لبنان
28 كانون الثاني 2018, 06:00

وعد أحيا ذكرى استشهاد حبيقة ورفاقه مطر: لاتخاذ القرارات الاساسية لجمع الشمل حول قضايا الوطن ومصيره

أحيا "الحزب الوطني العلماني الديمقراطي" (وعد)، ذكرى استشهاد مؤسسه الوزير والنائب السابق ايلي حبيقة ورفاقه فارس سويدان وديمتري عجرم ووليد الزين السادسة عشرة، بقداس ترأسه راعي ابرشية بيروت المطران بولس مطر، في كنيسة القلب الأقدس - بدارو، حضره ممثلون عن رئيس الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري وممثل عن قائد الجيش جوزاف عون وجمع غفير.


وألقى المطران مطر عظة استهلها بالقول: "نصنع معا في هذا القداس التذكار السنوي السادس عشر لغياب وجه الوزير إيلي حبيقه ورفاقه الأعزاء فارس سويدان وديمتري عجرم ووليد الزين. ونرفع الصلاة إلى الله سائلينه تعالى أن يرحم نفوسهم في ملكوته، وأن يشمل معهم برحمته الواسعة جميع شهداء لبنان الذين سقطوا على مدى 40 عاما ونيف، وكل الضحايا من أبنائه وبناته الأعزاء، راجين أن تكون دماؤهم الزكية التي روت أرض الوطن فداء وقيامة للبنان".

أضاف: "كم كنا نريد لو أن هذه الحرب قد توقفت فعلا ومن غير رجعة أقله بعد الاتفاق الذي عقد في الطائف والذي توسمنا منه أن يطوي صفحة مآسيها إلى غير رجعة، وأن ينقل لبنان إلى أجواء المصالحة والتفاهم والسلام، وأن نقول جميعا، أن هذه الحرب صارت من الماضي ولن نعود إليها أبدا. فنحن قد سبق وأطلقنا في العام 1958 شعار "لا غالب ولا مغلوب" لنضع حدا لمحنة وطنية استعرت نارها زمنا يسيرا ولكنها كادت أن تهدد الكيان وتزعزع المصير. كما أن دول العالم قد سلكت منحى السلام بعد الحروب الكونية الكبرى سواء أكان في سنة 1920 حيث عقد مؤتمر "فرساي" للصلح في فرنسا، أم في العام 1945 حيث انطلقت الأمم المتحدة بصورة جديدة عازمة على أن تضع حدا نهائيا لمآسي الحروب على كل وجه الأرض. وذلك يقينا منها بأن الحروب لا تحل مشاكل الشعوب بل تفاقمها، وهي ليست الوسيلة الأكيدة ولا الفضلى للوصول إلى رفع المظالم ولا إلى بناء أوضاع مرضية للجميع".

وتابع: "أما إذا وجهنا الأنظار إلى منطقتنا الشرق أوسطية الكبرى، وفي ضوء هذا القصد الجديد والواعد للمجتمع الدولي برمته، فإننا نرى بأسف شديد أنها ما زالت مكبلة بحلقات العنف القاتل، وأنها تسير عكس التاريخ المتطلع قدما نحو التعاون وتطوير الحضارة وصنع السلام. وإننا نصدم بخاصة عندما نفاجأ بالحروب والنزاعات التي تنشب في هذه المنطقة ضمن القومية الواحدة، والوطن الواحد والدين الواحد. فهل نحن في هذا الأمر أمام قدر محتوم، فيما الوحي الإلهي قد انطلق من بلداننا، بعد أن أنزل إلينا من العلاء داعيا الأمم والقبائل إلى التعارف في ما بينها والناس جميعا إلى الإيمان برب واحد يملأ الدنيا برحمته ويسكب عليها، إذا ما قبلت مشيئته، فيضا من أنعامه؟"

