لبنان
16 آذار 2018, 06:00

نشاط البطريرك الرّاعي لأمس الخميس 15 آذار/ مارس- بكركي

إستقبل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر أمس، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، مفتي القدس والدّيار الفلسطينيّة الشّيخ محمّد حسين يرافقه سفير فلسطين في لبنان أشرف دبّور والمستشار الأوّل في السّفارة حسّان شيشاني، وكان لقاء تمحور موضوعه حول مسألة تهويد القدس.

 

وأعرب الشّيخ حسين بعد اللّقاء عن سعادته للقيام "بزيارة البطريرك الرّاعي"، وقال: "لقد كنّا مسرورين جدًّا بهذه المواقف الثّابتة لغبطة البطريرك لدعم القدس والقضيّة الفلسطينيّة بشكل عامّ، ورفضه الكامل والتّامّ للقرارات الأميركيّة الّتي تتعلّق بالقدس، سواء لجهة الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل أو لجهة نقل السّفارة الأميركيّة إلى القدس، وكذلك مسألة اللّاجئين وكلّ ما يتعلّق بمؤسّسة الأونروا والجهة الدّوليّة الّتي تدعم حقوق اللّاجئين حتّى العودة إلى فلسطين."

وأكّد حسين أنّ "مواقف غبطته ليست جديدة وإنّما هي مواقف مبدأيّة  وثابتة، ونحن أبناء الشّعب الفلسطينيّ نقدّرها عاليًا ونتمنّى لغبطته دائمًا تمام الصّحّة والعافية ودوام هذه المواقف الثّابتة الّتي تدعم العدالة والحرّيّة والحقّ، وهذه المبادىء بشّر بها سيّدنا المسيح".

ثم التقى البطريرك الرّاعي وفدًا من طلّاب الماستر2 في مادّة التّاريخ من جامعة السّوربون باريس 1 يتقدّمهم الدّكتور ديما فرنسوا الزّين دي كليرك، البروفيسور بيار فيرمان وعدد من الأساتذة، في زيارة لالتماس البركة والتّعرّف إلى تاريخ نشأة الموارنة في الشّرق وعلاقتهم بفرنسا.

أعرب فيرمان باسم الوفد عن "شكر وتقدير لغبطته على حفاوة الاستقبال، وعلى المعلومات التّاريخيّة الشّيّقة الّتي زوّدنا بها عن تاريخ الموارنة في الشّرق ولاسيّما في لبنان، ودورهم الكبير في إنشاء لبنان الكبير مع البطريرك الياس الحويك. وهذه المعلومات ساعدتنا للتّعرّف أكثر إلى الجماعة المارونيّة."

وكان البطريرك الرّاعي قد عرض أمام الوفد "للعلاقات التّاريخيّة الّتي تربط البطريركيّة المارونيّة بفرنسا"، مشيرًا إلى "التّقليد السّنويّ المتمثّل باحتفال البطريرك المارونيّ بالقدّاس الإلهيّ يوم اثنين الفصح على نيّة فرنسا بحضور السّفير الفرنسيّ وطاقم السّفارة في البطريركيّة المارونيّة."

وردًّا على عدد من الأسئلة أوضح البطريرك الرّاعي أنّ "الموارنة هم جماعة مسيحيّة تبعت القدّيس مارون، والكنيسة المارونية تضمّ سينودس أساقفة وينتشر مؤمنوها حول العالم. إنّها كنيسة كاثوليكيّة شرقيّة تقاليدها أنطاكيّة وسريانيّة وبطريركها يحمل لقب بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق أيّ من تركيا إلى موريتانيا وصولاً إلى الحدود الهنديّة. وأوّل ظهور للموارنة في التّاريخ كان مع المجمع الخلقيدونيّ في العام 431. وانتخب الموارنة أوّل بطريرك لهم في العام 686 وهو مار يوحنّا مارون."

وتابع: "بعد انتشارهم في لبنان شكّل الموارنة الجماعة الأقوى. وفي العام 1920 وبمسعى من البطريرك المارونيّ الياس الحويّك الّذي طالب به المسلمون والمسيحيّون في لبنان ليترأّس وفد فرساي أنشئ لبنان الكبير، حيث يعيش حتى هذه اللّحظة أبناؤه مسيحيّين ومسلمين معًا وفق الميثاق الوطنيّ الّذي يشكّل ضمانة لهم يتشاركون من خلالها معًا في السّلطة وفق نظام ديمقراطيّ يحترم الحرّيّات المدنيّة، ويؤمّن حرّيّة الرّأي والتّعبير وفق الاحترام المتبادل."

