لبنان
19 حزيران 2019, 05:00

نشاط البطريرك الرّاعي لأمس الثّلاثاء- بكركي

إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي، قبل ظهر الثّلاثاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، وزير الصّحّة الدّكتور جميل جبق على رأس وفد ضمّ كلّ من الدّكاترة: حسن عمّار، محمّد عياد، جوزيف الحلو، رياض فضل الله وحسين محيدلي، وكان بحث في الوضع الاستشفائيّ في لبنان بشكل عامّ وفي ميزانيّة وزارة الصّحّة بشكل خاصّ.

 

وتحدّث جبق بعد اللّقاء وقال: "تشرّفت بزيارة صاحب الغبطة ووضعته في أجواء الجهود الّتي تقوم بها وزارة الصّحّة لدعم وتأمين حاجات الشّعب اللّبنانيّ، وكان اللّقاء مثمرًا وناجحًا جدًّا  فلقد انتظرناه منذ زمن، ولكننا فضّلنا تأجيله كي ننهي الجولات على المستشفيات والمراكز الصّحّيّة."

وأضاف جبق: "اليوم نقلت لصاحب الغبطة كلّ الإجراءات الّتي تمّ اتّخاذها في وزارة الصّحّة، وأطلعته على خطّة العمل على المدى البعيد، وسألته بركاته كي نستطيع إكمال الخطّة عسانا نتمكّن من تخفيف معاناة الشّعب اللّبنانيّ، وهذه الزّيارة هي جزء من الزّيارات الّتي سنقوم بها إلى كافّة المراجع الدّينيّة وزعماء الطّوائف."

وعن الموازنة وحصّة الوزارة منها أوضح جبق: "إنّ التّقشّف الّذي حصل لم يطل وزارة الصّحّة وميزانيّتها، بل حصلنا على زيادة في بند الأدوية والمستشفيات، ولكن الزّيادة لم تكن على قدر الطّموحات، لأنّ عجزنا في الوزارة تجاوز المئة مليار ليرة لبنانيّة، ولكن في كلّ الحالات سنطلع الرّأي العامّ على كل تفاصيل الميزانيّة الجديدة فور استلامها".

وعن مستحقّات المستشفيات المتوجّبة علىى وزارة الصّحّة، أشار جبق: "أعتقد أنّه خلال 48 ساعة سيصل إلى حسابات المستشفيات جزء كبير من الأموال كدفعة أولى. ونحن بصدد استكمال الدّفعات المتبقّية، وإن كان سبب التّأخير الّذي حصل في دفع المستحقّات أمورًا لوجستيّة، وهذا الأمر خارج عن إطار عملنا في وزارة الصّحّة، لأنّنا حوّلنا الأموال لغاية 1/9/2018 وسنقوم بتحويل الجزء المتبقّي كي نقفل العام 2018 بأكمله".

وبالنّسبة للتّحرّك المرتقب للمستشفيات باتّجاه  وزارة الصّحّة، أعلن  جبق: "لقد بلغنا الأمر أنّهم سيتظاهرون يوم الجمعة المقبل أمام الوزارة، أنا أقدّر تحرّكهم وأشعر بمعاناتهم لأنّني أعتبر أنّ هناك مستشفيات كثيرة في لبنان تعيش على السّقف الماليّ لوزارة الصّحّة، خصوصًا المستشفيات الحكوميّة والموجودة في الأطراف، وهذه المستشفيات لا تقوم بتقديم الخدمات الطّبّيّة والاستشفاء الخاصّ أو الّذين يملكون سيولة ماليّة أو يستفيدون من شركات التّأمين، ومعظم وغالبيّة المرضى الّذين يدخلون إلى هذه المستشفيات على نفقة وزارة الصّحّة، لذلك فإنّ هذه المستشفيات لا تستطيع الاستمرار في عملها إلّا إذا قبضت مستحقّاتها من الوزارة، وكلّ هذه المستشفيات فيها من 200 إلى 300 مواطن يعتاشون مع عائلاتهم في رواتبهم وهم ينتظرون قبض مستحقّاتهم من الوزارة ليقوموا بتسديد الرّواتب".

