يأمل المسيحيّون في سورية في "ولادة جديدة" للبلاد
على مدار الأيّام القليلة الماضية، نظر العالم بذهول إلى المعارضة السوريّة وهي تسيطر على مساحات شاسعة من البلاد بسرعة البرق. ويوم الأحد، أعلنت المعارضة المسلّحة عن استيلائها على دمشق، ما وضع نهاية رسميّة لحكم عائلة الأسد الذي دام 53 عامًا.
غالبًا ما تمّ تصوير نظام الأسد على أنّه "مدافع" عن الأقلّيّات الدينيّة المتواجدة في البلاد. وبالتالي كان أحد أكبر الأسئلة بشأن انتصار المعارضة هو ما يعنيه ذلك للأقلّيّات السوريّة – من دروز وعلويّين وشيعة ومسيحيّين وأكراد وغيرهم.
قال الأب بهجت قره قاش الفرنسيسكانيّ، كاهن رعيّة حلب للاتين لفاتيكان نيوز، عندما سُئل عن سبب احتفال العديد من المسيحيّين بسقوط النظام، إنّ المسيحيّين، "مثلهم كمثل جميع السوريّين"، كانوا "منهكين تمامًا من العيش في ظلّ النظام"، حيث "لم يكن هناك تنمية ولا نموّ اقتصاديّ".
وأكّد أنّ "الأمر لا يتعلّق بالعيش، بل بالبقاء على قيد الحياة".
وأشار إلى أنّ المعارضة أظهرت في خلال السنوات القليلة الماضية تسامحًا متزايدًا تجاه المسيحيّين، بما في ذلك إعادة الممتلكات المصادرة. وقال بأنْ بعد أن سيطروا على حلب وانتقلوا جنوبًا، كانوا يرسلون "رسائل قويّة جدًّا من التسامح" إلى الأقلّيّات كلّها، بما في ذلك المسيحيّين.
كما أكّد الأب قره قارش على واجب المجتمع الدوليّ في "القيام بدوره في استقرار البلاد، ومساعدة السوريّين في وضع دستور جديد يحترم حقوق الجميع كلّها". وقال الراهب الفرنسيسكانيّ السوريّ: "هذا هو أملنا، ولكن علينا أن نرى كيف ستسير الأمور".
أمّا المطران حنّا جلوف، النائب الرسوليّ في حلب، فشكر الله على أنّ انتقال السلطة تمّ من دون إراقة دماء.
وقال المطران لموقع فاتيكان نيوز، إنّه التقى بالجولاني، قائد "هيئة تحرير الشام"، الذي أعطاه "تأكيدات أن، لن يتمّ المساس لا بالمسيحيّين ولا بممتلكاتهم، وأنّ [المسلّحين] سيستجيبون لطلباتنا المشروعة كلّها". وقال بأنْ حتّى الآن، كان المعارضون صادقين في كلمتهم، وعاملوا المسيحيّين "بلطف كبير".
الأب فراس لطفي، كاهن رعيّة اللاتين في دمشق، كان أكثر تفاؤلًا بعض الشيء، حيث وصف سقوط النظام بأنّه "هديّة تأتي إلينا في عيد مريم: ولادة سورية الجديدة بعد 53 عامًا من الحكم الدكتاتوريّ المتعطّش للدماء"، مشدّدًا على أنّ الأسد ترك وراءه "أكثر من نصف مليون قتيل" و"اقتصادًا في حالة خراب".
وأكّد أنّ اللحظة الحاليّة هي الوقت المناسب "للاحتفال بولادة سورية الجديدة". لكنّه أشار إلى أنّ هناك أسئلة مهمّة يجب طرحها حول مستقبل البلاد، وخصوصًا في ضوء التنوّع الواسع للجماعات المسلّحة - بما في ذلك العديد من المقاتلين الأجانب- التي تمسك بالسلطة الآن.
وأعرب الكاهن عن أمله في أن يتمكّن السوريّون، جنبًا إلى جنب مع المجتمع الدوليّ الذي قال إنّه "ساعد المعارضة بالتأكيد على استعادة السلطة"، من قيادة البلاد إلى "نهضة حقيقيّة ونهائيّة، حيث تسود الديمقراطيّة واحترام حقوق الإنسان، وحيث يتمّ احترام السوريّين من الأديان والأعراق والطوائف جميعها".