لبنان
13 آذار 2019, 06:00

نشاط البطريرك الرّاعي لأمس الثّلاثاء- بكركي

إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر الثلاثاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، سفير الأرجنتين في لبنان موريسيو أليس الّذي أشار إلى "التّطرّق إلى عدد من النّقاط خلال اللّقاء ولاسيّما في ما يتعلّق بالحضور المسيحيّ في الشّرق الاوسط، وكان تبادل لوجهات النّظر حول هذا الموضوع. كما بحثنا في الوضع الدّينيّ الرّاهن في لبنان وضرورة الحفاظ على احترام الأديان لبعضها البعض وهو من أهمّ الميّزات الخاصّة بلبنان."

 

ثمّ التقى وفد المجلس الوطنيّ للخدمة الاجتماعيّة في لبنان برئاسة سلوى الزّعتري الّتي ألقت كلمة باسم الوفد جاء فيها: "تتشرّف الهيئة الإداريّة الجديدة للمجلس الوطنيّ للخدمة الاجتماعيّة في لبنان، بزيارتكم بصفتكم مرجعًا روحيًّا وطنيًّا، ونحن نؤكّد على ثقتنا بتوجّهاتكم البنّاءة ودعمكم الحثيث لكلّ الجهود الّتي تبذل على كلّ المستويات من أجل بناء جيل صالحٍ سليمٍ معافى، في وطنٍ يعيش أفرادُه حياةً حرّةً كريمةً، يسوده الأمن والإيمان والأخلاق الفاضلة، ويرفل بالتّنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة بأسمى مراتبها."

وتابعت الزّعتري: "إنّ المجلس الوطنيّ للخدمة الاجتماعيّة يلتقي مع قناعاتكم الكريمة الفاضلة هذه، إذ أنّه يوظّف كلَّ ما أوتي من طاقات بشريةٍّ وعلميّةٍ وتخصّصيّة، وإمكاناتٍ وخبراتٍ في سبيل إحقاق الحقوق لأصحابها. وإنّنا كممثّلين للجمعيّات والمؤسّسات الأعضاء نؤكّد حرصنا على حمل الأمانة الّتي أوكلت إلينا بشراكةٍ مع الدّولة متمثلةً بوزارة الشّؤون الاجتماعيّة، تجاه أفراد المجتمع من الفقراء والأيتام والمستضعفين، وكبار السّنّ والأشخاص المعوّقين والمدمنين. والبالغ عددهم خمسة وأربعون ألف مسعفٍ، يقوم على خدمتهم خمسةٌ وعشرون ألف عامل متخصّصين في كافّة المجالات، لنقومَ بدورنا بدون توقّفٍ أو توانٍ في السّلم كما في الحرب."

وأضافت الزّعتري: "هذه المؤسّسات والجمعيّات تزرع الأمل في النّفوس وتمدّ يدها إلى الأشخاص المهدّدين بالخطر والمدمنين تدعمهم من أجل إعادتهم إلى جادّة الطّريق، وتحتضن الأيتام والفقراء بدون إغفال تعزيز ارتباطهم بأسرهم إن وُجِدَت، وتعمل على توفير الرّعاية الشّاملة الّتي تمكّنهم من السّير قدمًا نحو بناء المستقبل أفضل لهم ولأسرهم، وتلبّي احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة بتأمين الرّعاية والعلم والتّدريب المهنيّ والحرفيّ والتّأهيل، فتتولّى شؤونهم وتؤمّن احتياجاتهم، كما تسعى لدمجهم في المجتمعات وإتاحة الفرص أمامهم ليأخذوا دورهم في سوق العمل كي يصبحوا قادرين على إعالة أنفسهم، وتكوين أسر مكتفيةً بذاتها بعيدًا عن الفاقة. وتعزيز موقع كبير السّنّ في أسرته وضمن أهله كريمًا عزيزًا، وتأمين المستلزمات لمن تفاقم وضعه ممّن ليس له معيل أو من يهتمّ بأموره وتأمين احتياجاته."