وقال: "هكذا فوجئنا نحن اللبنانيين بعد قبولنا الوفاق الوطني الذي وضع حدا للحرب في بلادنا، ودعا إلى تطليق العنف مرة أخيرة ونهائية، وإلى قيام الدولة، بعد زمن قاس مضى على ضياعها، نعم فوجئنا، بعودة غير منتظرة للعنف مع الانفجار المريب الذي حصل على أبواب بيروت بالذات، وأسقط الوزير إيلي حبيقه ورفاقه الأعزاء مسقطا معه البلاد من جديد في دوامة الصراعات العنيفة التي ذرت قرنها بهذا الفعل الشنيع، وشرعت أمام لبنان والشرق برمته كل أبواب الجحيم. لقد راعنا هذا المشهد الحزين حتى الأعماق، لأننا توجسنا به أن تكون إرادتنا الوطنية بالمصالحة والوفاق قد خطفت من بين أيدينا، وأن يكون كل ما يجري في بلادنا من غير تخطيط عقولنا، وإن كانت لنا في تنفيذه مسؤوليات، أي أن يكون متأتيا من شياطين الفرقة والجريمة والإرهاب وتغليب القوة الغاشمة على العقل، والعداوة والبغضاء على الأخوة ونشدان السلام، وذلك على مستوى المنطقة المحيطة، ودولها الكبيرة منها كما الصغيرة".

أضاف: "نحن لا نشك في أن منطقتنا العربية قد ابتلت في التاريخ بتدخلات الدول الكبرى في مصيرها، كما بالسيطرة عليها زمنا وبالعبث بمقدراتها وفرض المظالم على أجيالها. لذلك، ومن باب التعويض الأخلاقي والمعنوي، يجب أن تكون هذه القوى العظمى المهتمة بالسلام والأمن لشعوبها، هي المسؤولة بفعل مقدراتها عن نزع المظالم حيثما وجدت، وبالتالي عن تأمين السلام العالمي للجميع، فلا تبقى منطقة عرضة وحدها لأن تقلع شوكها بيديها أو غير قادرة على ذلك ودون أن توضع العصي في عجلاتها. هكذا يبدو لنا سقوط الوزير إيلي حبيقه بفعل ذلك الانفجار المروع وكأنه المؤشر على استمرار غرق المنطقة بأسرها في بحر العنف القاتل، وهذا ما أثبتته الأحداث وتطوراتها منذ هذا الحدث الرهيب حتى يومنا هذا".

ورأى أن "إيلي حبيقه كان ابن بيئته طبعا. وقد دخل الحرب مع جيل من رفاقه الشباب الذي دفع في أتونها أثمانا باهظة. لكن هذا الرجل الذي كان يختزن في ذاته طاقات وفيرة، قد عاد وتنبه إلى ضرورة الانتقال من الحرب إلى السلم. فالحرب ما كانت عنده غاية ولا وسيلة عيش، بل هو اختبرها في العمق سجنا قاتما للطاقات ومضيعة لفرص الحياة. فحاول أن يخرج منها وأن يخرج البلاد كلها من هذه المأساة الرهيبة. ولو أنه لم يوفق. وربما لم تكن ساعة التوافق قد دقت بعد ولا الظروف قد تهيأت لانتقال لبنان إلى حالة الصلح والسلام. إلا أن هذه المحاولة قد دلت على نزعة في الرجل للعيش الآمن الكريم له ولأبناء وطنه على السواء. ولقد أعطي له بعد ذلك وفي أول سنوات الطائف أن يشارك في حكومات البلاد وأن يتحمل المسؤوليات السياسية في مناصب وزارية وغير وزارية. فأثبت أنه كان من طينة رجال الإقدام والخدمة والإنجازات، ما يدل على أن أمثاله من الشبان اللبنانيين، المنتمين إلى كل طائفة ومنطقة، وقد ابتلعهم أتون الحرب في بلادهم، كانوا قادرين لو لم يحرموا من نعمة الحياة على أن يأخذوا بلادهم نحو الأفضل وفي كل المجالات، فيا لها من خسارات لشباب نزف وينزف أو يهاجر أو يستقيل فيما البلاد لا تقوم إلا على رجالاتها القادرين".

