العراق
10 أيار 2021, 07:50

هذا ما أوصى به البطريرك يونان المطران فراس دردر في يوم تنصيبه!

تيلي لوميار/ نورسات
بوضع يد بطريرك السّريان الكاثوليك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، احتفلت النّيابة البطريركيّة في البصرة والعمارة والخليج العربيّ بتولية وتنصيب المطران أثناسيوس فراس دردر نائبًا بطريركيًّا عليها، في قدّاس إلهيّ ترأّسه يونان صباح الجمعة في كنيسة قلب يسوع الأقدس في حيّ العشار- البصرة، عاونه فيه لفيف من المطارنة بحضور فعاليّات رسميّة وعسكريّة ومدنيّة ودينيّة من مختلف الكنائس الشّقيقة، إضافة إلى جموع من المؤمنين من العديد من المدن العراقيّة.

تخلّل القدّاس عظة ارتجلها البطريرك يونان قال فيها:

"إخوتنا أصحاب السّيادة الأحبار الأجلّاء آباء المجمع الأسقفيّ لكنيستنا السّريانيّة الكاثوليكيّة الأنطاكيّة الجزيلي الاحترام،

سيادة المطران حبيب النّوفلي راعي أبرشيّة البصرة والجنوب الكلدانيّة الجزيل الاحترام،

الآباء الخوارنة والكهنة والشّمامسة والرّهبان والرّاهبات والإخوة الأعزّاء،

وصلنا البارحة إلى البصرة في زيارتنا الرّسوليّة الأولى إلى هذه المدينة الشّهيرة، ولمسنا فيها ميزة جديدة هي طيبة شعبها.

إلتقينا بسعادة الأستاذ أسعد العيداني محافظ هذه المدينة، وأخبرَنا سيادته أنّ هذه المدينة تنهض بأبنائها وبناتها وشعبها الطّيّب، رغم كلّ ما حدث لها في السّنوات العابرة. وفرحنا جدًّا عندما ذكر لنا سعادته أنّ البصرة قد أنهت للتّوّ تنقية أرضها وهوائها من كلّ آثار التّلوّث النّوويّ الّتي عانت منه، وهذا مبعث سرورنا، وبالتّأكيد أنّكم تشاركوننا الفرح والفخر بهذا الإنجاز الهامّ.

لقد سُرِرنا كثيرًا أن تكون بيننا معالي الوزيرة إيفان جابرو، وزيرة الهجرة والمهجَّرين في الحكومة العراقيّة، فقد استقبلتنا في المطار البارحة، وهي تمثّل دولة رئيس الوزراء العراقيّ الأستاذ مصطفى الكاظميّ الّذي نكنّ له كلّ الاحترام والتّقدير، منوّهين إلى أنّ دولته قد زار كاتدرائيّتنا في بغداد، سيّدة النّجاة، أمّ الشّهداء، ليلة عيد الميلاد الماضي، مبرهنًا على أنّه يسعى إلى جمع قلوب العراقيّين والعراقيّات بالمحبّة والتّسامح والأخوّة.  

"تشدَّدْ، تشجَّعْ، واعملْ، فإنّ الرّبّ القدير معك"، هذا هو شعار مطراننا الجديد الّذي يستلم رسميًّا اليوم خدمة هذه الأبرشيّة النّيابة البطريركيّة النّاشئة، وهي، كما سمعتم منذ قليل من صاحب السّيادة مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، قد مرّت بعثرات لا حصر لها، وبأزمات وصعوبات متعدّدة، ولكنّ هذه الأبرشيّة، كما مدينة البصرة ومحافظتها وجنوب العراق، تسعى أن تعيش بالرّجاء، لأنّ الله القدير هو رجاؤنا جميعًا.  

المطران الجديد مدعوٌّ كي يكون، كما سمعنا من الإنجيل المقدّس، الرّاعي الصّالح، الرّاعي الّذي يعرف خرافه، والّذي يدعوها بأسمائها، والّذي يسير أمامها في طريق النّموّ والازدهار، وفي النّعمة والبركة. وهي أيضًا تعرف صوته وتتبعه، لأنّها عارفةٌ أنّه يحبّها، وأنّه جاء كي يساعدها في التّقدّم.  

