لبنان
11 آب 2018, 10:30

نشاط الرّاعي ليوم أمس الجمعة – الدّيمان

ترأّس البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، الاجتماع الدّوريّ للجنة إدارة وادي قاديشا، في حضور النّائب البطريركيّ على الجبة وإهدن - زغرتا المطران جوزف نفّاع، رئيس اتّحاد بلدّيات الجبّة إيلي مخلوف، رئيس اتّحاد بلديّات قضاء زغرتا زعنّي الخير، الوكيل البّطريرك الأب طوني الآغا، الأب كميل كيروز ممثّلاً رئيس دير مار انطونيوس قزحيا مخايل فنيانوس، ومدير اللّجنة المهندس رولان حداد.

 

وقال نفّاع بعد اللّقاء: "كما جرّت العادة نلتقي مع صاحب الغبطة لأخذ التّوجيهات اللّازمة للوادي، فهو يتابعنا خطوة خطوة، واليوم مشروعنا الأساسيّ هو تعبيد طريق الوادي بالصّخور، ونأمل أن يبدأ العمل به في تشرين بعد انتهاء الدّراسات، كذلك وضعنا اللّمسات الأخيرة على تشكيل اللّجنة المشرفة على المواقع وترميم ستة أديار في حدشيت".

وختم شاكرًا اتّحادي بلديّات الجبّة وإهدن على دعمهما الكامل لتنفيذ المشاريع.

وتلاه مخلوف شاكرًا البطريرك لاستضافة هذا اللّقاء السّنويّ، وقال: "إنّ الاتّحاد حريص على أنّ يبقى الوادي ضمن لائحة التّراث العالميّ. ومن خلال رصف الطّريق الموافق عليه من مديريّة الآثار والأونيسكو فنحن نحرص على تنفيذها ونأمل كما أشار سيادة المطران نفّاع بدء تنفيذ رصف الطّريق، هذا المطلب الّذي راود أبناء المنطقة والوادي منذ سنوات".

وعن التّنسيق الّذي يتمّ بين لجنة إدارة الوادي ورابطة قنّوبين قال: "نحن نشدّ على أيدي كلّ من يهتمّ بشؤون الوادي ضمن الضّوابط والقوانين المرعية الإجراء وضمن التّنسيق مع مديريّة الآثار والأونيسكو. فالوادي هو تاريخنا وتاريخ المسيحيّين والموارنة، هو تاريخ وطنيّ مهم، ونحن نرحبّ بكلّ من يعمل، ومن خلال المطران نفّاع ننسق مع الجميع، فهو يمثلنا جميعًا".

من جهته قال حداد: "نحن نتابع كلّ المواصفات التّقنية الموافق عليها من الأونيسكو ومديريّة الآثار، وببركة صاحب الغبطة وسيادة المطران نكمل الأعمال بشكل متكامل يحافظ على تصنيف الوادي ضمن لائحة التّراث العالميّ، ونعمل منذ فترة طويلة، وهناك أعمال عديدّة تم تنفيذها. وأهالي الوادي باتوا يشعرون بالإنجازات الّتي يريدونها للوادي وبخاصّة الرّخص القانونيّة لترميم منازلهم الأثريّة وإقامة مشاريع تشجع السّياحة في الوادي".

وأكّد أن الاجتماع كان مثمرًا جدًا، "إنّ لجهة الطّريق أو ترميم الأماكن الأثريّة بشكل علميّ ومنظّم لجهة الدّخول والخروج من الوادي. وقد بدأ هذا التّنظيم مع إقامة محطة عند دير مار ليشاع مدخل الوادي لإرشاد السّياح وتنظيم حركة السّياحة إلى الوادي. وسنواصل العمل من أجل إتمام كل ما يسعد أهالي المنطقة وببركة صاحب الغبطة".

وظهرًا، استقبل البطريرك الرّاعي سفير قطر علي بن حمد المري في زيارة وداعيّة جرى خلالها عرض الأوضاع في المنطقة، وكانت مناسبة شكر فيها المري للبطريرك زيارته الأخيرة لقطر حين وضع حجر الأساس لكنيسة القدّيس شربل في الدّوحة، لافتًا إلى انّ هذه الزيارة ساهمت في تعزيز العلاقة بين البلدين.

بدوره أثنى غبطته على الدّور الذي قام به السّفير في لبنان على مدى خمس سنوات، مؤكدًا أنّ "لبنان سيبقى واحة حوار ولقاء بين الجميع"، مشيرًا إلى حسن علاقة لبنان مع كلّ الدّول العربيّة.

 

وعصرًا استقبل البطريرك الرّاعي وفدا كبيرًا من بلدة تنّورين برئاسة رئيس مجلس إدارة مستشفى تنّورين الحكوميّ الدّكتور وليد حرب الّذي ألقى كلمة حيّا فيها غبطته وقال: لقد اتينا من تنورين بلدتنا وبلدتكم، لنقدّم واجب العزاء اولاً بوفاة شقيقتكم، وثانيًا من أجل التّرحيب بكم في المقرّ الصّيفيّ للبطريركيّة المارونيّة في الدّيمان.

