وفي زحلة.. تجلّى الرّب
بعد الإنجيل المقدّس ألقى درويش عظة قال فيها: "التّجلّي: كلمة غريبة عن مفهومنا وغريبة عن لغتنا وبعيدة عن التّداول لاسيّما بين الشّبيبة، لأنّنا نريد دومًا أشياء حسّيّة، نلمسها بيدنا، نتفحّصها، صرنا نركض وراء المحسوس، وراء نقطة زيت تظهر على الحائط أو على صورة، تجذبنا إليها لأنّنا صرنا مادّيّين ونقيس الأمور حسب ما نراه أو ما نريد أن نراه. بينما التّجلّي لاهوت يرفعنا من عالمنا الأرضيّ لنلتقي بالسّماويّ، يجعلنا نتخطّى ما هو مادّيّ لنلمس الرّوح. تدعونا الكنيسة في هذا العيد لنصعد معًا إلى الجبل ونتأمّل بما حصل مع يسوع والتّلاميذ. أيقونة التّجلّي ستساعدنا لنفهم أكثر ما معنى التّجلّي وما هو أهمّيّته في حياتنا المسيحيّة.
سمعنا في الإنجيل أن يسوع بعدما تكلّم مع تلاميذه عن آلامه وصلبه وموته لأوّل مرّة "أخذ بطرس ويعقوب ويوحنّا وأصعدهم إلى جبل ثابور على انفراد وتجلّى قدّامهم" (متّى17: 1). لم يفهم التّلاميذ معنى كلام يسوع: آلام، صلب ودفن وقيامة وأنّه ابن الله، لذلك أراد أن يقوّي إيمانهم ويبرهن لهم أنّه هو فعلًا ابن الله. فاصطحب ثلاثة منهم وصعد إلى الجبل الّذي يعرف أرض فلسطين يرى أنّ جبل ثابور يقابل جبل الجلجلة ما الفرق بين الاثنين؟
- على جبل ثابور نرى مجد يسوع: وجهه صار كالشّمس، ثيابه صارت كالنّور، أمّا على جبل الجلجلة فنرى السّواد والدّمّ. يسوع يتألّم والعذراء تتأوّه.
- على جبل ثابور نرى قدّيسَين، بارّين من العهد القديم هما موسى وإيليّا، أمّا على الجلجلة فنرى لصًّا عن اليمين وآخر عن اليسار.
- على جبل ثابور نلمس فرح التّلاميذ واندهاشهم، على الجلجلة نرى الحزن، حزن العذراء والآخرين الّذين رافقوها.
- على جبل ثابور موسى وإيليّا يشهدان له ويكلّمانه ونسمع شهادة من السّماء من الآب يقول "هذا هو ابني الوحيد الّذي به سررت، فله اسمعوا".
نحن يا إخوتي مدعوّين للتّجلّي. ولكن لكي نتجلّى ونقترب من يسوع علينا أن نتحمّل صعوبات الصّعود إلى الجبل. حتى نلاقي يسوع ونراه متجلّيًا علينا أن نتحمّل مشقّات الحياة وصعوباتها.
يخبر الإنجيل أنّ يسوع تجلّى وأظهر قداسته بينما كان يصلّي وهذا يذكّرنا بأنّ الصّلاة مهمّة وضروريّة لنتقدّس ولنتّجلّى، لكن علينا أن نفهم بأنّنا لن نتجلّى وحدنا بل علينا أن نصلّي ونطلب باستمرار ونرجوه ونتضرع له بتواضع.
إذن سمع التّلاميذ صوتًا يقول لهم: هذا هو ابني الحبيب سمعنا هذه الجملة لأوّل مرّة في معموديّة يسوع. لكن هذه المرّة زاد عليها كلمة مهمّة: "فله اسمعوا". الآب السّماويّ يدعونا لنسمع كلام يسوع".
وفي الختام، دعا درويش نوّاب زحلة إلى التّعاطي بإيجابيّة مع أمور المواطنين، من وحي ما تم الاتّفاق عليه في اجتماع سيّدة النّجاة مؤخّرًا، وعدم الانجرار إلى التّراشق عبر الإعلام لأهداف لا تخدم مصلحة المنطقة.