لبنان
07 أيار 2025, 13:20

نفّاع: نصلّي معًا من أجل أن يعود وطننا واحدًا موحّدًا كما حلم به البطريرك إسطفان

تيلي لوميار/ نورسات
أحيت رعيّة إهدن- زغرتا العيد الأوّل للطّوباويّ البطريرك إسطفان الدّويهيّ، في قدّاس إلهيّ ترأّسه النّائب البطريركيّ العامّ على النّابة المطران جوزاف نفّاع، في كنيسة مار جرجس- إهدن، بمشاركة الخورأسقف اسطفان فرنجية، والخوري حنّا عبود وكهنة نيابة جبّة بشري إلى جانب عدد من الشّمامسة، وبحضور ممثّلين عن الجمعيّات والحركات الرّسوليّة وحشود من المؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران نفّاع عظة عبّر فيها عن عمق المعاني الّتي يحملها هذا العيد، وقال:

"إختارت الكنيسة نصّ الإنجيل: "أنا الرّاعي الصّالح". وليس ذلك من باب المصادفة، بل لأنّ هذا النّصّ يُجسّد بأمانة سيرة الطّوباويّ البطريرك إسطفان الدّويهيّ، الّذي عاش مثالًا حيًّا للمسيح الرّاعي، لاسيّما في تضحياته واهتمامه بشعبه. فقد مرّ بظروف قاسية، أشدّ قسوة من تلك الّتي نعيشها اليوم، وكان بوسعه أن يبقى في روما بعيدًا عن المصاعب، كما يفعل كثيرون من أبنائنا الّذين يغادرون ولا يعودون. لكنّه اتّخذ قرار العودة، ليكون راعيًا أمينًا لشعبه وأرضه.

أسّس مدرسة، وخدم يجوب لبنان وحلب وقبرص، كاهنًا ثمّ أسقفًا، إلى أن ارتقى إلى السّدّة البطريركيّة، واليوم تعلن الكنيسة طوباويّته. ونحن اليوم في إهدن، نحتفل بعيده الأوّل رسميًّا، مستذكرين النّعمة العظيمة الّتي منحنا الله إيّاها الصّيف الفائت، حين أقيم احتفال مهيب في خضمّ الحرب والدّمار. لقد شكّل هذا الحدث علامة رجاء أضاءت في وجه العالم أجمع، وأظهرت كم هو اللّبنانيّ قويّ، يتحمّل الألم، ويواجه التّحدّيات بشجاعة. وكان هذا الاحتفال موضع حديث في كلّ أرجاء الأرض.

وإنطلاقًا من هذه الرّوح، أردنا أن يكون احتفال اليوم مميّزًا، فجاء كهنة منطقة الجبّة– بشرّي، ليشاركوا كهنة زغرتا في الذّبيحة الإلهيّة، احتفالًا ببطريركنا الطّوباويّ، تأكيدًا على وحدتنا الكنسيّة والرّعويّة، ولنعيد التّذكير بأنّ الكنيسة هي بيت الجميع، تجمع ولا تفرّق، توحّد ولا تقسّم. باسمكم جميعًا، وباسم الموارنة والمسيحيّين في لبنان والعالم، نتوجّه بالشّكر العميق لكهنة الجبّة على مشاركتهم في هذا اليوم المبارك.

وجودكم بيننا يحمل رمزيّة عميقة، إذ إنّ رفات البطريرك كانت في وادي قنّوبين، وقد نُقلت إلى هنا بمباركة وإجماع، كي تبقى النّعمة ممتدّة على الجميع، مسلمين ومسيحيّين. فرحمة الله لا حدود لها، وهمّنا الأوّل هو أبناؤنا، ومستقبلهم، وأن نمنحهم حياة كريمة، كما أراد البطريرك إسطفان.

وفي إهدن لا ننسى حين بُنيت كنيسة مار شربل، كيف أَتيتُم من مختلف القرى، من حصرون، كفرصغاب، بشرّي، برقاشا، بزعون وبان، وغيرها، لتشاركوا في تكريسها، لأنّ القدّيسين يوحّدون القلوب. وعند إعلان التّطويب، طلب كهنة نيابة جبّة بشرّي أن تُرسل ذخيرة من رفات البطريرك إليهم، وقد تمّ ذلك بتعاون كريم من المونسينيور وكهنة إهدن- زغرتا. لم يكن الأمر مجرّد تسليم ذخيرة، بل كان مسيرة روحيّة، حملنا فيها الرّفات من إهدن إلى بشرّي، في أجواء مهيبة تعبّر عن روح الوحدة والمحبّة.

هكذا هي كنيستنا، وهكذا هي مسيحيّتنا. من يسعى إلى الانقسام لا ينتمي إلينا، فنحن نعرف كيف نجتمع، لا كيف ننقسم".

وإختتم نفّاع عظته قائلًا: "وجاء هذا الاحتفال اليوم، في الأوّل من أيّار، شهر مريم العذراء، راجين أن يكون شهر وحدة لا انقسام، شهر محبّة لا خصام. وبصلواتكم، أيّها الآباء، وبرعاية الطّوباويّ البطريرك إسطفان، نرجو أن نُدرك أنّنا قلب واحد، وجسد واحد، وعائلة واحدة. فما نشهده أحيانًا من إساءات وتفرقة لا يرضي قدّيسينا، لا مار شربل، ولا البطريرك إسطفان، ولا العذراء مريم، ولا الرّبّ يسوع.

نصلّي معًا من أجل أن يعود وطننا واحدًا موحّدًا بكل مكوّناته، لنمنح أبناءنا مستقبلًا أجمل، كما حلم به البطريرك إسطفان، حين أسّس المدرسة ليصنع حياة أفضل. فلنحافظ على هذا الحلم، ولا نتركه يضيع من بين أيدينا. آمين."