أوروبا
06 كانون الأول 2024, 10:00

نوتردام دو باري، جمال الإيمان يُروى بالحجر

تيلي لوميار/ نورسات
تُعدّ إعادة افتتاح كاتدرائيّة نوتردام، التي تمّ ترميمها بعد الحريق في 15 نيسان/أبريل 2019، جزءًا من تاريخ هذه الجوهرة التي تعود إلى قرون خلت من العصور الوسطى. بعيدًا عن احتفالات الافتتاح التي ترغب كنيسة باريس بالضرورة في أن تكون متواضعة ومتألّقة، فإنّ الترميم المادّيّ يسمح لنا بالعودة إلى جوهر نوتردام: طبيعتها وهويّتها وطريقة وجودها. الاستعادة الدينيّة أمر أساسيّ، وفقًا لفيلسوف الأديان، روجر بويفيه، كما نقلت "فاتيكان نيوز" التي أجرت مقابلة معه.

 

في ما يلي، شذراتٌ ممّا قاله روجيه بويفيه، فيلسوف الأديان، ورئيس أساقفة باريس، حول كاتدرائيّة نوتردام دو باري، في مناسبة إعادة افتتاحها.

- "فعل شكر حقيقيّ وقفزة إيمان. دعونا لا ننظر فقط إلى الحجارة الجميلة. دعونا لا ننسى أنّ هذه عطيّة من الله وهديّة لله": لوران أولريش رئيس أساقفة باريس.

- "يتميّز عمل فنّيّ مثل نوتردام بما يعنيه. وضوح الإيمان، أي ما يمكن فهمه من الإيمان المسيحيّ، على المحكّ في زيارة الكاتدرائيّة. لكي تكون نوتردام هي نفسها دائما، لا بدّ من مواجهة الزائر بالمعنى والروحانيّة عينهما. إعادة البناء الجيّدة تسمح بذلك، لكنّها ليست كافية. لتكون نوتردام ما ولدت عليه، أيّ مكانًا يهدف إلى جعلنا نفهم شيئًا من الإيمان من خلال شكله ذاته، والتماثيل واللوحات والنوافذ الزجاجيّة الملوّنة التي يحتوي، أبعد من الترميم المادّيّ، هي قضيّة وجوديّة حقيقيّة": روجر بويفيه، الفيلسوف ومفكّر التجسّد، وأستاذ فخريّ في جامعة لورين.

 

- من ناحية ، نوتردام هي معلَمٌ سياحيّ للعالم وللفرنسيّين. هي نوع من التراث الوطنيّ الذي تتماهى معه فرنسا والفرنسيّون. لكنّ هذا خارجيّ قليلًا عن ماهية نوتردا. بالأحرى، هو إضافة لأنّ نوتردام دو باري لا بدّ من أن تظلّ دائمًا ما هي عليه، كاتدرائيّة الإيمان. هنا كَمَنَ خطر الترميم، أن يحوّل كنيسة العذراء إلى نصبٍ تذكاريّ للسياحة الدوليّة، لكنّ هذا تمّ تفاديه بشكلٍ كبير ونأمل، عند الانتهاء من احتفالات إعادة الافتتاح الكبرى أن نسترجع نوتردام الأصليّة.  

 

كان من الضروريّ الإصرار على البُعد الدينيّ الحقيقيّ للمبنى، على روحه"، وقد تمّ الأمر":  روجر بويفيه، الفيلسوف ومفكّر التجسّد.  

 

- كاتدرائيّة نوتردام ليست مجرّد عمل معماريّ ناجح. هي لها أهميّتها الدينيّة التي ينبغي بزوّارها أن يفهموها. لا بدّ من أن ترافق إعادةَ بنائها، بطريقةٍ ما، استعادةُ الإيمان والحياة المسيحيّة. لا بدّ من أن تظلّ على ما هي عليه، في حالة دينيّة ولاهوتيّة صحيحة.

من الناحية اللاهوتيّة، قال إروين بانوفسكي، مؤرّخ الفنّ الألمانيّ عن كاتدرائيّة نوتردام، إنّ لها "وظيفة الفكر السكولاستيكيّ (مدرسة لاهوتيّة) عينها، أي الطريقة التي تمّ بها تشكيل اللاهوت، من القرنيْن الحادي عشر والثاني عشر ولمدة قرنيْن أو ثلاثة قرون بعد ذلك.  بطريقة ما، نوتردام هي نوع من الخلاصة اللاهوتيّة المعماريّة. وهي مصنوعة من الحجارة بدلًا من الكلمات اللاتينيّة":  روجر بويفيه، الفيلسوف ومفكّر التجسّد.  

- "الكاتدرائيّة شيء مادّيّ، ولاستعادتها، ما يتعيّن علينا القيام به هو قطع الحجارة مرّة أخرى، ولكن هناك شيء آخر يجب أن يظهر مرّة أخرى: الروحانيّة.  

البشر أجساد، لكنهم أجساد لها روح وروح عقلانيّة، روح روحيّة" وكاتدرائيّة نوتردام مثل البشر: روجر بويفيه، الفيلسوف ومفكّر التجسّد.  

 

- "تعمل الكاتدرائيّة تمامًا مثل الإنسان...بطريقة ما، يمكن للمرء أن يقول بأن يجب إحياء روح نوتردام من خلال الترميم المادّيّ.

من المأمول أن يكون التقدير الجمالي لنوتردام مصدرًا للارتقاء نحو الجمال الروحيّ. هذا هو الأصعب. لمنع اختزال نوتردام إلى ما هي المعالم المعماريّة الأخرى مثل الأهرامات أو البارثينون، الأماكن الرئيسة للسياحة الدوليّة التي فقدت فيها الأساسيّات": روجر بويفيه، الفيلسوف ومفكّر التجسّد.  

 

- "ضرورةٌ قصوى أن تستعيد كاتدرئايّة نوتردام دو باري بُعدها الروحيّ الذي من أجله وُجدت فلا يدخلها الناس كما يدخلون متحف اللوفر او الأهرامات أو غير ذلك من المعالم السياحيّة"، من يدخل نوتردام دو باري لا بدّ من يخرج منها شارعًا في السياحة المسيحيّة الحقيقيّة، نحو الله. "لمعرفة ما إذا كانت عمليّة الترميم ناجحة، يجب أن ننتظر 50 عامًا. علينا أن ننتظر لمعرفة ما سيحدث لنوتردام بعد الانتهاء من الترميم المادّي": روجر بويفيه، الفيلسوف ومفكّر التجسّد.