لبنان
26 نيسان 2019, 13:29

نشاط الرّاعي ليوم الجمعة – بكركي

إستقبل غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، قبل ظهر اليوم الجمعة 26 نيسان/ أبريل 2019، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، بطريرك طائفة الأرمن الكاثوليك غريغوريوس بطرس العشرون غبرويان على رأس وفد من الكهنة في زيارة لتقديم التّهنئة بعيد القيامة المجيد.

 

وأشار البطريرك غبرويان "إلى أنّ المعايدة أخويّة، وتخلّلها بحث في الهموم المشتركة بين الكنيستين إضافة إلى الوضع اللّبنانيّ الرّاهن. لقد تشكّرت البطريرك الرّاعي على كلّ المواقف التي يطلقها لتنوير الضّمائر لأنّه من المهمّ بالنّسبة لنا جميعًا أن نعرف أنّ لبنان هو لجميع أبنائه وليس لطائفة أو لحزب معيّن، فالشّعب اللّبنانيّ لم يعد يحتمل وخصوصًا من النّاحية الاقتصاديّة التي أثقلت كاهله."

 

وتابع: "لقد تحدّثنا عن المدارس وتوافقنا على أنّه لا بدّ من أن تقوم الحكومة بواجبها تجاه هذه المدارس. نحن نصلّي على نيّة غبطته ليحفظه الله بعمره ويمدّه بالصّحّة لأن كلامه هو محطّ أنظار الجميع والكلّ يأخذ بمواقفه، أضف إلى ذلك المكانة الخاصّة للبطريرك المارونيّ والاحترام الذي تكنّه له دول أوروبا وأميركا لكونه رأس الكنيسة المارونيّة وهو يمثّل المسيحيّين في لبنان والشّرق بأكمله."

 

وأضاف غبرويان: "البطريرك الرّاعي ينطق بلسان حال المسيحيّين ليس في الوطن وحسب وإنّما في مختلف الدّول. المسيحيّون المنتشرون في دول الشّرق يهمّهم بقاء المسيحيّين في لبنان فهم منارة في هذا الشّرق الذي انطلقوا منه إلى العالم."

 

بعدها التقى غبطته وفدًا ألمانيًّا من "جماعة ابراهيم" برئاسة البروفيسور "ستيفان فيمور" يرافقهم وفد من المنتدى العالميّ للأديان والإنسانيّة قدّموا التّهاني بمناسبة العيد واستمعوا من غبطته إلى رأيه في موضوع الحوار بين الأديان وانتظاراته من الجماعة الألمانيّة في هذا الإطار.

وكانت كلمات لكلّ من الدّكتور ناجي الخوري مستشار رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون للحوار الإسلاميّ المسيحيّ، عرض فيها لنشأة "الجمعيّة الألمانيّة وأهدافها المرتكزة على نقل ثقافة الحوار والتّعايش بين الأديان والأمور الإيجابيّة الى المجتمع الألمانيّ. وعبّر عن رغبة الوفد في التّعرف إلى المجتمع اللّبنانيّ المدنيّ والكنسيّ والاطّلاع على ثقافته واستكشاف عدد من المواقع الأثريّة المهمّة فيه."

 

كما أعربت الدّكتورة ليلى شمس الدّين عن تقديرها "للبطريركيّة المارونيّة التي هي ملتقى للحوار والأديان،" مشيرة إلى "أنّنا نعمل مع كافّة الطّوائف في ملتقى الأديان لتعميم ثقافة الحوار والتّسامح وتنفيذ مشاريع رياديّة كان أبرزها وأهمّها عيد البشارة الذي ثبت كعيد وطنيّ في الـ25 من شهر آذار يحتفل به المسيحيّون والمسلمون معًا في لبنان."

 

ثم ألقى البروفيسور فيمور كلمة أوجز فيها لنشأة "جماعة ابراهيم منذ 18 عامًا في ألمانيا والتي تضم أعضاء من ديانات مختلفة وهدفها تعريف النّاس إلى بعضهم البعض ليفهم أحدهم الآخر، الأمر الذي من شأنه تقريب وجهات النّظر فيما بينهم وبالتّالي إتاحة الفرصة وتأمين الأجواء المؤاتية لمد يد التّلاقي."

 

ورأى فيمور"إنه تمّ اختيار لبنان لزيارته هذا العام لما يجسّده من نموذج مثاليّ لرسالة التّلاقي والحوار بين الأديان والثّقافات،" لافتًا إلى أنّ "تاريخه غنيّ كثيرًا لذلك قرّرنا بحماسة كبيرة زيارته واكتشافه عن كثب."

 

واعتبر الدّكتور محمد صالح أنّ "الهدف من الزّيارة هو التّوضيح للرّأي العامّ الألمانيّ أنّ الصّورة النّمطيّة المأخوذة عن لبنان أبّان فترة الحرب ليست هي صورته الحقيقيّة وهي ليست صحيحة لذلك نحن نشجع النّاس على اكتشاف هذا البلد والتّعرف إلى طريقة التّعايش فيه وما يدور حقيقة على أرضه سيّما وأنّ ألمانيا بلد حديث العهد في موضوع تلاقي الحضارات لذلك أمام المجتمع الألمانيّ فرصة التّعرف إلى نموذج الحوار والتّعايش بين الأديان في لبنان."