هذا ما هو مطلوبٌ من سيّدنا المطران مار أثناسيوس فراس، ليس فقط الكلام، وإنّما أيضًا العمل. ونحن كلّنا، أيّها الأحبّاء، نَعِدُ الله أنّنا سنكون مع سيادة المطران فراس بالرّوح والصّلوات والتّضرّعات والدّعاء كي يكون أمينًا لهذه الدّعوة، دعوة الخدمة الأسقفيّة، لا للكرامة، ولكن للبذل والعطاء والتّضحية.

نشكركم جميعًا أيّها الأحبّاء، من مقامات مدنيّة حكوميّة وتشريعيّة وعسكريّة، وجميع الّذين أتوا من إخوة وأخوات كي يشاركونا هذه الفرحة. وندعو لكم بالعمر الطّويل والصّحّة والنّعمة، رغم هذه الأزمة الكونيّة الّتي حلّت بالعالم، والعراق ليس غريبًا عنها، لكنّنا نتابع حياتنا دومًا بالرّجاء والأمل، متّكلين على نعمة الله الّتي تقوّي ضعفنا، وبشفاعة أمّنا وسيّدتنا مريم العذراء وجميع القدّيسين والشّهداء، آمين".

وبعد أن أُجلس المطران الجديد على كرسيّ النّيابة البطريركيّة، وتسلّمه العكّاز ومباركة المؤمنين، ألقى دردر كلمة قال فيها:

"غبطةَ أبينا البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان الكلّيّ الطّوبى، بطريرك السّريان الكاثوليك الأنطاكيّ في العالم

معالي الوزيرة إيفان جابرو، وزيرةَ الهجرة والمهجَّرين المحترمة

سعادة المهندس أسعد العيداني، محافظَ البصرة المحترم

السّادة المسؤولينَ في الدّولةِ من مدنيّينَ وعسكريّينَ المحترمين

أصحابَ السّيادةِ الأحبارَ الأجلّاء المطارنة الجزيلي الاحترام

الآباءَ الخوارنةَ والكهنةَ والشّمامسةَ والرّهبانَ والرّاهباتِ الأفاضل

أعضاءَ مجلسِ النّيابةِ البطريركيةِّ السّريانيّةِ الكاثوليكيّةِ في البصرةِ والمؤمنينَ الأحبّاءَ من أبناءِ النّيابةِ البطريركيّةِ وبناتِها، والإخوةَ والأخواتِ من الضّيوفِ الأعزّاءِ من مختلفِ الطّوائف

الوفودَ القادمةَ من بغدادَ والموصلَ وقره قوش وسهلِ نينوى وإقليم كوردستان،  

أيُّها الحضورُ الكريم،

بفرحٍ كبيرٍ أرحّبُ بكم جميعًا في هذا اليومِ المباركِ، الّذي فيه نجتمعُ لنستقبلَ غبطةَ أبينا البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان الكلّيِّ الطّوبى، في زيارتِهِ الرّسوليّةِ الأولى إلى النّيابةِ البطريركيّةِ في البصرة والعمارة، ليترأّسَ رتبةَ توليتي على رعايةِ هذه النّيابةِ، بمحبّتِهِ وكرَمِهِ، وليتفقّدَ أحوالَ أبنائِهِ وبناتِهِ في هذه النّيابةِ البطريركيّةِ العزيزة.

تمتازُ هذه المدينةَ المباركةَ بالتّعايشِ الأخويِّ والمُحِبِّ بينَ جميعِ أبنائِها من مختلفِ الطّوائفِ، يعبّرونَ بذلك عن محبّتِهِم لوطنِهِم وإخلاصِهِم له، وعن تعايُشِهِم الأخويِّ السّلميِّ، فيشهدونَ لبنوّتِهِم للرّبِّ ومحبّتِهِم له، لأنَّ "الذي لا يقدرُ أن يحبَّ أخاهُ الّذي يراهُ، لا يمكنُهُ أن يحبَّ اللهَ الّذي لا يراهُ"، كما يعلّمُنا القدّيسُ يوحنّا في رسالته.

في هذهِ النّيابةِ البطريركيّةِ نختبرُ هذهِ المحبّةَ، فإلى جانبِ أبناءِ الرّعيّةِ، هناكَ كثيرونَ من الإخوةِ المسلمينَ يزورونَ الكنيسةَ ومزارَ سيّدتِنا مريمَ العذراءِ للصّلاةِ والبركةِ، ومنهم مَن يعملونَ معنا ويؤازرونَنا في خدمتِنا.