ولطالما كانت تنّورين ولا تزال قلب الجبّة المارونيّة الممتدّة من المنيطرة إلى بشري وإهدن، والكلّ يعلم أنّه اذا كان القلب بخير فإنّ الجسد يكون بخير، لذلك لا يمكن فصل تنّورين عن امتدادها الجغرافيّ، وعن كلّ ما يصيب الجسم المسيحيّ واللّبنانيّ.

إننا يا سيّد صاحب الغبطة واذ نؤكّد كأبناء تنّورين الوقوف الدّائم إلى جانبكم في المعارك السّياديّة والوطنيّة والحياتيّة، نشدّد على أهميّة توحيد الصّف المسيحيّ والوطنيّ من أجل تخطّي الأزمات التي تعصف بوطن الأرز.

لقد جئنا يا سيّدنا من تنّورين الّتي تعتبر من أكبر البلدات المارونيّة في لبنان والشّرق لنقول لكم أننا معكم في صون وحدة لبنان واستقلاله ونحن على عتبة إحياء مئويّة لبنان الكبير، إننا معكم في المطالب الحياتيّة التي تطالبون بها يوميًّا. إننا معكم في معركة محاربة الفساد. إننا معكم في استعجال حلّ ملف النّازحين واللّاجئين، إننا معكم في معركة تثبيت أبناء الجبال في أرضهم.

وأخيرًا لا بدّ من التّأكيد أن تنّورين أرض سيّدة حريصا والقدّيسين، هي حارسة البطريركيّة المارونيّة وأمينة على تاريخ بدأ مع البطريرك الأوّل مار يوحنّا مارون وتحملون مشعله أنتم الآن يا من أعطيتم مجد لبنان.

وردّ البطريرك الرّاعي بكلمة شكر فيها الدّكتور وليد حرب على كلمته مؤكّدًا أنّ البطريركيّة تقف دائمًا إلى جانب اللّبنانيّين في معالجة كافّة أوضاعهم وتابع: تنّورين بلدة مميّزة كبيرة جغرافيًّّا وفكريًّا وثقافيًّا أكيد أننا نعيش جميعًا همومًا كبيرة لكن لا يمكننا إلّا أنّ نحافظ على وحدتنا الدّاخليّة وخاصّةً على وحدتنا المسيحيّة ولا يعني ذلك أن نعيش متقوقعين. فالوحدة المسيحيّة معروفة بأنّها منطلق للوحدة اللّبنانيّة.

وإذا عاش المسيحيّون هذه الوحدة تتكوّن اللّبنانيّة. فالرّئيس الحريري رحمه الله كان يقول بأنّ لبنان بدون المسيحيّين لا سير قدمًا. لذلك فنحن بحاجة أن نحافظ على وحدتنا. فمن الممكن أن يختلفوا في السّياسة بقدر ما يشاؤون فالأمر طبيعيّ لأن لبنان هو بلد ديمقراطيّ فيه تعدديّة الرّأي والثّقافات ولكن لا يمكن التّلاعب بوحدتنا الدّاخليّة لأنّه في الإنقسام ضعف وفي الاتّحاد قوّة.

كلّنا ندرك ونعيش الحالة الاقتصاديّة المترديّة والحاجة موجودة لدى النّاس لكن اللّبنانيّ معروف بعصاميّته علينا أن نتكاتف جميعًا لنحافظ على وجودنا ودورنا ووطننا الذي شئنا أم أبينا لنا دور أساسيّ فيه. فبعد سنتين سنحتفل بالمئويّة الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير. وسأعترف أمامكم بأنّني منذ ثلاث سنوات وأنا أطالب بإنشاء لجنة تضمّ لبنان وفرنسا والبطريركيّة لأنّهم معنيّون بهذه المئويّة لكن لا للأسف لم نلق الاهتمام اللّازم. تحدّثنا مع الرّئيس ماكرون وأعرب عن استعداده لأنّهم معنيون ولكن بعض اللّبنانيّين لا ندري لماذا يتقاعسون لا أدري إذا كان علينا السّكوت أو طرح الصّوت من جديد على الشّخصيات الثّقافيّة. لكنني لا أتعجب لذلك فكما مضى سنتين ونصف علينا دون رئيس كذلك حتّى الآن لم يتفقوا على تأليف حكومة بينما الشّعب يعيش الفقر والحاجة والاقتصاد ينذر بخطر كبير. لا أقول ذلك لإخافتكم بل لأذكّر على ضرورة التّكاتف. فنحن جماعة الرّجاء ونؤمن بالقيامة واليوم نعيش مرحلة الصّليب لكن لا بدّ من أن تأتي القيامة. وهذا يقتضي منّا الحفاظ على قيمنا الرّوحيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة والجتماعيّة وتنّورين هي البلدة التي تتمتع بهذه القيم وتربّي أجيالها على ذلك وتحافظون عليها.

هذه الزيارة عزيزة على قلبي ولا تنتهي اليوم بل تستمر لعلاقتي معكم. رافقكم الله وبارك أعمالكم لأنّكم جماعة كرامة وقيم. ونحمد معكم الله لأنّ شعبنا بالرّغم من الصّعوبات التي يمرّ بها لم يفقد الأمل ويعيش دائمًا على الرّجاء ولو أجبر على الاستجداء.