 

بدوره رحّب البطريرك الرّاعي بالحضور مثنيًا على "اهتمامه اللّافت بنشر ثقافة الحوار والتّعايش بين الأديان،" وقال:" للأسف تشهد المنطقة الشّرق أوسطيّة فرضًا لسياسات خارجيّة تزكي الحروب والنّزاعات والتّقاتل وبالتّالي التّباعد بين مكوّنات هذه المنطقة، المعروفة بأنّها أرض سلام ومحبّة لتصبح اليوم أرض نزاعات دوليّة وحروب."

 

وتابع: "كما لمستم في زيارتكم فإنّ لبنان يمثّل نموذجًا فريدًا بين دول هذه المنطقة. إنّه بلد تعدّديّ دستوره وميثاقه قائمان على قاعدة العيش معا بالمساواة بين كافة مواطنيه الذين يتشاركون في الحكم والإدارة. ونظامه يفصل بين الدّين والدّولة ولكنّه لا يفصل بين الدّولة والله فهو لا يشرّع ما يتعارض مع الدّين. نعم هناك تنوّع ولكن ما من انصهار. لكلّ فرد شخصيّته وفرادته وحرّيّته في ممارسة معتقده، فلبنان يشكّل نموذجًا في الاعتراف بالحرّيّات العامّة المدنيّة. "

 

وأضاف:  "إلّا أنّ لبنان يعاني من تبعات الحروب الدّائرة حوله، أضف إلى ذلك القضيّة الفلسطينيّة العالقة منذ 71 سنة. لبنان اليوم يستقبل على أرضه نحو نصف مليون لاجئ فلسطينيّ ونحو مليون ونصف مليون نازح سوريّ الأمر الذي أثّر بشكل كبير على وضعه الاقتصاديّ والاجتماعيّ والأمنيّ والتّربويّ وغيره. نحن نؤكّد أنّ الوقت ليس لصالح لبنان إن استمرّ هذا الوجود على أرضه. ولقد عبّرنا مرارًا ونعيد التّأكيد على موقفنا المطالب بعودة اللّاجئين والنّازحين إلى أرضهم ليس كرهًا منّا لا سمح الله وإنّما من أجلهم ومن أجلنا. فبلدنا الصّغير لم يعد يحتمل هذا العبء وهم عليهم العودة إلى أرضهم والتّمسك بحضارتهم وثقافتهم وتاريخهم. ولكنّ المشكلة اليوم موجودة عند الدّول الكبرى النّافذة لأنّها لا تريد تسهيل عودتهم. فبالنّسبة للنّازحين السّوريّين هذه الدّول تصرّ على عدم الفصل بين قضيّتهم وبين الحلّ السّياسيّ في سوريا. ولكن استمرار الأمور على ما هي عليه اليوم تنبئ بخطر قادم. الشّعب الأصيل إن لم يعد إلى أرضه ستبقى هذه الأرض مباحة لحركات ومنظّمات إرهابيّة متطرّفة أصوليّة كداعش والنّصرة وغيرها وهي غريبة عن هذه الأرض. وهنا يمكننا القول إنّ المجتمع الدّوليّ يساهم في خلق بؤر من الإرهاب لا حدود لها وانتشارها سيتجاوز حدود منطقة الشّرق الأوسط. إنّهم يلعبون بالنّار فارتدادات هذا الأمر الخطير ستكون على الجميع وليس على المنطقة الشّرق أوسطيّة وحسب فليكفوا عن تغذية النّيران لسيطرتهم على المنطقة."

 

وشدد: "نحن بحاجة إلى صوتكم في هذا الموضوع. فليس من مصلحة أوروبا والغرب إغفال الأمر لأنّه قد يدخلها هي أيضًا في نزاعات خطيرة. الوجود المسيحيّ ضرورة في هذا الشّرق ويجب الحفاظ عليه في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين ومصر وكافّة الدّول لقد عشنا معًا 1600 سنة وبنينا حضاراتنا معًا. وفي وقت يتكلّم فيه البعض عن صراع الأديان نحن نتكلّم عن التّعايش بين الأديان فلنرفع الصّوت عاليًا في كلّ بقاع الأرض منادين برفض لغّة الحرب والدّمار والكراهيّة وتثبيت لغة السّلام والحوار والانفتاح التي بها وحدها تحفظ كرامة الكائنات البشريّة على تنوّعها."

 

وفي الختام شكر الخوري البطريرك على حفاوة الاستقبال وعلى القراءة الموضوعيّة لوضع المنطقة لافتًا "إلى تطابق ملفت لقراءة وموقف البطريرك الرّاعي مع قراءة وموقف فخامة رئيس الجمهورية من الموضوع والذي سبق أن أعلنه صباحًا أمام الوفد الذي زاره في القصر الجمهوريّ في بعبدا."

 

هذا وفي إطار آخر استقبل البطريرك قائد القطاع الغربيّ لليونيفيل قائد الكتيبة الإيطاليّة الجنرال ديوداتو ابانيارا والمرشد الرّوحيّ للكتيبة الأب كلاوديو مانكوزي وكان عرض للأوضاع في منطقة جنوبي اللّيطانيّ واهتمام قوات اليونيفيل بالحفاظ على استقرار وأمن المنطقة ومد يد العون لسكّانها في عدّة مجالات.