دينيّة
10 تشرين الثاني 2019, 08:00

خاصّ- هل نحسن قراءة علامات الأزمنة؟

غلوريا بو خليل
اليوم في أحد تجديد البيعة، نتأمّل في إنجيل يوحنَّا "عيد تجديد الهيكل" (22/10-42) الذي نقرأ بين سطوره نداءً ملحًّا للتّجديد في حياة الكنيسة للسّير بها على درب الرّاعي الصّالح، محور حياتنا، يسوع المسيح. وللتّعمّق أكثر في هذا الإنجيل وأبعاده كان لموقعنا حديث مع الأب كميل مبارك الذي شرح لنا المحاور الأساسيّة لهذا النّصّ الإنجيليّ.

 

إستهلّ الأب مبارك شرحه قائلًا: "يرجع هذا العيد إلى التّقليد اليهوديّ ويعني تجديد بناء هيكل سليمان بعدما هُدِمَ في القرن السّادس قبل المسيح من قبل العبرانيِّين بعد عودتهم من السّبيّ إلى بابل. ونتأمَّل في هذا الأحد، بالتّجديد في معناه المادّيّ ومعناه الرّوحيّ."

وأكمل: "التّجديد بمعناه المادِّيّ هو إعادة بناء أو ترميم الكنائس التي تُدمّر في زمن الحروب والاضطهادات، وتحسين مظهر دور العبادة كي تليق شكلًا بعبادة الله، لأنَّ الكنيسة وما فيها من زينة وتحف وأوانٍ فخمة تعكس صورة المجد السّماويّ. إنَّها بيت الله وخباء المحضر والمسكن المقدَّس.

وما مظاهر التّجديد والغنى فيها إلَّا للتّعبير عن محاولة الإنسان إضفاء مظاهر التّمجيد والإكبار لله القدُّوس، وهكذا لا يكون التّسبيح والمجد والإكرام والتّعظيم بالكلام فقط، إنَّما بما يحيط بهذا الكلام من أُطُر خارجيَّة.

أمّا التّجديد بمعناه الرّوحيّ أو التّجدُّد، فهو المعنى الصّحيح والمطلوب من كلِّ مؤمن. حين نصلّي: "أرسل روحك أيّها القدّوس فيتجدَّد وجه الأرض"، أو حين نقول مع المزمور: "قلبًا نقيًّا "جديدًا" أخلق فيَّ يا الله"، إنَّما نطلب إلى الله تعالى أن يعطينا النِّعَم لنخلعَ عنَّا الإنسان العتيق المتلبّس بالخطيئة والشّرّ ونلبس بالنّعمة وبسرِّ الفداء الإنسان الجديد الذي اعتمد فوُلد "ولادة جديدة" تفتح له الطّريق أمام دخول الملكوت السّماويّ."

وتابع: "هذا التّجديد هو صورة عن السّماء الجديدة والأرض الجديدة اللّتين تحدَّث عنهما سِفْرُ رؤيا يوحنَّا، وهما صورة الحياة ما بعد القيامة. هذا يعني أنَّ المسيح هو الذي جدّد الخليقة بقيامته وأهَّل النّاس ليعيشوا هذا التّجديد منذ الآن، لأنَّهم إذا دخلوا سرَّ المسيح بممارسة الأسرار المقدَّسة يكونون قد بدأوا التّجدُّد الذي يكتمل بالمجد السّماويّ ويبقى جديدًا إلى الأبد.

أمَّا على صعيد الحياة الشّخصيّة، فالتّجدُّد يكسر قاعدة الملل والضّجر الذي يصيب الإنسان من جرَّاء روتين الحياة اليوميَّة، فيفقد بريق الدّهشة والاهتمام لأنَّه غرق في هموم الأرض على أنواعها، لذلك فالتّجدُّد ضروريّ ليبقى الإنسان مشتعلًا لا يغلب عليه رماد الأيام وأثقالها."

وإختتم الأب مبارك شرحه قائلًا: "أمَّا الإنجيل الذي قرأناه اليوم فقد فتح المشادَّة الكلاميَّة والكتابيَّة بين المسيح واليهود. لقد دعا المسيح اليهود ويدعونا جميعًا إلى أن نحسنَ قراءة علامات الأزمنة. وأن نفهم الكتاب المقدَّس الذي تَحدَّث مرارًا عن علامات مجيء المسيح التي لم يُحسن اليهود فهمها أو تطبيقها على شخص المسيح، إمَّا لقلَّة إدراكهم، وإمَّا لأنَّهم يرفضون هذا الآتي بالسّلطان والقوَّة، لأنَّهم يخافون منه على مراكزهم ومصالحهم. وفي الحالتين لم يستطيعوا أن يروا الله في أعمال المسيح ولا في شخصه ولا في كلامه. وهذا النّقص ما زال موجودًا حتّى اليوم في الذين سمعوا بالمسيح وأفعاله وموته وقيامته بالبشارة أو بالعلم، ولم يصدِّقوا ولا آمنوا."