لبنان
28 آذار 2022, 06:30

هكذا أحيت بكركي عيد البشارة، وللمناسبة رسالة من البابا إلى البطريرك الرّاعي!

تيلي لوميار/ نورسات
أحيا الصّرح البطريركيّ المارونيّ عيد بشارة مريم العذراء والذّكرى الحادية عشرة لتولية البطريرك بشارة الرّاعي على كرسيّ أنطاكيا، في قدّاس احتفاليّ ترأّسه الرّاعي بمشاركة السّفير البابويّ المطران جوزف سبيتاري ولفيف من أساقفة الكنيسة المارونيّة والرّؤساء العامّين والكهنة.

وللمناسبة، ألقى الرّاعي عظة توقّف فيها عند بشارة الملاك لمريم العذراء، وأضاء على زيارته الرّاعويّة لأبرشيّة مصر والسّودان، فقال:

"1. بجوابها لبشارة الملاك، قالت عذراء النّاصرة "نعم" لإرادة الله وتصميمه الخلاصيّ، متّخذة بطاعتها موقف الخادمة. بكلمة "نعم" بدأ الحبل بابن الله، المخلّص والفادي، بقوّة الرّوح القدس. وظلّت مريم أمينة لكلمة "نعم" المجسَّدة في الطّاعة والخدمة حتّى أقدام الصّليب. إنّها لنا المثال والقدوة في حياتنا الأسقفيّة، وقد دُعينا جميعًا لخدمة كلمة الله، يسوع المسيح، وتدبير الله الخلاصيّ. هذه كانت أبعاد كلمة "نعم" الّتي قالها كلّ واحدٍ منّا، عندما اختاره الرّوح القدس بصوت آباء السّينودس المقدّس. فلا ننسى أنّ هذا الاختيار وهذه الدّعوة يتجدّدان كلّ يوم، في كلّ ظرف من ظروف حياتنا وخدمتنا، بوجهيها المفرح والمؤلم.

2. يسعدنا أن نحتفل معًا بذبيحة الشّكر في ختام السّنة الحادية عشرة من خدمتي البطريركيّة بموآزرتكم، وقد وضعتم فيَّ ثقتكم الغالية. فإنّي أجدّد ثقتي بكلّ واحد منكم لنواصل معًا خدمتنا لكنيستنا في لبنان والنّطاق البطريركيّ وبلدان الانتشار. فأذكر في هذه اللّيتورجيا كلّ إخواني السّادة المطارنة في أبرشيّاتهم، مع كهنتهم والرّهبان والرّاهبات وكلّ أبناء كنيستنا المارونيّة وبناتها. فنلتمس لكم أيّها الإخوة الأجلّاء الحاضرون معنا ولكلّ إخواننا حيثما هم في أبرشيّاتهم فيض النّعم السّماويّة وثمار الخدمة المثلّثة: التّعليم والتّقديس والتّدبير.

3. إنّ خدمتنا الأسقفيّة المثلّثة تبقى حاجة أساسيّة. فكلمة الله هي الّتي تنير وتشدّد وتوجّه وتعزّي شعبنا في مختلف ظروف الحياة. ونعمة التّقديس تحيي نفوسهم وقلوبهم وتدخلهم في شركة عميقة مع الله الّذي وحده يشفي جراحهم الرّوحيّة والمعنويّة، ويبعث فيهم روح القيامة والرّجاء. وخدمة التّدبير تدعونا لنكون لهم وجه المسيح الرّاعي الصّالح. نسير أمامهم لندلّهم إلى الطّريق الّذي يجب سلوكه، ولنحميهم من الذّئاب، ونسير في وسطهم لنتضامن معهم، ونعيش بقربهم، ونضمّد الجراح، ونسير وراءهم لنجمعهم ونوحدّهم بالحقيقة والمحبّة، ساهرين على ألّا يشردوا ويتشتتّوا.  

4. في هذا الإطار المثلّث الأبعاد نسير في آن مع الكنيسة الجامعة، بقيادة قداسة البابا فرنسيس، في مسيرتها الإعداديّة السّينودسيّة من أجل تعزيز الشّركة والمشاركة والرّسالة، وداخل كنيستنا المارونيّة في تحقيق سينودسيّة السّير معًا لنشدّد عرى الشّركة فيما بيننا، ونعيش مقتضيات المشاركة بمختلف وجوهها، ونلتزم بالرّسالة الموكولة إلينا من المسيح الرّبّ في إطار رسالة الكنيسة الجامعة.

5. وتبقى خدمةُ المحبّة رسالةً جوهريّة تدعونا كلّ يوم أكثر فأكثر، نظرًا لاشتداد الأزمة الاقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والاجتماعيّة الخانقة شعبنا. إنّي أوجّه تحيّة شكر وتقدير لكلّ المبادرات الّتي تقوم بها البطريركيّة والأبرشيّات والرّعايا والرّهبانيّات والأديار، ومؤسّساتنا التّربويّة والاستشفائيّة والطّبّيّة والاجتماعيّة المتنوّعة. لكنّ الحاجات المتزايدة تلزمنا بالمزيد من المبادرات. لا أغفل ما تقوم به رابطة كاريتاس لبنان في برامجها المتنوّعة، وما تقدّمه مثيلاتها من المؤسّسات الخيريّة غير الحكوميّة. وأوجّه تحيّة شكر وامتنان إلى المنتشرين في القارّات الخمس الّذين يسندون أهلهم في لبنان ومشاريع قراهم وبلداتهم. إنّنا نشكر الله على هذه المسؤوليّة التّضامنيّة.

أجل المحبّة أقوى من الموت. وتبقى لها الكلمة الأخيرة، لأنّ كلّ شيء يبوخ ويبلى كالثّوب (مز 102: 26؛ أش 51: 6). وكلّ شيء يزول وهي وحدها تبقى أبدًا (1 كور 13: 13). فلا نخاف.

