وفد من هيئة مؤتمر الأزهر يزور عوده للتّشاور في أبعاد الأزمة اللّبنانيّة
"يقاسي اللّبنانيّون وينشغلون جميعًا، وهذا حقّهم وواجبهم في الأزمات الكبرى والخطيرة الّتي يعاني منها وطنهم. ويقلقهم ويغضبهم حال الإنكار لدى المسؤولين عن إدراك حجم المخاطر الّتي يتعرّض لها لبنان، إضافةً إلى حال التّلكّؤ لديهم عن المبادرة واستمرار الاستعصاء على القيام بالإصلاحات الّتي يحتاجها لبنان لتصويب مسيرته وتصحيح أوضاعه الاقتصاديّة والماليّة والنّقديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة.
نحن مجموعة من المعنيّين بالشّأن العامّ، وبالعيش المسيحيّ- الإسلاميّ في لبنان والعالم العربيّ والعالم. لقد عملت هذه المجموعة، على مدى السّنوات الثّماني الماضية، من خلال لجنة متابعة إعلان الأزهر للمواطنة، ووثيقة الأخوّة الإنسانيّة، وكانت لها نشاطات في مناسبات ومؤتمرات في لبنان وخارجه، تُعنى جميعًا بقضايا الحوار والعلاقات بين اللّبنانيّين، ومع المرجعيّات الدّينيّة العربيّة والعالميّة.
لقد أتينا كعادتنا إلى هذه الدّارة العريقة في بيروت ولبنان، ولهذه الشّخصيّة الدّينيّة والوطنيّة الكبرى، سيادة المطران الياس عوده، متروبوليت بيروت للرّوم الأرثوذكس، والمناسبة اليوم هي للتّشاور في أبعاد الأزمة اللّبنانيّة مع هذا المقام الكبير، الّذي لطالما كان له موقعه وموقفه الوطنيّ البارز، وكانت له أيضًا مواقفه الإصلاحيّة والإنقاذيّة من أجل لبنان، وآخرها ما اتّسمت به عظته الأخيرة.
لقد استجدّ عامل إيجابيّ، هو مبادرة البطريرك مار بشارة بطرس الرّاعي، بشأن تحرير الشّرعيّة اللّبنانيّة من الحصار، وبشأن تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصّراعات في المنطقة، والحاجة الماسّة إلى تنفيذ قرارات الشّرعيّة الدّوليّة، لاسيّما وتحديدًا تلك المتعلّقة بلبنان. لقد كان مقصد غبطة البطريرك، كما فهمنا منه، جمع اللّبنانيّين في حوارٍ مفتوح بشأن القضايا الكبرى الّتي يمكن الإجماعُ حولها أن ينقذ لبنان، وتحديدًا في تحرير وإطلاق فعاليّات الشّرعيّة اللّبنانيّة في أبعادها الوطنيّة والعربيّة والدّوليّة، وتنفيذ قرارات الشّرعيّة الدّوليّة الحامية للبنان، بخاصّةٍ القرارات 1559، 1680، 1701، و1757.
لقد تناقشنا مع سيادة المطران عوده، واستمعنا، بإنصاتٍ كبير، إلى مشورته وآرائه النّيّرة والمتبصّرة، ونرجو أن يكون في هذا التّشاور والحوار البنّاء والهادف مع المرجعيّات الدّينيّة، المسيحيّة والإسلاميّة، خيرٌ كثيرٌ للبنان وللّبنانيّين. الإستقطابات في الدّاخل الوطنيّ غير مفيدة، ولا تحلّ المشكلات، بل تزيد من حدّتها. لذا سنظلّ نعمل على التّوافق الّذي يصون المصلحة اللّبنانيّة والسّلام الدّاخليّ، ويعالج الأزمات المستعصية، فالخلاص يكون بالجميع، أو لا يكون، وللجميع، أو لا يكون".