لبنان
22 حزيران 2018, 13:48

وبات للبطريركيّة السّريانيّة الأرثوذكسيّة مقرًّا جديدًا في لبنان

إفتتحت الكنيسة السّريانيّة الأرثوذكسيّة اليوم في بلدة العطشانة- لبنان مقرّها البطريركيّ الجديد، برعاية رئيس الجمهوريّة اللّبنانيّة العماد ميشال عون وحضوره، وذلك في قدّاس إلهيّ ترأّسه بطريرك السّريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثّاني، وبابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة تواضروس الثّاني وكاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس آرام الأوّل، عاونهم في لفيف من المطارنة والكهنة.

 

وحضر القدّاس رؤساء الطّوائف الكاثوليكيّة البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الرّاعي، بطريرك الرّوم الكاثوليك مار يوسف العبسيّ، بطريرك الأرمن الكاثوليك غريغوريوس بطرس غبرويان، بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف يونان، وبطريرك الرّوم الأرثوذكس يوحنّا اليازحي، ورئيس المجمع الإنجيليّ القسّ سليم صهيون، ورؤساء كنائس الكلدان والآشوريّين واللّاتين، والقائم بأعمال السّفارة البابويّة المونسنيور إيفان سانتوس، وكذلك لفيف من مطارنة الطّوائف المسيحيّة الأرثوذكسيّة والكاثوليكيّة والمشرقيّة من مختلف أبرشيّات العالم. فضلاً عن حضور سياسيّ واجتماعيّ لافت.

تخلّل القدّاس عظة للبطريرك أفرام الثّاني قال فيها نقلاً عن موقع رئاسة الجمهوريّة اللّبنانيّة:

"يسعدني جدًّا أن أرحّب بكم جميعًا خلال هذا القدّاس الإلهيّ الّذي احتفلنا به بحسب طقس كنيستنا الأنطاكيّة السّريانيّة. وهذه هي المرّة الأولى في تاريخنا المسيحيّ حيث يقوم رؤساء الكنائس الشّرقيّة الأرثوذكسيّة في الشّرق الاوسط بالاحتفال بالقدّاس الإلهيّ معًا. أشكر إلهنا الرّحوم الّذي منحنا هذه البركة العظيمة فأهّلنا للاحتفال بهذا القدّاس الإلهيّ.

كما يطيب لي أن أشكر فخامة رئيس الجمهوريّة على تكرّمه بحضور هذا القدّاس الإلهيّ ورعايته الكريمة لافتتاح مقرّنا البطريركيّ الجديد. هذا الصّرح الّذي أعاننا الرّبّ على تشييده من تبرّعات المؤمنين ليكون مقرّاً لكنيستنا هنا في لبنان العزيز الّذي احتضن أبناء كنيستنا السّريانيّة الأرثوذكسيّة منذ القرون الأولى وإن كنّا اليوم نوصف بالأقلّيّة، ولكن لبنان باسمه السّريانيّ الأصيل ليبنون أيّ قلب الله، سيظلّ في قلب كلّ سريانيّ أينما حلّ في هذا العالم، تمامًا كما سوريا الحبيبة الّتي أعطيناها اسمنا واحتضنت كرسينا الرّسوليّ الأنطاكيّ في أنطاكية أوّلاً ثمّ في أديرة ما بين النّهرين وخاصّة دير الزّعفران في ماردين، إلى أن وصل إلى أمّ الزّنّار في حمص، فدمشق.
لقد أنشأنا هذا الصّرح الّذي يفتتح بعد قليل في هذه الأيّام العصيبة الّتي تمرّ بها بلادنا الحبيبة كردّ على من عمل ويعمل على إضعاف وجودنا المسيحيّ، فسلّط علينا الأعمال الإرهابيّة والحروب العبثيّة الّتي عصفت ببلادنا فأدّت إلى تهجير العدد الكبير من أبناء كنائسنا وخاصّة من العراق العزيز وسوريا الحبيبة موطن آبائنا وأجدادنا الّذي سكنّاه منذ بدء التّاريخ وفيه أقمنا حضارتنا ومنه صدّرنا مدنيّتنا.
والتّاريخ شاهد على عظمة آبائنا الّذين أقاموا المراكز الدّينيّة المشعّة بالرّوحانيّة المشرقيّة والمؤسّسات العلميّة اللّامعة في مدن خالدة، أمثال أنطاكية ونصّيبين والرّها وقنشرين وغيرها الكثير.
وما زال هذا التّراث المشرقيّ الرّوحيّ يدرس في الجامعات العالميّة وفي نفس الوقت يغني كنائسنا المشرقيّة.
إنّ ما يمرّ به مشرقنا العزيز لن يثنينا عن عزمنا على مواصلة تقديم الشّهادة الحيّة للمسيح وكذلك تقديم الخدمة الممكنة لأبنائنا الرّوحيّين وكذلك لإخوتنا المسلمين الّذين نتشارك معهم بمحبّة هذه الأرض.

