لبنان
30 تموز 2025, 11:50

وفد من مجلس كنائس الشّرق الأوسط زار الرّئيس عون، والتّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
إلى قصر بعبدا توجّه وفد من مجلس كنائس الشّرق الأوسط لزيارة رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد جوزيف عون، في "تقليد معتمد في المجلس عند عقد اجتماع لجنته التّنفيذيّة في إحدى تواجد الكنائس الأعضاء في الشّرق الأوسط."

وترأّس الوفد أمين عامّ المجلس البروفيسور ميشال عبس الّذي كانت له كلمة بالمناسبة قال فيها بحسب إعلام المجلس: 

"فخامة الرّئيس،

بفرح وأمل نزوركم اليوم، نحن وفد مجلس كنائس الشّرق الأوسط، المؤلّف من الأمناء العامّين، ومسؤولي الوحدات المركزيّة في المجلس.

كان بودّنا أن يتقدّمنا رؤساء المجلس الأربعة، نيافة الأنبا أنطونيوس، وغبطة البطريرك يوحنّا العاشر، وسيادة القسّ الدّكتور بول هايدوستيان، وغبطة البطريرك رفاييل بدروس الحادي والعشرين ميناسيان، وبعض أعضاء اللّجنة التّنفيذيّة، ولكن سفر البعض، وقصر الحيّز الزّمنيّ بين يوم التّبليغ ويوم الزّيارة حالا دون ذلك. لا بدّ أن نستعيض عن ذلك بزيارتكم جميعًا خلال اجتماع اللّجنة التّنفيذيّة القادم، الّذي سوف يعقد في لبنان في بداية شهر كانون الثّاني. الجدير ذكره أنّ زيارة رئيس البلاد هو تقليد معتمد في المجلس عند عقد اجتماع لجنته التّنفيذيّة في إحدى دول تواجد الكنائس الأعضاء.

يبدأ مجلس كنائس الشّرق الأوسط الخمسين الثّانية من عمره الّذي نريده مديدًا، وهو مؤسّسة إقليميّة مرخّصة في بيروت ويضمّ 21 كنيسة منتشرة في كافّة دول الشّرق الأوسط، وموزّعة على عائلات كنسيّة أربعة حسب لاهوتها.

للمجلس مكتب رئيسيّ في لبنان، ومكاتب في الشّام، في دمشق ودرعا وحلب، ومكتب في الأردنّ، في عمان، ومكاتب في القدس والنّاصرة وغزّة، ومكتب قيد إعادة الافتتاح في مصر، في القاهرة، ومكاتب قيد التّخطيط لإعادة الفتح في العراق وقبرص.

منذ نصف قرن والمجلس يعمل في شتّى المجالات الّتي تخدم المجتمع وتقرّب النّاس من بعضها البعض، وأوّلها الكنائس، وكان السّبّاق في إطلاق الحوار بين الأديان والإثنيّات، كما يعمل في مجالات التّنمية، بجميع أبعادها، والتّربية، والبيئة، والشّبيبة، والإعلام، وكان السّباق في طرح قضايانا في المحافل الدّوليّة، وما زال يخدم اللّاجئين الفلسطينيّين، وكلّ مشرّدي الشّرق الأوسط. كذلك عمل المجلس في مجال البحوث الاجتماعيّة والتّطوير الفكريّ، وهو في حرب مستمرّة على التّعصّب والتّمييز العنصريّ، وخطاب الكراهيّة، وأبلسة الجماعات لبعضها البعض، وهذا البعد الأخير هو موضوع حوار مع معالي وزير الإعلام لتنسيق حملات التّوعية مع الدّولة اللّبنانيّة. إنّ مسكونيّتنا كمجلس كاملة، وتشمل كافّة مكوّنات المجتمع، لأنّ المسيحيّين يحيون بالإخاء ليس فقط مع بعضهم البعض، بل مع مواطنيهم من مختلف الأديان والاتّجاهات المذهبيّة، لأنّهم يؤمنون بوحدة المجتمع والأخوّة الإنسانيّة.

بفضل شبكات تواصله المسكونيّة وغير المسكونيّة، المترامية الأطراف، يستطيع المجلس إيصال صوت بلداننا إلى كلّ أصقاع المعمورة، عبر نشراته وعلاقاته الوثيقة. كما يتمتّع المجلس بمصداقيّة عالية على ضوء الحرفيّة والشّفافيّة الّتي يعمل بموجبهما واللّتين تطبعان عمله وسمعته.

نحن مؤسّسة بعيدة عن السّياسة، ولكنّنا معنيّين بمصائر أوطاننا، لذلك كنّا مهتمّين أن يصير للبنان رئيس جمهوريّة من ذوي التّاريخ المؤسّساتيّ الصّلب، لأنّ هذا جلّ ما يحتاجه لبنان، وهذا ما حصل عند انتخابكم، على ضوء تجربتكم اللّامعة في قيادة مؤسّسة الجيش في أحلك الظّروف. يومها قلت للزّملاء، وكنّا نتابع معًا الانتخابات من المكتب عبر الإعلام، قلت لهم "لقد أنقذت الجمهوريّة".