أضاف: "لكن الحق يقال وهو أن للبنان اليوم فرصة ثمينة لنهوضه أخيرا من كبوته المزمنة ولعودته إلى منظومة دول العالم كي يفعل في صفوفها ويتفاعل. إنها فرصة تتمثل بانتفاء الشكاوى القديمة من مثل فقدان بعض اللبنانيين للشراكة، وبعضهم الآخر للاطمئنان. وهي تتمثل بخاصة بانتخاب رئيس للجمهورية ضامن لحقوق الجميع بشخص فخامة العماد ميشال عون حفظه الله. ففي هذا الظرف المؤاتي على كل صعيد لم يعد عندنا من سبب لعدم إرساء السلام في لبنان وعدم التوافق على دستوره وعلى دوره في المنطقة ورسالته في العالم. بل إن ما ننتظره اليوم هو توحيد الإرادات كلها واتخاذ القرارات الأساسية لجمع الشمل حول قضايا هذا الوطن ومصيره. فهل نضيع لا سمح الله هذه الفرصة من جديد؟ إنها فرصة للاستقلال الحقيقي للبنان وفرصة لتكوين دولته فعلا على أرضه وعلى حجره وبشره. فلا نفوتن هذه الفرصة بشكل من الأشكال، ولنتصرف على أساس أن لنا وطنا واحدا وليس لنا وطن آخر سواه، وعلى أن وطننا خليق بكل التضحيات للحفاظ عليه، فهو ثروة إنسانية رائعة بات العالم يقدرها اليوم أكثر من أي يوم مضى، شرط أن نلتزم نحن حيالها لتتم الأعجوبة أخيرا، أعجوبة خلاص لبنان".

وختم: "إن مسؤولياتكم كبيرة أيها السادة وكبيرة جدا. فانهضوا إلى حملها متوافقين ولو كنتم على خدمة البلاد والعباد متنافسين، وليرحم الله الوزير ايلي حبيقه ورفاقه الأحباء وليكن جميع شهدائنا لأية جهة انتموا قوة دفع لنا جميعا لنصوب المسيرة وننقذ الوطن. وعلى هذا الأمل نرفع صلاتنا من أجلهم ومن أجل لبنان ليكون موتهم حياة للوطن وأجياله الجديدة. ولنضرع إليه تعالى من أجل أن يستفيق القادة على صعيد المنطقة بأسرها ويدركوا أن الحوار والعيش المشترك في كل دولة من دولهم هي السبيل الوحيد إلى الخلاص وإلى الانتقال من دوامة العنف القاتل إلى رحاب الحياة الفارحة والمنفتحة، مقدمين التعزية لعائلة الوزير وعائلات رفاقه فردا فردا، وإلى محازبيه ومحبيه. ومستمطرين الرحمة على جميع أمواتنا، وحنان الله عليكم وعلى أحيائنا جميعا مع فيض سخي من نعمه وبركاته".


ثم ألقى رئيس حزب "وعد" جو حبيقة كلمة سأل في مستهلها "من اغتال ايلي حبيقة؟ ولماذا؟ وماذا لو كان هذا الرجل حيا"؟

وقال: "فرضية بأسئلة ثلاثة، وحرقة، يضعها أمامنا كل يوم، كل من عرفه وعرف عنه، وعرفنا. تتقاطع الاجابات احيانا كثيرة وتتطابق، وأحيانا تختلف. لكن مشتركا يبقى بيننا: "كم نحتاجه اليوم". اجل كلنا يحتاجه، لكن حاجة لبنان وحاجة صموده وبقائه موحدا غير مجزأ أو مشلع، وحاجة قيام دولته ومؤسساته، وبناء قدراته، وحتى كهربائه وأنواره. وقبلها حاجة المجتمع المسيحي لحمايته في لحظات الخطر، ليست وحدها ما تستذكر الحاجة الى ايلي حبيقة. فلحظة اليوم تتطلع الى ما سيكون موقفه ودوره من المستجدات، وهي مواقف لم تجف يوما من الرؤى والشجاعة والتضحيات والتحديات والرجولة".

أضاف: "وأول ما نغرف مما أرسى: أن نكون أقوياء لنكسب الاحترام، والا نستجدي مواقعنا وتوازننا. وكما علينا واجب حماية حقوقنا، طوائف كنا أو أحزابا، علينا باحترام حقوق غيرنا. وزاد على كل هذا، تطلعات جاءت نتيجة اختبارات وانتظارات، راكمها من خلال مسيرته الحزبية والعسكرية والاستخبارية والسياسية، ومن تجاربه في موقع المسؤولية في الدولة وزاريا ونيابيا، والتي بمجملها حل فيها أولا بشهادة الخصوم قبل المؤيدين والمحبين. راكمها من تضحيات حولته كل يوم في تاريخه الى مشروع شهيد، ولم يراكمها مختبئا في ملجأ أو متنعما آمنا هانئا كما كثر، في الديار الواسعة."

