولة اللبنانية القائمة على المحاصصات الطائفية والمذهبية، والى أن نتوصّل يوماً الى حلمنا ببناء دولة مدنية علمانية، كلّهم ثقة بأنّ فخامتك هو الضامن لحقوقهم ومواقعهم في الدولة، تماماً كما عهدناك عادلاً ومحافظاً على جميع الطوائف، مسيحية كانت أو إسلامية".


وردّ يازجي بكلمةً، قال فيها:"الشكر لفخامة الرئيس ولصاحب هذه الدار الوزير الصديق الياس بو صعب هذا اللقاء العائلي الطيب الذي يجمع أشخاصاً يهمّهم هذا البلد الغالي لبنان، وهذا المشرق، والانسان الذي يعيش على هذه الأرض المباركة والمقدسة بدماء الاجداد والآباء الذين ماتوا لنبقى وليبقى المسيح حاضراً في هذه الأرض. لذلك، وبعد تهنئتكم يا فخامة الرئيس بزيارتكم الأخيرة لأميركا وزيارتكم الملكية لفرنسا، نودّ أن نؤكّد لفخامتكم أنّنا نعمل ليل نهار من أجل تثبيت أبنائنا في أرضهم، ومن أجل تأمين فرص العيش الكريم والتقدم لهم، فلا يبقى أعلى طموحهم أن يهجروا هذه الأرض من أجل غد أفضل. لذلك نحن نعول كثيراً عليكم وعلى عهدكم لإنصاف هؤلاء في الوظائف العامة وعدم تهميشهم، وقد أخذ بعض أبنائنا يتأفف من غبن طالهم وطال الأرثوذكس في التعيينات الاخيرة، ونحن على يقين تام بأنكم ستصحّحون ما اختل. كذلك نحن نصلي لكي يعضدكم الله في محاربتكم للفساد المستشري وفي استئصال ديكتاتورية المحسوبيات التي تقصي الطاقات غير المحسوبة على أحد عن المناصب الأساسية، فلا تجد هذه من وسيلة غير الالتجاء الى كنائسها لاسماع صوتها".

أضاف:"يطيب لي كبطريرك، أن أعبّر عن فخري واعتزازي بكافة أبنائنا الارثوذكس، ويسرّني أن أجدّد فخري بهم وبدورهم الوطني لبنانيّاً ومشرقيّاً وعالميّاً في هذه المناسبة التي تجمع هذه الوجوه الطيبة، منهم ومن كلّ الأطياف. أنتم غنى لنا وللبنان وللشرق الجريح الذي ينتظر شفاء من نار الارهاب ويتوق الى الفكر النيّر، الذي لطالما سعى الارثوذكس وغيرهم لترسيخه منذ مطلع القرن الماضي، زمن بروز القوميات والدول. وتعلمون يا فخامة الرئيس أنّ حضورنا ككنيسة أنطاكية ارثوذكسية يمتد في هذا المشرق الى تركيا والعراق والجزيرة العربية، بالاضافة الى ثقلنا الأساسي في لبنان وسوريا وفي بلاد الانتشار".

وتابع:"لذلك في زمن التحولات والتغييرات والاستفتاءات على الاستقلالات العرقية، نخشى من لعبة كبار هذا العالم على أوطاننا، ونلتزم العمل على وحدة هذه الاوطان ووحدة أبنائنا، ونحن نعمل من أجل تفعيل التعاون بين جميع المسيحيين في هذا المشرق لأنّنا شركاء في الوجع والدم والمصير. ونعمل جاهدين ضمن كنيستنا الأرثوذكسية لاتخاذ مبادرات تجعل ابناءنا في هذه الدول يشعرون بحاجتهم لبعضهم البعض ويرفضون التشرنق والانكفاء، لأنّ التشرنق والانكفاء يقودان الى الانقسام والانهزام. نحن مدعوّون اليوم إلى أن نقف في وجه كل أنواع الهيمنة والغزو. والهيمنة والسيطرة الخارجية لا تترجم في كثير من الاحيان بمجرد الاكتساح العسكري والسيطرة الميدانية، بل تتّخذ شكل الغزو الثقافي والفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغيره، وبثّ أفكار التفرقة والعنصرية، وتقوية النزعة الفئوية والقوميّة على حساب الانتماء الوطني والمواطنة".