وشدّد البطريرك الرّاعي أمام الوفد على "ضرورة احترام الآخر وتقبّله لأن ّهذا ما يتميّز به لبنان حيث تعيش نحو 18 طائفة معًا وتشكّل لوحة من الموزاييك الفريد في المنطقة"، مؤكّدًا أنّ "المسيحيّين في الشّرق ليسوا بأقلّيّة فهم أصيلون في هذه الأرض ولكن بسبب الحرب العابثة والهدّامة الّتي ضربت أرضهم ونسبة لعددهم الضّئيل تأذّوا كثيرًا ما اضطرّهم إلى ترك أرضهم والهجرة وهكذا بات عددهم في بعض الدّول العربيّة كالعراق شبه معدوم."

وأكّد الرّاعي أنّ "الحرب قد فرضت على شعوب المنطقة وأنّ الإسلام منها براء. وإنّ من يقوم بها هي الجماعات الإرهابيّة من قاعدة ونصرة وغيرها ومنظّمات متطرّفة ومرتزقة. لقد بنينا مع المسلمين حضارة عمرها 1400 سنة لا يعقل أن يكون الإسلام هو من يودّ تدمير هذه الثّقافة والحضارة الّتي بنيناها معًا على مرّ التّاريخ."

ثمّ استقبل البطريرك المارونيّ وفدًا من المنتدى الحقوقيّ برئاسة المحامي عبّاس صفا الّذي تمنّى على غبطته "رعاية الشّباب غير المسيّس في لبنان لكي يتمكّن من التّعرّف إلى بعضه البعض والتّحاور والعمل معًا من أجل مستقبل أفضل للبنان كوطن للجميع وليس لفئة معيّنة."

ورأى صفا أنّ البطريرك الرّاعي هو "الجهة الوحيدة المؤهّلة لاحتضان النّاس الّذين لا يؤمنون إلّا بالولاء للوطن، "مشدّدًا على أنّ "لبنان بحاجة إلى رجالات تحمل فكرًا جديدًا ونهجًا جديدًا يؤسّس لمستقبل ناجح لأبنائه وليس لأشخاص يطلبون المواقع والمراكز لأهداف شخصيّة."

وبعد الظّهر استقبل في الصّرح البطريركيّ في بكركي، مدير عام مصلحة المياه في بيروت وجبل لبنان جان جبران الّذي عرض لواقع المياه وللتّطلّعات والمشاريع المستقبليّة المنويّ إنجازها "بهدف مكافحة ندرة المياه والعمل على ترشيدها والحفاظ عليها كثروة طبيعيّة يحقّ لكلّ مواطن لبنانيّ الاستفادة منها".

ثم التقى الرّاعي وفدًا من الأدباء والكتّاب السّريان في العراق يرافقهم الدّكتور غابي خوري مدير الجامعة اللّبنانيّة الدّوليّة في جبل لبنان، وضمّ الوفد رئيس اتّحاد الأدباء والكتّاب السّريان في العراق الدكتور راوند بولس، مدير عامّ التّعليم السّريانيّ في وزارة التّربية إقليم كردستان العراق نزار حنّا بطرس، مدير عامّ الدّراسات السّريانيّة في الحكومة الاتّحاديّة في العراق الدّكتور عماد سالم، وعضو اتّحاد الأدباء والكتّاب السّريان نزار حنّا الدّيراني الّذين شاركوا في مؤتمر "العلّامة الأباتي جبرائيل القرداحي للدّراسات السّريانيّة"، الّذي نظّمته الجامعة اللّبنانيّة الدّوليّة في جبل لبنان بالتّعاون مع الأدباء والكتّاب السّريان في العراق، وانعقد في لبنان من 12 إلى 14 آذار الحاليّ.

وأطلع أعضاء الوفد البطريرك على نتائج المؤتمر الّذي وصفوه "بالممتاز وعلى التّوصيات الّتي صدرت في ختامه ومن بينها الطّلب من الدّولة اللّبنانيّة إدراج اللّغة السّريانيّة كلغة وطنيّة وإدخالها إلى الجامعات والمدارس ومطالبة منظّمة الأونيسكو دعم مشاريع وعمليّة النّهوض باللّغة السّريانيّة في لبنان والمشرق."

كما شدّد أعضاء الوفد على "أهمّيّة اللّغة السّريانيّة الّتي تحتضن تاريخًا وتراثًا غنيًّا لا يمكن أن ينضب خصوصًا بالنّسبة للموارنة في لبنان وللمسيحيّين في دول الشّرق الأوسط، فارتباطها وثيق بجذورهم، لذلك عليهم إتقانها للتّعرّف أكثر إلى تاريخهم في المنطقة."

وفي الختام تسلّم البطريرك الرّاعي من الوفد درعًا تكريميّة.

ومن زوّار الصّرح البطريركيّ الدّكتور ألكسي مكرزل، ثمّ النّائب محمود عوّاد والمحامي زياد حوّاط.