6. في هذا المساء عند السّاعة السّادسة كما تعلمون، في كنائس رعايانا وأديارنا، نشارك قداسة البابا فرنسيس في تكريس روسيا وأوكرانيا لقلب مريم الطّاهر. وإذ يصادف هذا اليوم ليتورجيًّا إحياء زيّاحات آلام المسيح الفادي والعبادة لصليبه، فإنّا نضمّ آلام إخوتنا وأخواتنا في أوكرانيا وروسيا إلى آلام المسيح لفدائنا، فيكون ثمن السّلام إيقاف شرّ الحروب وويلاتها.

7. إنّي أشكر الله على الزّيارة الرّاعويّة لأبرشيّة مصر والسّودان الّتي قمت بها بدعوةٍ لطيفة من مطران الأبرشيّة سيادة أخينا المطران جورج شيحان، وقد اتّسمت بأربعة أبعاد: البعد الرّوحيّ والبعد الكنسيّ والبعد التّربويّ- الثّقافيّ، والبعد الرّسميّ. فأشكر سيادته على تنظيم مواعيدها ولقاءاتها الرّسميّة مع سعادة سفير لبنان الأستاذ علي حلبي. لقد شمل البعد الرّاعويّ والثّقافيّ الاحتفال بعيد القدّيس يوسف شفيع الكاتدرائيّة، وتدشين القاعة على إسم المرحوم الخورأسقف يوحنّا طعمه في مبنى مدارس مار يوسف المارونيّة المجاور للكاتدرائيّة، وافتتاح قاعة البطريرك المكرّم الياس الحويّك في مبنى المطرانيّة تجاه الكاتدرائيّة، وتوقيع كتاب الخوري مخائيل قنبر عن تاريخ أبرشيّتنا في مصر الّتي حاك أساساتها البطريرك الحويّك، والاحتفال بيوبيل خمسين سنة على تأسيس كابيلّا القدّيسة ريتا إلى جانب كنيسة مار مارون للرّهبانيّة المارونيّة المريميّة. وإنّي أوجّه عاطفة شكر لقدس الأب العامّ الأباتي بيار نجم الّذي حضّر لهذه المناسبة.

وكانت لنا لقاءات كنسيّة مثمرة مع قداسة البابا الأنبا تواضرس الثّاني، بابا الإسكندريّة وبطريرك الكرازة المرقسيّة للأقباط الأرثوذكس، ومع غبطة الأنبا إبراهيم اسحق بطريرك الإسكندريّة للأقباط الكاثوليك، وسيادة السّفير البابويّ المطران  Nicolas Thévenin.

وكانت لنا لقاءات رسميّة مثمرة هي أيضًا مع فخامة رئيس الجمهوريّة السّيّد عبد الفتّاح السّيسي، وأمين عامّ جامعة الدّول العربيّة الدّكتور أحمد أبو الغيط، ومع مساعد وزير الخارجيّة للشّؤون العربيّة السّفير علاء موسى ونائبه المساعد لشؤون المشرق العربيّ كامل جلال، ومع الدّكتور الإمام الأكبر أحمد الطّيّب شيخ الأزهر. وقد لقينا عندهم جميعًا حبًّا جمًّا للبنان وهمًّا واهتمامًا بقضيّته واستعدادًا لمساعدة شعبه. إنّني أحيّيهم جميعًا وأدعو لهم بالخير والنّجاح الدّائمين.

7. أستطيع القول إنّ هذه العلاقات تشكّل صفحة جميلة تُضاف إلى صفحات مماثلة من تاريخ البطريركيّة المارونيّة، وتقتضي تثميرها وتوطيدها من أجل الخير العامّ الرّوحيّ والرّاعويّ والكنسيّ.

وإنّني معكم نجدّد الشّكر لله، وباسمه وبنعمته نبدأ السّنة الثّانية عشرة من الخدمة البطريركيّة، تمجيدًا وتسبيحًا للآب والإبن والرّوح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين."

وفي ختام القدّاس الاحتفاليّ، تلا السّفير البابويّ في لبنان المونسنيور سبيتاري رسالة تهنئة موجّهة من البابا فرنسيس إلى البطريرك الرّاعي جاء فيها: "بمناسبة عيد البشارة أنا سعيد بتوجيه تحيّة حارّة إلى غبطتكم وأذكركم في صلواتي بشفاعة أمّنا العذراء مريم سيّدة لبنان وأسأل الرّوح القدس أن يغدق عليكم من نعمه وليحفظ وحدتكم في الظّروف الصّعبة الّتي تمرّ بها بلادكم. وأنا أمنحكم بركتي الرّسوليّة مع جمهور البطريركيّة المارونيّة وأبناء كنيستكم."

ثمّ تلا السّفير البابويّ نصّ الرّسالة الموجّهة من أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين وجاء فيها: "أخي العزيز أقدّم لك أمنياتي الودّيّة وأذكّركم في صلواتي متمنّيًا لكم نعمة سماويّة غزيرة."

كذلك تلقّى البطريرك الرّاعي رسالة مماثلة من المسؤول عن الشّؤون الكنسيّة العامّة في أمانة سرّ دولة الفاتيكان المطران إدغار بينا بارا.

وبعد تلاوة رسائل التّهنئة، أضاف السّفير البابويّ: "اسمحوا لي غبطتكم أن أضمّ إلى هذه الرّسائل تمنّياتي الصّادقة الّتي أرفعها على نيّتكم للرّبّ وأسألكم أن تقبلوا خالص وأصدق الأمنيات.

بإسمي وبإسم المونسنيور فرانكو وطاقم السّفارة البابويّة."