ومن زوّار الصّرح البطريركيّ الوزير السّابق شارل رزق ونجيب بولس ثمّ النّائب فريد الخازن الّذي عرض مع الرّاعي للوضع الاقتصاديّ في لبنان الّذي "تعاني منه شريحة كبيرة من المجتمع اللّبنانيّ، وضرورة الخروج من المجلس النّيابيّ بموازنة تخدم لبنان وتنمّي الاقتصاد اللّبنانيّ."

ولفت الخازن إلى "أنّه وسط الصّراع الّذي تشهده المنطقة على لبنان لا بدّ من التّشديد على الحوار واعتماده بين كافّة الأفرقاء لتجنيب المنطقة المزيد من الحروب الّتي لا يريدها أحد."

وظهرًا استقبل البطريرك الرّاعي سفيرة الولايات المتّحدة الأميركيّة في لبنان إليزابيت ريتشار وكان تبادل للآراء حول مواضيع منوعّة تتعلّق بلبنان والمنطقة.

وقالت ريتشارد: "لقد زرت صاحب الغبطة البطريرك الرّاعي وقدّمت تعازي ولو متأخّرة بمثلّث الرّحمة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير. وتناولت مع غبطته عددًا من المواضيع المحلّيّة والإقليميّة واستمعت إلى قراءته حولها لأنّني أستفيد دائمًا من هذه القراءة."

 

وبعد الظّهر تسلّم البطريرك الرّاعي من الرّئيس العامّ لإخوة المدارس المسيحيّة- الفرير- الأخ فادي صفير، يرافقه منسّق مدارس الفرير الأخ إميل عقيقي، الأخ سامي حاتم والأستاذ أنطوان مدوّر، دعوة بمناسبة الاحتفال باختتام السّنة اليوبيليّة لمرور 300 عام على وفاة مؤسّس الرّهبنة القدّيس يوحنّا دولاسال في شهر تشرين الثّاني المقبل.

وتخلّل اللّقاء عرض من الأخ صفير لوضع مدارس الرّهبنة الّتي "تتابع تقديمها للرّسالة التّعليميّة بتفاني"، ولفت الأخ عقيقي "إلى أنّ سياسة التّقشّف الّتي طبّقتها مدارس الفرير وفقًا لتعليمات صاحب الغبطة البطريرك الرّاعي الّذي طلب من كافّة المدارس الكاثوليكيّة تطبيق هذه السّياسة قبل إصدار سلسلة الرّتب والرّواتب بوقت طويل، ساهمت بشكل كبير بتجنيبنا الوقوع في الأزمة الّتي تعاني منها المدارس الخاصّة فتمكّنّا من إعطاء معلّمينا حقوقهم وتابعنا عملنا بشكل طبيعيّ، حتّى أنّ مدارسنا المجانيّة تمكّنت من تحصين نفسها وكلّ ذلك بفضل سياسة تقشّفيّة استباقيّة طبّقناها للحفاظ على جوهر رسالتنا وهي تقديم العلم والمعرفة لجيل الشّباب الّذي يمثّل ثروة لبنان الحقيقيّة وسط ظروف طبيعيّة عاشها أهل الطّلّاب والأساتذة وإدارات مدارسنا."

بعدها استقبل وفدًا من جمعيّتي جاد واليازا بمناسبة اليوم العالميّ لمكافحة المخدّرات الّذي نظّمته جمعيّة جاد شبيبة ضدّ المخدرات بعنوان "شباب لبنان إلى أين"، بمشاركة جهات مدنيّة ورسميّة لبنانيّة وعربيّة. تخلّل اللّقاء الّذي انضم إليه النّائب ماريو عون، تقديم دراسات وإحصاءات عن وضع الشّباب اللّبنانيّ بالنّسبة لآفة المخدّرات من قبل متخصّصين في عدّة مجالات والحلول المقترحة لمواجهة هذه المشكلة الخطيرة.

وكانت كلمة لرئيس جمعيّة جاد جوزيف الحوّاط تحدّث فيها عن فضائح المخدّرات بالأرقام والإحصاءات تلتها كلمة توضيحيّة لقائد الدّرك السّابق العميد صلاح جبران عن مشكلة السّجون والشّباب اللّبنانيّ، أكّد فيها أنّ "نحو 70% من الجرائم ترتكب بسبب المخدّرات."

