لبنان
21 كانون الثاني 2021, 13:30

هل يخاف الكاهن في زمن الوباء؟

تيلي لوميار/ نورسات
على هذا السّؤال أجاب الخوري أنطونيو نفّاع في مقال نشره موقع أبرشيّة أنطلياس المارونيّة، فكتب:

"كثرت التّساؤلات في الفترة الأخيرة حول دور الكهنة في زمن الوباء، ولم يتوان الكثيرون عن اتّهامهم بالخوف، معتبرين هذا الخوف علامة لقلّة إيمان ممّن يفترض أن يعلّم الإيمان ويجسّده في حياته.

ولكن، فعلاً هل يخاف الكاهن في زمن الوباء؟

طبعًا، وبدون أيّ شكّ، الكاهن يخاف!

يخاف لأنّه يرى إخوته الكهنة يصابون الواحد تلو الآخر، يموتون الواحد تلو الآخر، وبعضهم يصل إلى عتبة الموت ويعود.

يخاف لأنّه لا يريد أن يؤذي أحدًا، يخاف لأنّ لديه ضميرًا حيًّا لا يسمح له أن "يقتل" أحدًا.

يخاف لأنّه يتوق إلى بذل ذاته والتّضحية بحياته، ولكن بهذه الحالة سيجبر الكثيرين على التّضحية بحياتهم بسببه، وهذا ما لا يريده.

يخاف لأنّه يعرف وجع النّاس المتالّمين، المفجوعين على فقدان أحبّائهم، الّذين لا يستطيعون حتّى أن يودّعوهم.

يخاف لأنّه يعلم عن قرب معاناة النّاس الّذين يموتون في سياراتهم على أبواب المستشفيات.

يخاف لأنّه يؤمن أنّ الحياة نعمة من الله، والمحافظة عليها واجب، أمّا التّفريط بها خطيئة مميتة.

يخاف لأنّه يؤمن أنّ جسد المسيح هو المفتاح الوحيد للحياة الأبديّة، وليس لقاحًا، لأنّه يؤمن أنّ المياه المقدّسة هي لصحّة النّفس والجسد، وليست معقّمًا.

يخاف لأنّه هو، وإن كان كاهنًا، يبقى إنسانًا، لديه عائلة، أهل، يحبّهم، يخاف عليهم، ولا يريد أن يتسبّب بموتهم، ولا هم مجبرون على مشاركته تضحيته بحياته.

يخاف لأنّه يؤمن بأنّ الرّبّ، إله الرّحمة، لن يطرد عند باب الملكوت مريضًا لأنّ الظّروف حالت دون منحه سرّ المسحة المقدّسة، على أهمّيّته وقدسيّته، وإن كان لا غنى عنه في الأحوال الطّبيعيّة.

يخاف لأنّه يؤمن أنّ الصّلاة، وإن كانت عن بعد، هي لتتميم مشيئة الله وليس لفرض الشّفاء عليه حسب درجة إيمان الكاهن.

يخاف لأنّه يعلم أنّ الله وضع الشّريعة من أجل الإنسان وليس الإنسان من أجل الشّريعة (مر 2: 27)، لأنّه يؤمن بالّذي قال "أريد رحمةً لا ذبيحةً" (متّى 12: 7)، لأنّه يؤمن بأنّ "مجد الله هو الإنسان الحيّ" (القدّيس إيريناوس).

يخاف أن يتحوّل الله بالنّسبة للكثيرين إلى ساحر، فهو يعلم أنّ الله يساعد الإنسان بطرق عديدة، بخاصّة من خلال الوقاية والعلم.

يخاف لأنّه يخشى أن ينظر النّاس إلى الله على أنّه إله قاس، يقتل أولاده ويتلذّذ بتعذيبهم لأنّهم خاطئون، يخاف لأنّه اختبر أنّ الله ليس إلّا محبّة!

يخاف لأنّه لا يريد أن يجرّب الله!

يخاف لأنّه يحبّ القريب، ومن خلاله يحبّ الله!".