ولن نسمح للفتن والمؤامرات اللّعينة الّتي تحاك لهذا المشرق من النّيل من وحدتنا الوطنيّة.  فالأيادي الأثيمة الّتي امتدّت إلى كنائسنا وأديرتنا وخطفت كهنتنا، وعلى رأسهم مطرانا حلب العزيزان بولس يازجي ويوحنّا ابراهيم ستشلّ بتأكيدنا على تعزيز أواصر المحبّة بين أبناء الوطن الواحد وبقوّة إرادتنا على مسح آثار تلك الهمجيّة غير المسبوقة الّتي أتت على البشر كما الحجر. فنقول لمن يخطّط ولمن يعمل على اقتلاعنا من جذورنا إنّ إرادة البقاء عندنا هي أقوى من محاولتكم لاقتلاعنا. أيّها الأحبّاء،  ليلة البارحة وبمشاركة صاحبي القداسة، كرّسنا كنيسة المقرّ البطريركيّ الجديد على اسم القدّيس العظيم مار سويريوس البطريرك الأنطاكيّ الّذي أرغم على ترك مقرّ كرسيه الرّسوليّ، وأصبح لاجئًا في مصر، حيث قوبل بالتّرحيب والتّقدير من قبل أبناء كنيسة الإسكندريّة الشّقيقة. واليوم،  وبعد ألف وخمسمئة عام من ضلال ذخائره المقدّسة الّتي حملها معه صاحب القداسة البابا تواضروس الثّاني، يعود هذا القدّيس العظيم إلى كنيسته أنطاكية، وبهذا لعلّنا نوفيه بعضًا من حقّه الّذي سلب منه بسبب الاضطهادات الّتي تعرّض إليها من جهة والاتّهامات الّتي وجّهت إليه جذافًا من جهة أخرى.

فخامة الرّئيس،
إنّه لمن دواعي افتخارنا أن تقوموا أنتم بالذّات برعاية هذا الحدث الهامّ إذ أنّكم تحملون في قلبكم وعلى أكتافكم ومن هذا الوطن العزيز لبنان هموم عموم مسيحيّي المشرق حتّى قبل انتخابكم رئيسًا. ونحن نشدّ على أياديكم وندعم جهودكم في جعل لبنان مركزًا للحوار الدّينيّ ومثالاً للعيش المشترك. كما نصلّي أن يوفقّكم الله في تحقيق أهدافكم النّبيلة في صون كرامة إنساننا المشرقيّ، وحفظ بلادنا العزيزة لبنان وسوريا والعراق وسائر المشرق.

إنّني أتقدّم بالشّكر الجزيل باسمي وباسم أصحاب النّيافة مطارنة كنيستنا الأجلاء، للأخين العزيزين قداسة البابا تواضروس الثّاني بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة، وقداسة آرام الأوّل كاثوليكوس الأرمن لبيت كليكيا الكبير مع مطارنتهما الأجلّاء الحاضرين لاشتراكهم معنا بالاحتفال بهذا القدّاس الإلهيّ وبافتتاح مقرّنا البطريركيّ الجديد.

كما أتقدّم من إخوتي أصحاب الغبطة مطارنة الكنائس المشرقيّين ولفيف المطارنة والأحبّاء المسؤولين مدنيّين وعسكريّين بالشّكر الجزيل لحضوركم معنا."

هذا ورُفعت صلاة خاصّة على نيّة المطرانين المخطوفين.

يُذكر أنّ المقرّ الجديد للبطريركيّة يضمّ كنيسة وجناحًا بطريركيًّا وقاعة اجتماعات وصالونات ومكتبة ومتحفًا للمخطوطات، إضافة الى غرف نوم للمطارنة.