وقال:"إنّ تفكيك المجتمعات وفصم عرى ترابطها يكون بتفكيك مكوناتها وأطيافها وطوائفها. ولا يخفى عليكم أنّنا من هذه الزاوية وكطائفة أرثوذكسية مشرقية مستهدفون كما غيرنا. وكل ما قيل ها هنا من شأنه أن يؤدي الى تفجر المجتمعات من داخلها وتشظيها كيانات وكانتونات متناحرة. ونحن مدعوّون الى أن نقف صفّاً واحداً في مواجهة كل هذا. وفي هذا السّياق، ومن ناحية ثانية يطيب لي أن نشدّد أنّنا في زمن يدعونا الى ان نشق عنان السماء بكلمة وحدتنا ككنيسة انطاكية ارثوذكسية من جهة، وتآخينا مع كل الأطياف، من جهة أخرى. نحن في زمن، الأحرى بنا فيه أن ننظر الى الوحدة لا الى التفرّق. وحدة لبنان خط أحمر بالنسبة لنا، ووحدة سوريا خط أحمر بالنسبة لنا، ووحدة الكنيسة الانطاكية الأرثوذكسية بكامل أبرشياتها، وبكل قلوب أبنائها هي أيضاً قدس أقداس فكرنا وممارستنا".

أضاف:"فخامة الرئيس، ألقى أخوتي المطارنة بانتخابهم لي بطريركاً، مسؤولية الحفاظ على الحضور الأرثوذكسي الواحد والفاعل في أنطاكيا. هذا التكليف هو الأعز على قلبي في هذا الزمن الصعب. لذلك فأنا أعمل مع اخوتي المطارنة على ترسيخ أبنائنا في أرضهم، وفي مساعدتهم على البقاء الفاعل فيها. عملنا المشترك هذا يلاقي ما شدّدتم عليه في باريس بأنّ رسالتنا أن نحافظ على الحضور المسيحي مهما بلغ الثمن، ويجعلنا نكون على قدر الضرورة التاريخية الواجبة، ويساهم في تلافي ما حذّر منه الرئيس الفرنسي عندما شدد على عدم السماح لأي مشروع سياسي بأن يمحو جذور التاريخ والايمان".

وتابع:"يا فخامة الرئيس، نحن نعول عليكم كثيراً في دفع كل خطر يمكن أن يتعرض له المسيحيون ليس فقط في لبنان، بل على مدى الشرق، وفي إنصاف الأرثوذكس الذين بذلوا ويبذلون الكثير من أجل لبنان والشرق. ومن هنا، ألفت أنظار الجميع الى قضية المخطوفين وعلى رأسهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، المخطوفين منذ أكثر من اربع سنوات".

وختم يازجي:"أخيراً أيّها العزيز والصديق الياس مع العزيزة جوليا، لكما منّا مع عائلتكما الكريمة أحرّ الأدعية بحفظكم ونجاحكم وتوفيقكم الدائم وعلى كافّة الأصعدة الاجتماعية منها والسياسية والفنية، مع تعبيري عن فرحي في هذا اللّقاء الأخوي والعائلي في دارتكم الكريمة، وعربون محبّة وتقدير، أُقدم لكم أيقونة مار الياس الحي ليحميكم ويأخذ بيمينكم الى كل خير وصلاح. عشتم فخامة الرئيس وعاش لبنان".

وفي نهاية الغذاء، التقطت صورة تذكاريّة للرّئيس عون ويازجي وبو صعب والمطارنة.