ورأى أن إيلي حبيقة رسم تطلعات ارتقت الى مشروع وطني، حلم أن ينتقل بواسطته لبنان الى عالم الاصلاح والاستقرار والانتاج. وكان مؤمنا أنه وكما نجح في إبعاد الخطر عن مجتمعه بالبندقية، سينجح من خلال هذا المشروع بالذات في إبعاد خطر الحرب والتقسيم والتهجير والهجرة واللااستقرار عن لبنان كل لبنان. سعى في الاتفاق الثلاثي، ولكن حينها ربما لم يقرأوه، وربما لم يفهموه، لكن التخلف عن السير بهذا الاتفاق وتطبيقه أغرق لبنان والمسيحيين خصوصا، ببحر دماء لخمس سنوات إضافية، الى حين إنقاد من انقاد من الانقاض الى الطائف."

وتابع: "هناك بعد من يسأل، وما هو مشروعكم. فللرافض نتوجه وللممتنع بناء على أحكام مسبقة: هذا هو مشروعنا ومحط فخرنا، وقوتنا أننا كنا السباقين في وقت غفا كثيرون عن المبادرة، الى أن صار فكرنا اليوم الأساس الذي تستند اليه مجموعات الحراك الوطني المدني، والسياسي، والاجتماعي".

وقال: "يعتقد المسيحيون اليوم أنهم خرجوا من منظومة التهميش التي فرضت عليهم بعد اتفاق الطائف، إثر هزيمتهم جراء الاقتتال الداخلي في ما بينهم، قبل انكسارهم على مستوى الخيارات السياسية الكبرى. ويعتبرون أنهم استعادوا اليوم حقوقا ضائعة، أو غيبت أو همشت، وسواء شاطرناهم الرأي أو خالفناهم، فهم استطاعوا نتيجة عوامل وظروف متعددة، أن يثبتوا توازنا وأن يصلوا بمن احتل القمة في التكتل النيابي المسيحي الأكبر. الى رأس الجمهورية. إذا الموقع اليوم في القمة، حسنا، والتوازن الذي لطالما كان هدفا لحراكنا وأدائنا حزبيا ونيابيا وحكوميا، صار اليوم واقعا. وعليه يفترض ان يكون زمن الاحباط والتهميش قد ولى، ومن عنده يجب أن تبدأ مرحلة بناء الدولة. وبناء الدولة، ممنوع الا أن يكون على مستوى طموحات وأحلام أجيال ضحت وسبقت، واجيال عايشت وتتعايش اليوم، وأخرى ستنعم به مستقبلا".

أضاف: "أما العدل، وعلى مستوى قضيتنا، فإننا ننتظر أداءه ونتائجه في تحريك ملف جريمة اغتيال ايلي حبيقة ورفاقه فارس سويدان وديمتري عجرم ووليد الزين، وكل الجرائم المماثلة، خصوصا وأن هذه الجريمة بالذات تعتبر البوابة التي معها تشلعت مداخل الأمن على مسلسل الاغتيالات في لبنان، والسبحة التي كرت مزعزعة استقرارا لم تطو ارتداداته الى الآن. فالعدل أساس الملك.. فهل ننجح في اختبار تكريسه مثالا يحتذى في بلد يجتاز قطوع التفلت من اللاعدالة. وهل ننجح في التموضع ضمن منطوق الدولة؟ ونعمل وفق قواعدها وأهدافها؟ وهل ننجح في تخطي مصلحة الذات فردا أو مجموعة، الى ما يفيد المصلحة العامة والخير العام؟ والأهم هل يستطيع المسيحيون في ذروة قوتهم، أن يحدثوا الفرق بين الأمس واليوم؟ حين كانت الشكوى والتذمر والشعور بالإحباط اللازمة التي يفتتحون بها فجر كل يوم جديد؟ وهل سيستطيعون أن يقدموا لمجتمعهم المكتسبات التي يعتبرون أن من سبقهم عجز عن تقديمها"؟