وبهذهِ المناسبةِ، يطيبُ لي أن أؤكّدَ، أمامَكُم يا غبطةَ أبينا البطريرك، وأمامَ السّادةِ المطارنةِ، وجميعِ الحاضرينَ، أنّني سأبذلُ كلَّ جهدي لإعادةِ أمجادِ كنيستِنا السّريانيّةِ الكاثوليكيّةِ الأنطاكيّةِ في هذهِ المحافظةِ المباركةِ، حيثُ ساهمَتْ عائلاتُنا كآل حنّا الشّيخ، على سبيلِ المثالِ، في صلبِ تأسيسِ هذهِ المدينةِ ذاتِ الموقعِ الاستراتيجيِّ، حيثُ الموانئُ والمنافذُ الّتي تربطُ العراقَ بِدُوَلِ الخليجِ وبالعالم.

من هنا أدعو جميعَ أبنائِنا وبناتِنا إلى التّجذُّرِ في هذهِ الأرضِ الحبيبةِ، والمساهمةِ الفعّالةِ في إنمائِها وتطوُّرِها وازدهارِها، ولا ننسى أبدًا أنَّنا ملحُ الأرضِ والخميرةُ الّتي تخمِّرَ العجينَ كلَّه، كما علَّمَنا ربُّنا يسوعُ المسيح.

غبطةَ أبينا البطريرك، أشكرُكُم من أعماقِ القلبِ على رعايتِكُم الأبويّةِ المنقطعةِ النّظيرِ لكنيستِنا السّريانيّةِ الكاثوليكيّةِ في كلِّ أنحاءِ العالمِ رغمَ الظّروفِ الصّعبةِ، وقد لمسْتُ لمسَ اليدِ محبّتَكُم وأبوّتَكُم وترفُّعَكُم وتفانِيَكُم في الخدمةِ منذ سِنِي خدمتي وعملي تحتَ كَنَفِكُم في أمانةِ السّرِّ في البطريركيّةِ في لبنانَ وإلى هذا اليومِ المبارك. أدامَكُمُ الرّبُّ وحفظَكُم وسدّدَ خُطاكُم كي تتابعوا رعايةَ الكنيسةِ، فأنتم الرّجلُ الجبّارُ في زمنٍ عزَّ فيه الرّجال. وأشكرُكُم خاصّةً لتجشُّمِكُم عناءَ السّفرِ للقيامِ بهذهِ الزّيارةِ الرّسوليّةِ الأولى كي تترأَّسُوا هذا الاحتفالَ، وأعاهدُكُم أن أبقى أنا ونيابتُنا البطريركيّةُ في البصرة والعمارة والخليجِ العربيّ تحتَ طاعتِكُم الأبويّةِ دائمًا.  

أشكرُ أصحابَ السّيادةِ الأحبارَ الأجلّاءَ المطارنةَ آباءَ سينودسِ كنيستِنا السّريانيّةِ الكاثوليكيّةِ الأنطاكيّةِ الّذينَ قَبِلُوني أخًا صغيرًا بينَهُم، وأخصُّ بالذّكرِ الحاضرينَ معَنا اليوم:

مار أفرام يوسف عبّا رئيسَ أساقفةِ بغداد وأمين سرّ السّينودس المقدّس الّذي رعى بمحبّةٍ أبويّةٍ هذه النّيابةِ البطريركيّةِ وتركَ فيها بصماتٍ كثيرةً تعكسُ روحَ الرّاعي الصّالحِ والمدبّرِ الحكيمِ، وسنبقى نُتْعِبُهُ بطلبِ الإرشادِ والتّوجيه.

كما أشكرُ صاحبَ السّيادةِ مار يوحنّا بطرس موشي رئيسَ أساقفةِ الموصل وتوابعِها، ومار يعقوب أفرام سمعان النّائبَ البطريركيَّ في القدس والأراضي المقدّسة والأردنّ والمدبّرَ البطريركيَّ لأبرشيّةِ القاهرة والنّيابةِ البطريركيّةِ في السّودان، على حضورِهِما ومشاركتِهِما معنا، باركَ الرّبُّ خدمتَهُما وحفِظَهُما بالصّحّةِ والعافية.