كما عرض رئيس شعبة مكافحة المخدّرات وتبييض الأموال في الجمارك العقيد نزار الجردي "للعلاقة القويّة بين الإدمان والإرهاب والتّداخل بين التّنظيمات الإرهابيّة وشبكات المخدّرات الّتي تستهدف الشّباب."

وتحدّث ممثّلون عن النّقابات ومراكز اجتماعيّة ومحامون وأكاديميّون عن "ازدياد حالات الانتحار عند الشبّاب اللّبنانيّ بسبب المخدّرات وواقع السّلامة المروريّة المزرية الّتي تؤثّر عليها عمليّة تعاطي المخدّرات من قبل السّائقين، مطالبين الدّولة بتطبيق قانون السّير الجديد الّذي أقرّ كاملاً وليس تطبيق الجزء المتعلّق بالغرامات العالية فقط وإنّما الشّقّ المتعلّق بسلامة المواطن الّتي هي الأساس."

وقدّم كلّ متحدّث بحسب اختصاصه دراسة مفصّلة إلى الرّاعي عن واقع المشاكل النّاتجة عن تعاطي المخدّرات، ومن بينهم البروفيسورة وديعة الأميوني الّتي قدّمت عددًا من مؤلّفاتها حول إدمان الإنترنت عند الشّباب مشيرة إلى "مخاطر الهيرويين الإلكترونيّ على الأجيال اللّبنانيّة الطّالعة"، وعرض عدد من الحضور لمخاطر الأدوية ولاسيّما المنشّطات الرّياضيّة والتفّكّك الأسريّ والمشاكل القانونيّة الّتي تواجهها الجمعيّات في مساعدة المدمن لدى توقيفه أمام القضاء.

ولفت مدير البرنامج الوطنيّ للحدّ من التّدخين في وزارة الصّحّة فادي سنان إلى "مخاطر تدخين النّرجيلة الّتي تفشّت بسرعة قياسيّة في مجتمعنا منبها وباتت ظاهرة  ينتقل معظم الشّباب من تدخينها إلى تعاطي المخدّرات"، محذّرًا من أنّ "لبنان يحتلّ المرتبة الخامسة في العالم لانتشار مرض السّرطان فيه بسبب التّدخين الّذي قد يتطوّر إلى تعاطي للمخدّرات، إضافة إلى أنّ سعر المنتجات التبغيّة فيه هي الأرخص في العالم."

وأشارت رئيسة يازا الدّكتورة منى عقل إلى "ازدياد عدد ضحايا حوادث السّير في لبنان وقد وصل العام الماضي إلى نحو 800 قتيل والدّولة لا تطبّق قانون السّير بكامل مواده. كما حذّرت من "خطر تشريع المخدّرات سيّما أنّ كندا قد طبّقت هذا الأمر حديثًا ولكنّها بحسب استطلاع رأي الشّرطة بدأت تعاني من تغيير سلبيّ جدًّا في مجتمعها."

وكانت مداخلة للنّائب عون هنّأ فيها الجمعيّات على نشاطهم واعتبر أنّ "خير طريقة لمواجهة مخاطر المخدّرات هي وضع قوانين حديثة يعمل عليها البرلمان اللّبنانيّ بشكل يشرّع فيه استخدام المخدّرات لحاجات طبّيّة فقط ويكون مراقبًا من قبل الدّولة للوصول إلى أفضل نتائج."

وفي الختام شكر البطريرك الرّاعي الحاضرين على "الجهد والعمل الّذي يبذلونه لمساعدة مجتمعنا على مواجهة آفة المخدّرات"، منوّهًا "بالدّراسات والإحصاءات الّتي أعدّوها وقدّموها وفق قراءة علميّة تسلّط الضّوء على مكامن الخلل وتطرح حلولاً للمعالجة."

ووعد بأن "يكون الصّوت الصّارخ معهم للتّوعية والمطالبة بتطبيق قوانين تحمي شبابنا وتحصّن مجتمعنا"، مثنيًا على "عمل كلّ فرد من الحضور لأنّهم يحملون هم الإنسان الّذي إن سلم يسلم الوطن والمجتمع."