وقالت: "كلّنا أمل يا صاحب الغبطة أن نحظى بدعمكم الكريم وخاصّة أنّ الواقع أضحى صعبًا جدًّاً على المؤسّسات لا بل أصبح كارثيًّا، نتيجة إنهاك قدرات المؤسّسات بمطالبة الوزارة بتسديد مستحقّاتها المتوجّبة عليها والّتي لم تدفع اعتبارًا من 1/1/2018 وهو أمر أدّى إلى إرباك المؤسّسات ووضعها في ضائقة ماليّة كبرى وخاصّة أنّ بدل المساهمة عن المسعف الواحد لا يزال يدفع على أساس سعر الكلفة 1996 لفئات الأيتام والحالات الاجتماعيّة الصّعبة والتّدريب والتّعليم المهنيّ وسعر كلفة 2011 لفئات الأطفال الرّضع وكبار السّنّ والأشخاص المعوّقين والّذي لم يعد أساسًا يفي بالحاجات الضّروريّة واللّازمة للعمل الرّعائيّ والتّأهيليّ، وما يزيد الطّين بلّة التّأخير في إبرام العقود 2019 الواجب إنجازها في مواعيدها."

وختمت الزّعتري: "صاحب الغبطة، إنّ الأمانة الّتي أوكلت لنا سنستمرّ بحملها بكلّ جدّيّة وإصرار لأنّنا مؤمنون بأنّنا معنيّين في بناء الإنسان حتّى نصل إلى مجتمع متكاتف ومتكامل يتنافس فيه أبناؤه تنافسًا شريفًا لمصلحة الوطن. ونؤكّد لكم يا صاحب الغبطة أنّكم مصدر قوّةٍ لنا، وفكر ملهم نيّر مؤيّدٍ باتّباع شرع الحكيم الخبير، ما خاب من اقتدى به وسار بنور هديه."

بدوره شكر المؤسّسات الاجتماعيّة والتّقنيّة على "ما تقوم به من أعمال إنسانيّة منذ سنين طويلة"، مثنيًا على "مبادئها المتمثّلة باعتبار الإنسان هو الأغلى في الوطن". وإذ أسف لتقليص المساعدات المخصّصة لهذه المؤسّسات نتيجة توزيعها على النّازحين السّوريّين، أكّد البطريرك أنّ "ثقافة الشّعوب وحضارتها تقرأ من خلال نظرتها ومعاملتها لليتيم والفقير والمعوز وأصحاب الاحتياجات الخاصّة، لذلك يجب دعم هذه المؤسّسات الّتي تعنى بالتّقديمات الإنسانيّة من دون تفرقة ورفع موازنة وزارة الشّؤون الاجتماعيّة المعنيّة بدورها بهذه المهمّة."

بعدها استقبل الوزير السّابق ابراهيم الضّاهر، ثمّ وفدًا برلمانيًّا فرنسيًّا برئاسة النّائب غواندال رويار وعضويّة النّوّاب مارتين وونر، مارك لوفور وجان كلود بوشيه، وكان بحث في وضع المسيحيّين في منطقة الشّرق الأوسط عامّة وفي لبنان خاصّة، كذلك تناول البحث مسألة النّازحين السّوريّين وتأثيراتها على الوضع اللّبنانيّ على كافّة المستويات.

واطلع الوفد من غبطته على "اهمية دور لبنان الرسالة في منطقة الشرق الأوسط وخطورة ان يفقد هذا الدور،" كما شدد على" نموذج التعايش الذي يتميز به لبنان حيث التنوع والديمقراطية، معتبرا ان الخروج عن هذا النموذج يعني نهاية لبنان."
ولفت غبطته الى ا"ن الحديث عن المسيحيين بالنسبة لنا لا يعني الحديث عن مصالحهم الخاصة وانما عن مصلحة لبنان والثقافة والحضارة اللبنانية وهذا ما يجعل لبنان فريدا بين دول المنطقة والثقافة المسيحية تعني الإنفتاح على الآخر والعيش معه انه التعايش معا مسلمين ومسيحيين ضد الآحادية والإحترام متبادل بين كل الأطراف وهذه هي الموزاييك اللبنانية الرائعة."