سدّد الله خطاكم في إعادة المؤسّسات إلى ديناميّتها الضّروريّة، ومأسسة الأنشطة الّتي تحتاج إلى ذلك، وهذا يعني لنا الكثير لأنّنا مجلس يؤمن ويعمل انطلاقًا من الذّهنيّة المؤسّساتيّة.

أمّا كونكم رئيس للجمهوريّة ينتمي إلى الدّين المسيحيّ في العالم العربيّ، فهذا أمر يعني لنا الكثير أيضًا، نحن المؤسّسة المسيحيّة المسكونيّة المنفتحة، بمعنى أن يرى العالم أنّنا في لبنان واحد أمام الخالق، وأنّ مسيحيّتنا هي مع الغير ومن أجل الغير، وليست موجّهة ضدّ الغير، وهذا الأمر واضح أيضًا في قيادتكم لمؤسّسة الجيش اللّبنانيّ المباركة.

فخامة الرّئيس، 

إنّ مجلس كنائس الشّرق الأوسط يضع ما أوتي من طاقة وموارد في خدمة مجتمعاتنا في المنطقة من أجل نموّها وتماسكها الاجتماعيّ، وهو مستعدّ للتّعاون مع المؤسّسات الحكوميّة لما فيه خير ومصلحة البلاد والعباد. إنّ الخبرات الّتي يكتنزها الفريق العامل كبيرة، ولن يتردّد لحظة في وضعها في خدمة الكنيسة والمجتمع عبر الدّولة، الّتي تشكّل ضمانة للجميع.

نتطلّع معكم إلى لبنان معافى، متماسك، خال من الفساد، يشكّل نموذجًا يقتدى، لأنّ لبنان الرّسالة، لبنان نطاق ضمان الفكر الحرّ، لبنان الحرّيّات والإبداع، يبقى الملهم في محيط يحبّه ويحترمه هو بذلك يكون قد أدّى، بقيادتكم، رسالته الّتي من أجلها أنشئ واّلتي هي سبب وجوده.

لبنان الدّور، لبنان النّموذج، لبنان القدوة، هذا ما نتوقّعه خلال عهدكم.

والله وليّ التّوفيق ويده مع الجماعة."

بدوره ردّ الرّئيس عون مرحّبًا بالوفد، وقال: "إنّ المسؤوليّة مشتركة وهي ليست على عاتق فرد أو مجموعة واحدة، إنّما على عاتق كافّة طبقات المجتمع، على المستوى القضائيّ، والسّياسيّ، والدّينيّ، والصّحّيّ...، كما على مستوى المسؤولين في الدّولة. نحن لدينا فرص كبيرة. والأهمّ، يبقى كما ذكرتم الحوار، وإبرز ما فيه أنّ المسيحيّين يعملون لأجل الغير لا ضدّ الغير، خصوصًا في المرحلة الّتي نعيشها وفي المنطقة الّتي تحيط بنا. ومحاولات البعض إخافة اللّبنانيّين من بعضهم البعض لا تمتّ إلى الواقع بصلة. وأنتم دوركم أساسيّ من خلال احتكاكم بالنّاس على المستوى اليوميّ، ومع كافّة شرائح المجتمع. وبالأمس كان هناك عمل وطنيّ بين دار الفتوى ومشيخة العقل من خلال إصدارهما البيان المشترك لحماية المجتمع اللّبنانيّ من إنعكاسات ما حصل في سوريا.

نحن نشدّ على أيديكم، وندعو لكم بالتّوفيق في مهمّتكم، لأنّ دوركم كبير وأساسيّ للغاية. نحن وإيّاكم نتطلّع إلى إيصال السّفينة إلى برّ الأمان. إنّ الحقد والكراهيّة يولّدان الخراب والدّمار. نحن في لبنان نتفيّأ كلّنا بعلم واحد ولدينا كلّنا هويّة واحدة. وحقّ الاختلاف مقدّس، لكن الخلاف غير مسموح. ما تقومون به لجهة إبعاد المواطنين عن الفتنة والأبلسة، رسالة أساسيّة، لأنّ البعض يلعب على هذا الوتر إمّا لمصالح خارجيّة او لمصالح شخصيّة بهدف تسجيل حيثيّة تحضيرًا للانتخابات النّيابيّة. لكن لديّ ملء الثّقة بوجود أمثالكم أنّ هذه الأمور ستواجه بحكمة وفاعليّة."

وإختتم بالقول: "في لبنان، أبلسنا بعضنا كثيرًا، وتعاملنا مع الخارج ضدّ الآخر في الدّاخل، وهذه كانت خطيئتنا الكبرى. فلنستقو ببعضنا في الدّاخل ضدّ الخارج أيًّا كان هذا الخارج، فما يعطينا قوّة موقف هو وحدتنا."

في ختام اللّقاء، قدّم البروفيسور عبس ميداليّة المجلس المذهّبة للرّئيس عون.