الفاتيكان
21 كانون الثاني 2022, 14:30

هذا ما قاله البابا فرنسيس للمشاركين في أعمال الجمعيّة العامّة لمجمع عقيدة الإيمان!

تيلي لوميار/ نورسات
"كرامة، تمييز وإيمان" ثلاثة مفاهيم تحدّث عنها البابا فرنسيس صباح اليوم خلال استقباله المشاركين في أعمال الجمعيّة العامّة لمجمع عقيدة الإيمان.

وبحسب "فاتيكان نيوز"، "أشار البابا فرنسيس إلى أنّه في رسالته العامّة الأخيرة Fratelli Tutti، شدّد على ضرورة الإقرار بكرامة كلّ كائن بشريّ، من خلال تعزيز التّطلّع العالميّ إلى الأخوّة. وأضاف: "إذا كانت الأخوّة الوجهة الّتي يريدها الله الخالق للبشريّة، علينا أن نسير في هذا السّبيل مقرّين بكرامة كلّ إنسان. في زماننا الحاضر المطبوع بالتّوتّرات الاجتماعيّة والسّياسيّة وحتى الصّحّيّة، ينمو الميل إلى اعتبار الآخر كغريبٍ أو عدوّ، وهكذا يُحرم من كرامته. ولا بدّ في هذا السّياق أن نتّبع تعاليم الكنيسة، الّتي تؤكّد على أهمّيّة احترام كرامة كلّ كائن بشريّ منذ اللّحظة الأولى لتكوينه وحتّى موته الطّبيعيّ.

وهذا الأمر يتطلّب أن تُعزّز الأخوّة والصّداقة الاجتماعيّة وسط شعوب الأرض كافّة. إنّ الكنيسة ومنذ بداية رسالتها عملت على تعزيز الكرامة البشريّة، مدركة أنّ الإنسان هو في الواقع تحفة الخلق، وقد شاءه الله وهو يحبّه كشريك في مخطّطه الأبديّ، وقد وهب يسوع حياته، مائتا على الصّلب، كي يمنح كلّ واحد منّا الخلاص.

فيما يتعلّق بالتّمييز، "أكّد البابا أنّ المؤمنين مدعوّون اليوم إلى ممارسة فنّ التّمييز. ولفت إلى أنّه خلال التّغيّرات الكبيرة الّتي نشهدها، يجد المؤمنون أنفسهم أمام مسائل معقّدة لا سابق لها، في وقت تنمو فيه الحاجة إلى الرّوحانيّة الّتي لا تجد غالبًا في الإنجيل نقطتها المرجعيّة. وغالبًا ما يتعامل النّاس مع ظواهر مفترضة، فائقة الطّبيعة، تتطلّب منح توجيهات أكيدة وصلبة لشعب الله.

وأضاف البابا أنّ ممارسة التّمييز تتعلّق أيضًا في مجال التّصدّي للانتهاكات على أنواعها، موضحًا أنّ الكنيسة الكاثوليكيّة ملتزمة في تحقيق العدالة لضحايا التّعدّيات الممارسة من قبل أعضائها، مطبّقة بصرامة وحزم القوانين المرعيّة الإجراء. ولفت إلى أنّ الإجراءات القانونيّة والقضائيّة وحدها ليست كافية لاحتواء هذه الظّاهرة، لكنّها تشكّل خطوة ضروريّة من أجل تحقيق العدالة وتصحيح الأمور وإصلاح الجاني.

في إطار حديثه عن مفهوم التّمييز توقّف البابا عند مسألة أخرى يُعنى بها مجمع عقيدة الإيمان ألا وهي "حلّ الزّواج لخير المؤمنين"، موضحًا أنّ المسألة لا تتعلّق فقط بوضع حدّ قانونيًّا لزواج لم يتكلّل بالنّجاح، بل يقتضي أيضًا السّعي إلى إرساء أسس الإيمان الكاثوليكيّ وسط العائلة. وتطرّق البابا أيضًا إلى أهمّيّة التّمييز في المسيرة السّينودسيّة، الّتي لا تقتصر فقط- كما يعتقد البعض- على الإصغاء للجميع وتقصّي الحقائق وتقديم النّتائج، إذ لا بدّ أن تكون هذه المسيرة مرفقة بالتّمييز. ينبغي أن يمارس التّمييز حيال الآراء ووجهات النّظر والتّأمّلات. وهذا التّمييز يجعل من السّينودس سينودسًا حقيقيًّا، يكون فيه الشّخص الأهمّ الرّوح القدس نفسه، ولا يقتصر على التّصويت واستطلاعات الرّأي كما تفعل وسائل الإعلام. لذا لا بدّ أن تكون المسيرة السّينودسيّة مرفقة بالتّمييز.

فيما يتعلّق بالكلمة الثّالثة والأخيرة "إيمان"، ذكّر البابا ضيوفه بأنّ المجمع ليس مدعوًّا للدّفاع عن الإيمان وحسب إنّما لنشره أيضًا. وأضاف أنّه بدون الإيمان يقتصر حضور المؤمنين في العالم على مجرّد وكالة إنسانيّة. وشدّد الحبر الأعظم على ضرورة أن يكون الإيمان قلب حياة وعمل كلّ شخص معمّد. ويتعيّن على هذا الإيمان أن يكون أصيلاً، كالّذي يطلبه الرّبّ من تلاميذه، هذا الإيمان كحبّة الخردل.

وذكّر البابا هنا بالكلمة الّتي وجّهها إلى أعضاء الكورية الرّومانيّة في ديسمبر كانون الأوّل 2017 عندما قال إنّ الإيمان الّذي لا يضعنا في أزمة، هو إيمان يعاني من أزمة، والإيمان الّذي لا يساعدنا على النّموّ، هو إيمان يتطلّب النّموّ، والإيمان الّذي لا يسائلنا، هو إيمان يتطلّب طرح علامات استفهام، والإيمان الّذي لا يحرّكنا هو إيمان بحاجة لأن نحييه. ودعا البابا ضيوفه في هذا السّياق إلى عدم الاكتفاء بإيمان فاتر واعتياديّ، مسلّطًا الضّوء على أهمّيّة التّعاون مع الرّوح القدس، والتّعاون مع بعضنا البعض، كي تبقى النّار الّتي جاء يسوع ليُضرمها على هذه الأرض متّقدة في القلوب."

في ختام كلمته إلى المشاركين في الجمعيّة العامّة لمجمع عقيدة الإيمان، شكر البابا ضيوفه على العمل الّذي يقومون به، وشجّعهم على متابعة السّير إلى الأمام بمساعدة الرّوح القدس، وطلب منهم أن يصّلوا من أجله".