ورأى أنّ "على الأسرة الدّوليّة العمل بجدّيّة لحلّ مسألة النّازحين السّوريّين وتسهيل عودتهم الآمنة إلى بلادهم لافتًا إلى أنّ هذه العودة قد تتمّ على مراحل إذا ما كانت الحجّة تسوية أوضاع بعض النّازحين، ولكن من الضّروريّ جدًّا عودتهم إلى بلادهم نظرًا للعبء الكبير الّذي بات لبنان يرزح تحته نتيجة تداعيات هذا النّزوح ومنها هجرة الشّباب اللّبنانيّ فقدان فرص العمل والأزمة الاقتصاديّة الخانقة والبنى التّحتيّة غير المجهّزة لاستيعاب نصف عدد سكّان لبنان من النّازحين."

وحذّر الرّاعي من "تكرار السّيناريو الّذي حصل نتيجة اللّجوء الفلسطينيّ وما نتج عنه من حرب مدمّرة للبنان، متسائلاً أين هو الحلّ الّذي أوجدته الأسرة الدّوليّة لهم وأين حقّهم بالعودة الّتي ينتظرونها منذ 71 سنة؟ لذلك نحن نطالب الدّول ولاسيّما فرنسا نظرًا لعلاقتها العريقة بلبنان المساعدة لإيجاد حلّ لمسألة النّازحين كي لا يكون لبنان هو الضّحيّة إذ أنّه لا يجوز لبلد استقبل عددًا كبيرًا من النّازحين بكلّ محبّة وإنسانيّة أن يدفع ثمن حروب الآخرين على أرضه."
 
وكان الوفد الفرنسيّ قد نقل تحيّات الرّئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون إلى الرّاعي، مشدّدًا على "دعم فرنسا للبنان في كافّة المجالات، وعلى تعزيز العمل المشترك للجنة الصّداقة البرلمانيّة اللبّنانيّة- الفرنسيّة"، مؤكّدين على "عمق العلاقات الّتي تربط لبنان بفرنسا ووقوفها الدّائم إلى جانب لبنان لاسيّما في هذه المرحلة الدّقيقة."
 
بعدها التقى البطريرك الرّاعي الشّيخ محمّد كنعان رئيس المحاكم الجعفريّة الّذي قال بعد اللّقاء: "لقد تشرّفت بلقاء غبطته حيث بحثنا في عدد من الشّؤون الثّقافيّة العامّة المشتركة بيننا وبين الكنيسة وكان اللّقاء جيّدًا وإيجابيًّا إلى أقصى الدّرجات ونقلنا فيه بعض الآمال وكثيرًا من الآلام لغبطته وكان تقارب لوجهات النّظر حول بعض المسائل المطروحة على السّاحة اللّبنانيّة على مستوى التّشريعات."

ومن زوّار الصّرح البطريركيّ وفدًا من "لابورا" برئاسة الأب طوني خضره عرض لأبرز النّشاطات والإنجازات الّتي حقّقتها لابورا في خلال هذا العامّ ومن أبرزها "تدريب الشّباب اللّبنانيّ وحثّه على الانخراط في مؤسّسات الدّولة إضافة إلى تقديم التّوعية على أهمّيّة الانخراط في هذه الوظائف."

بدوره أثنى البطريرك الرّاعي على عمل لابورا داعيًا "المسؤولين السّياسيّين إلى تحمّل مسؤوليّاتهم وتأمين الخير العامّ للّذين وضعوا ثقتهم بهم،" ومؤكّدًا أنّ "لبنان وطن لجميع أبنائه على تنوّعهم من هنا ضرورة ووجوب تأمين العدالة على كافّة المستويات لتأمين العيش الحرّ والكريم للّبنانيّين".