وقال: "إنه التحدي أيها الأوفياء، في أن نتجاوز منطق الاحتكار، والأهم الأهم أن نتجاوز خاصاتنا والمصالح الضيقة، الى الأشمل والعام. أنه التحدي في أن نتطلع الى الآتي من الأيام بأمل وتفاؤل، فمن المفترض الا يحول عائق دون تفاؤلنا، ودون شروعنا أو مضينا في رحلة بناء الانسان والدولة والمؤسسات. فقرارنا أن نمضي في مسيرتنا عبر المشروع الذي يحمي البلاد ويحصنها، وانطلاقا من قناعات راسخة، نجدد مع ايلي حبيقة ونؤكد أن للمسيحيين أدوارا كبيرة وطاقات هائلة يجب الافادة منها. عليهم بالخروج من مناخات الشكوك حول الوجود، والديمغرافيا. فلا يجوز أن يسجل على المسيحيين أنهم يقوون في الأزمات ويتخبطون في زمن السلام. عليهم بلعب دورهم كاملا في السلم والبناء، فالاستقالة من الدور ممنوعة، وفيها النهاية المحتمة. لا تعطونا أعذارا بعد اليوم. ولا تتركوا لليأس مكانا، ولنؤكد على شجاعتنا في بناء دولتنا، لأن منطق الدولة، يتطلب شجاعة تفوق تلك التي تتطلبها الأعمال العسكرية ومنطق الحرب".

وتابع: "فلنتعاط بشجاعة، إنها حاجة العامة والخاصة. فلنكن شجعانا كما جيشنا، في حماية الوطن، وفي هزم الارهاب، وما ينسحب على الجيش ينسحب كذلك على سائر القوى الأمنية. فالشجاعة وحدها تسقط الحواجز وتتخطى العوائق وتحطم اسوارا وجدت لسد الأبواب والمنافذ على بناء الوطن. فخرنا أننا من مدرسة الشجاعة، المدرسة التي حمت وجود مجتمعها ونقلته الى رحاب الوطن. ونحن من مدرسة الشجاعة التي سعت وعملت وما زالت لنقل مجتمعها من التطرف القاتل الى ساحة العلمانية، لتتكرس لوطننا هوية على أنقاض الطائفية والقبلية والتقوقع. فلا من طائفة مستضعفة، إنما هناك مواطن مستضعف. لا من أزمة صلاحيات، إنما هناك أزمة حياتية إقتصادية واجتماعية".

وأكد أن "هذه قناعاتنا، وهي قناعات مدرسة الشجاعة نفسها التي قررت اقتلاع ثقافة التسلط وانتهاج نظم الديموقراطية. وطني علماني ديموقراطي إنه الوعد كمنظومة ثقافية وحضارية، وإنه إرث من أعطى لهذا الوطن بشعبه ومؤسساته حتى آخر قطرة من دمائه". 

وكرر أنه "لا سبب بعد اليوم للتذرع بفقدان الحضور في المؤسسات والادارات، ومواقع القرار، فالكفايات والقدرات والطموحون والطموحات في الانتظار.. يبقى الا تطيحوا بآليات إختيار وتعيين، وضعت لتنمية المؤسسات وتطويرها ورفدها بالأكفياء لحساب صاغرين من أتباع وأزلام. لا سبب بعد اليوم للتذرع بسيادة منطق الصفقات، وإن كان المتربصون انتهوا من الزرع في أنوف الناس صوابا أو زورا، روائح المحاصصات. فلا تهدروا خيرات الأرض ولا تميعوا ثروات البحر، فخسارة السنوات الضائعة لا تعوض بالتباهي بالاكتشافات، ولا بالقوانين المتأخرة ولا بالتشكرات، كي لا تستهلكنا المهل ونستفيق على نفط كان.

وختم: "من منطلق شجاع يشهد عليه تاريخنا وحاضرنا، ومن أداء ترجم القناعات بالمواقف، والوعود بالتنفيذ. ومن ثقافة الصدق التي يشهد عليها الأبعدون قبل الأقربين، ومن مفهوم الوطنية التي وسمت سلوكياتنا، نعدكم أننا سنكون الى جانب كل من كان مؤمنا أو أمينا، وسنخوض سويا معترك النضال السياسي والاجتماعي لنحقق الوعد وتسلم الوطنية والعلمانية والديموقراطية. ووعدنا لكم أن نبقى على مستوى آمالكم، وأن نبقى لكم الأوفياء".