لبنان
09 أيار 2019, 05:00

نشاط البطريرك الرّاعي لأمس الأربعاء- بكركي

إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي بعد ظهر الأربعاء، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، وزير خارجيّة هنغاريا بيتر سيارتو يرافقه سفير هنغاريا في لبنان ووفد ديبلوماسيّ بحضور المطران رفيق الورشا، في زيارة تمّ خلالها البحث في أهمّيّة تعزيز العلاقات بين البلدين ولاسيّما على الصّعيد الكنسيّ، حيث قامت هنغاريا "بترميم نحو 14 كنيسة في لبنان على أن يتبع هذه الخطوة ترميم 19 كنيسة أخرى إضافة إلى تقديم منح تعليميّة وذلك في إطار الحفاظ على القيم المسيحيّة ودعم الإرث المسيحيّ الثّقافيّ في لبنان".

 

وكان تبادل لوجهات النّظر حول عدد من المواضيع الّتي تتعلّق بالوضع المسيحيّ في الشّرق وتشديد على "أهمّيّة الحفاظ على هذا الوجود والحضور لاستمراريّة إرث تاريخيّ عريق وحضارة غنيّة بالقيم الإنسانيّة والدّينيّة والاجتماعيّة، وثناء على دور البطريركيّة المارونيّة ونشاط غبطة البطريرك الدّاعي إلى الحفاظ على هذا الحضور والتّمسّك بالأرض."

 

وأوضح سيارتو بعد اللّقاء، وردًّا على سؤال عن وضع اللّاجئين السّوريّين في المنطقة: "إنّ الدّولة الهنغاريّة كما الدّولة اللّبنانيّة موقفها واضح تجاه موضوع النّازحين السّوريّين، ونحن نحترم ونقدّر المجهود الّذي تقوم به الحكومة اللّبنانيّة بهدف الاهتمام بالنّازحين السّوريّين، وتجنيبهم مخاطر السّفر إلى البلدان الأوروبّيّة. وفي هذا الإطار نشدّد على ضرورة وقف تشجيع النّازحين على السّفر إلى البلدان الأوروبيّة من قِبل المجتمع الدّوليّ، وتأمين عودة قانونيّة وآمنة لمن نزحوا. وفي هذا الإطار، نحن نعتبر أنّ المجتمع الدّوليّ أخطأ بتشجعيه على النّزوح، ولهذا السّبب نحن مستعدّون للتّعاون مع لبنان والحكومة اللّبنانيّة والمنظّمات الدّوليّة لتحقيق العودة الآمنة لهم."

 

وأضاف: "نحن نقدّر الجهود الّتي بذلها لبنان واللّبنانيّون وما زالوا للحفاظ على الوجود المسيحيّ، ويد العون والدّعم المادّيّ والمعنويّ ممدودة من الدّولة الهنغاريّة من أجل هذه الغاية، ومن أجل تقوية الوجود المسيحيّ وتشجيع المسيحيّين على البقاء في وطنهم، لأنّ خسارة المسيحيّين في الشّرق ولبنان تحديدًا، تعني انتصار المخطّطات الإرهابيّة الّتي تهدف إلى تهجير المسيحيّين والقضاء عليهم."

 

وختم سيارتو: "لقد تشرّفت بلقاء صاحب الغبطة وأكّدت له أنّ الدّولة الهنغاريّة ستبقى على نفس النّهج الدّاعم للمجتمع المسيحيّ وللمسيحيّين أينما وجدوا، ونحن نقدّر ونحترم نشاطات صاحب الغبطة في هذا الإطار للحفاظ على الوجود المارونيّ، كما عرضنا سويًّا للوضع المسيحيّ في لبنان وسوريا ".

 

بعدها التقى الرّاعي وزير الدّفاع الياس بو صعب ووزيرة الطّاقة والمياه ندى البستاني، وكان بحث في موضوع تنفيذ خطّة الكهرباء الّتي أقرّها مجلس الوزراء حيث تمّ التّركيز على القسم المتعلّق بوصلة  المنصوريّة والإشكال الّذي رافق عمليّة التّنفيذ.

 

وكان تشديد من الرّاعي على شجب العنف بكافّة أشكاله وضرورة اعتماد لغة الحوار والإقناع بالأدلّة والبراهين العلميّة، مع الثّناء على خطّة الكهرباء الّتي "ستؤمّن الكهرباء للّبنانيّين الّذين عانوا من انقطاعها منذ اندلاع الحرب حتّى اليوم."

 

تحدّثت البستاني بعد اللّقاء وقالت: "أنا هنا اليوم للقاء صاحب الغبطة البطريرك الرّاعي بعد الكلام الّذي سمعناه، فأنا ابنة بكركي والتقيت بصاحب الغبطة لتوضيح هذه الأمور بعد أن اتّصلت به البارحة ووضعته في أجواء خطّة الكهرباء ولاسيّما ما يحدث في المنصوريّة. بالطّبع نحن لا نقبل باستعمال العنف ضدّ الشّعب اللّبنانيّ ولا غبطته يقبل بهذا الأمر، وهذا المنطق مرفوض ولكنّنا أيضًا تحت سقف منطق الدّولة. واليوم هناك خطّة كهرباء وافق عليها مجلس الوزراء وأشاد بها البطريرك الرّاعي، ونحن سننفّذها بحسب قرار مجلس الوزراء."