أشكرُ صاحبَ السّيادةِ المطران حبيب النّوفلي راعي أبرشيّةِ البصرةِ والجنوبِ الكلدانيّةِ، والأب سمعان كصكوص راعي كنيسةِ السّيّدةِ العذراءِ للسّريانِ الأرثوذكس في البصرة، والآباءَ الخوارنةَ والكهنةَ والرّاهباتِ في البصرة من مختلفِ الكنائسِ، والّذينَ سنتابعُ العملَ بإذنِ الرّبِّ معًا يدًا بيدٍ لخدمةِ أبنائِنا في هذه المدينةِ المباركةِ.

أشكرُ حضورَ ومشاركةَ معالي الوزيرةِ إيفان جابرو وزيرةِ الهجرةِ والمهجّرينَ الّتي أبَتْ إلّا أن ترافقَ غبطةَ أبينا البطريرك في زيارتِهِ الرّسوليّةِ هذهِ، واضعةً كلَّ إمكانيّاتِها لتسهيلِ هذهِ الزّيارةِ، كافأها الرّبُّ وباركَها معَ عائلتِها.

أشكرُ حضورَ ومشاركةَ سعادةِ المهندس أسعد العيداني محافظِ البصرة، الّذي يشاركُنا اليومَ بمحبّةٍ وهو يرعى بعنايةٍ بالغةٍ كلَّ شؤونِ المحافظةِ، ونهنِّئُهُ بمناسبةِ الانتهاءِ بالأمسِ من تطهيرِ وتنقيةِ كلِّ الأماكنِ الملوَّثةِ بالإشعاعاتِ وآثارِ الحروبِ المدمِّرَةِ في هذهِ المحافظةِ الطّيّبة.

أشكرُ أعضاءَ الوفدِ القادمِ من لبنانَ مرافقًا غبطةَ أبينا البطريرك: المونسنيور حبيب مراد، والأب كريم كلش، والرّاهبة الأفراميّة الأخت إخلاص شيتو. وأشكرُ الآباءَ الكهنةَ والشّمامسةَ والرّهبانَ والرّاهباتِ القادمينَ من بغدادَ والموصل وقره قوش وسهلِ نينوى وإقليمِ كوردستان، والجوقَ الّذي يخدمُ هذا الاحتفالَ بقيادةِ الأب دريد بربر. وأشكرُ جميعَ الأهلِ والأقرباءِ والأصدقاءِ والضّيوفِ الأعزّاءِ الّذينَ يشاركونَنَا بمحبّةٍ في هذا الاحتفال. كما أشكرُ جميعَ الّذينَ تعبُوا ساهمُوا في إعدادِ هذا الاحتفالِ ووسائلَ الإعلام الحاضرةَ معنا.

أشكرُ المجلسَ الرّعويَّ للنّيابةِ البطريركيّةِ في البصرة، والّذي ساعدَني وآزرَني في خدمتي وهو السّندُ واليدُ اليمنى لي، معَ جميعِ العاملينَ معي في النّيابةِ. وأشكرَ كلَّ المؤمنينَ، وأعدُهُم بالعملٍ معًا لِما فيه خيرُ النّيابةِ وتقدُّمُها.

ولا يفوتُني أن أذكرَ بمحبّةٍ خاصّةٍ جميعَ أبنائِنا وبناتِنا المنتشرينَ في دُوَلِ الخليجِ العربيّ، وأعدُهُم ببذلِ الغالي والنّفيسِ لتأسيسِ الرّعايا والإرساليّاتِ لتأمينِ الخدمةِ الرّوحيّةِ والرّعويّةِ لهم بأقربِ وقتٍ ممكن.

في الختامِ، أسالُ اللهَ أن يؤهِّلَني كي أقومَ بخدمتي هذهِ، متّكِلاً على نعمتِهِ الّتي تقوّي ضُعفي، عملاً بالشّعارِ الّذي اتّخذْتُهُ: "تشدَّدْ وتشجَّعْ واعملْ... لأنَّ الرّبَّ الإلهَ إلهي معَكَ" (أخبار الأيّام الأول 28: 20)، طالبًا صلواتِ غبطةِ أبينا البطريرك وأصحابِ السّيادةِ وجميعِكُم أيُّها الإخوةُ والأخواتُ، وبارخمور سيّدنا".