 

وأضافت البستاني: "من ضمن هذه الخطّة هناك وصلة المنصوريّة الّتي تحدّثنا عنها كثيرًا وهي ليست بموضوع جديد وعمرها أكثر من عشر سنوات. وصلة المنصوريّة تمّ دراستها من أكبر الشّركات العالميّة منهم شركة كهرباء فرنسا ومنظّمة الصّحّة العالميّة، وكان تأكيد على عدم وجود أيّ ضرر وذلك استنادًا على دراسات علميّة مفصّلة. إنّ شبكة الكهرباء تمتدّ على مساحة لبنان وهي تمرّ بكلّ المناطق من صور وصيدا والمتن وديك المحدي والرّابية، وفوق عدد من المدارس مثل مدرسة  يسوع ومريم والشّانفيل وفي الزّوق وجعيتا وكسروان، وهي بطول 369 كلم. وفي المنصوريّة هناك وصلة بطول  2 كلم. لقد تمّ دراسة كافّة الحلول ومن بينها إمكانيّة تمرير الوصلة تحت الأرض ولكن الدّراسات أثبتت وجود ضرر لذلك يبقى حلّ فوق الأرض هو الأصحّ، مع التّأكيد على أنّ الحلّ الحاليّ لا يضرّ صحّيًّا وهو يمرّ بكلّ لبنان وفق معايير عالميّة وأوروبيّة حتّى أنّنا تفوّقنا على المعايير الأوروبيّة."

 

وأنهت البستاني: "بما أنّنا اليوم نناقش الموازنة وعجز كهرباء لبنان من المهمّ أن يعرف المواطن أنّه بتنفيذ هذه الوصلة نكون قد وفّرنا نحو 1% من الهدر، أيّ نحو 20 مليون دولار. وهذا رقم مهمّ جدًّا. وفي الوقت نفسه نحن نتابع أعمالنا في الهرمل وصور وفيطرون والعمل جارّ على قدم وساق. ومع حدوث إشكال في الهرمل اضطرّت ليس فقط القوى الأمنيّة إلى التّدخّل وإنّما الجيش أيضًا، ذلك أنّ هناك قرار من مجلس الوزراء بتنفيذ خطّة الكهرباء وما من ضرر على العالم. نحن نتفهّمهم ونتفهّم مخاوفهم ونؤكّد لهم أنّ هكذا قرار لا يمكن أن تتّخذه الحكومة لو كان هناك أيّ ضرر على المواطنين".

 

هذا وكان الرّاعي قد استقبل قبل ظهر الأربعاء شمامسة الكنيسة المارونيّة الأبرشيّين والرّهبان الّذين ينهون هذا الأسبوع تنشئتهم التّحضيريّة للكهنوت، يرافقهم  رئيس الاكليركيّة البطريركيّة المارونيّة المونسنيور جورج أبي سعد، وعميد كلّيّة اللّاهوت الحبريّة في جامعة الرّوح القدس- الكسليك الأب الياس جمهوري، ومسؤول السّنة الرّعائيّة في الإكليريكيّة الخوري دانيال زغيب.

 

بعد عرض الأب جمهوري لسير التّنشئة الأكاديميّة والتّطبيقيّة للشّمامسة، شكر الرّاعي بيوت التّنشئة الكهنوتيّة في الإكليريكيّة وفي الأديار على عملهم، وتوجّه إلى الشّمامسة مشدّدًا على "أهمّيّة الرّوحانيّة والعلم كأساس لحياتهم الكهنوتيّة. فالرّوحانيّة تعني التّفاني والتّجرّد والرّوح الرّساليّة. والعلم من حيث هو حاجة للتّكلّم مع شعبنا بنفس اللّغة، والبحث عنه. فالمطلوب من كاهن اليوم عدم الاكتفاء بتأمين القدّاسات والجنّازات وغيرها من الطّقوس، بل البحث عن شعبنا أينما كان، حتّى في وسائل التّواصل الاجتماعيّ."

 

 وذكّر "بضرورة تشبّه الشّمامسة والكهنة بالمسيح وليس بأيّة صورة بشريّة"، داعيًا إيّاهم إلى "تخطّي الذّات بغية الخدمة في كرم الرّبّ حيث الحصاد كثير. والمطلوب من كلّ واحد العمل في كرم الرّبّ وليس التّفرّج والاكتفاء بالنّظر من بعيد. فكما عاش المسيح من أجل الآخرين كذلك يُطلب من الكاهن أن يكون هو أيضًا رجلًا متخطّيًا راحته من أجل اللّقاء بالآخرين وخدمتهم. فالمسيح هو مقياس الحياة الكهنوتيّة."

 

وفي الختام شكر البطريرك الرّاعي الله على الدّعوات في الكنيسة المارونيّة، وهنّأ الحضور بسياماتهم الكهنوتيّة القريبة.