لبنان
21 تموز 2020, 05:00

نشاط البطريرك الرّاعي لأمس الإثنين- الدّيمان

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبل البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في الدّيمان أمس الإثنين، وفدًا من الكوادر الكتائبيّة من المناطق القريبة من الدّيمان وبكركي في الكورة والبترون وكسروان الفتوح وجبيل، برئاسة الوزير السّابق الدّكتور سليم الصّايغ الّذي ألقى كلمة أشار فيها إلى أنّ الزّيارة تأتي في إطار تأييد موقف البطريرك المتعلّق بتحرير الشّرعيّة وحياد لبنان، وشرح الموقف التّاريخيّ لحزب الكتائب في هذا الإطار، ناقلاً تحيّة رئيس حزب الكتائب النّائب سامي الجميّل للبطريرك، ومؤكّدًا وقوف الحزب الدّائم إلى جانب البطريركيّة المارونيّة.

وردّ البطريرك الرّاعي بكلمة شكر فيها للوزير الصّايغ محبّته، وللوفد حضورهم إلى الدّيمان طالبًا من الوزير الصّايغ نقل تحيّاته اإلى رئيس الحزب وقال: "تقول مقدّمة الدّستور اللّبنانيّ بأنّ لبنان وطن نهائيّ لكلّ أبنائه والحياد هو أفضل ترجمة لهذا الدّستور. والحياد هو أن يكون الوطن غير مرتبط أو مرتهن لأيّ بلد آخر. ولا مرتبط بأيّ أحزاب أو أحلاف سياسيّة أو دينيّة أو عسكريّة إقليميّة أو دوليّة وتكون الأولويّة في الولاء وفي القرار، والأولويّة في العيش هي للبنان طالما أنّنا نقول جميعًا إنّ لبنان هو وطن نهائيّ لكلّ أبنائه. وإذا كنّا نؤمن أنّ لبنان هو وطن نهائيّ فعليه أن يكون وطن حياديّ ناشط وفاعل لتعزيز السّلام والاستقرار بين الشّعوب عبر حوار الحضارات والعمل لخدمة القضايا العربيّة والشّرق أوسطيّة، وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة وطبعًا نحن وإسرائيل في حالة عداء دائم .

الحياد النّاشط والإيجابيّ مسؤوليّتنا جميعًا وهي كبيرة وضخمة، خصوصًا وأنّ لبنان كان مستشفى العرب وفندق العرب وسياحة العرب وحرّيّة العرب وحياده سمح له بهذه التّسميات وعندما تداخلنا مع أحلاف وأحزاب وأعمال عسكريّة أصبحنا بعزلة تامّة عن العرب وعن الغرب، وأصبحنا لوحدنا كما السّفينة في البحر الهائج. وإنّ الحياد هو لصالح كلّ اللّبنانيّين وهو وحده مصدر الانصهار الوطنيّ والحياد مصدر استقرار يؤدّي إلى الازدهار والنّموّ، وإذا كان لدينا كلّ يوم أزمة فلا استقرار عندنا، وبالتّالي لا حياة اجتماعيّة ولا كرامة ولا حياة اقتصاديّة. وأقول وأكرّر أنّنا عشنا حالة ازدهار ونموّ وبحبوحة في الماضي واليوم أصبحنا "شعب شحّاد" لأنّنا مرتبطون هنا وهناك. إذًا، الحياد هو النّظام الفاعل والنّاشط ويؤدّي إلى استعادة دور لبنان كجسر بين الشّرق والغرب كما يعيد إليه الدّور الثّقافيّ والاقتصاديّ، ولبنان كان مدخل الشّرق إلى الغرب وهذا ما يؤمّنه له الحياد.

وتابع أمس راجعت البيانات الوزاريّة من 1943 حتّى 1980 وكلّها تقول إنّ لبنان يعتمد الحياد وأنا لم أخترع البارود. هذا تاريخنا وثقافتنا وحضارتنا والبيانات الوزاريّة كلّها تقول إنّ لبنان يعتمد الحياد مع الالتزام بالقضايا العامّة مثل السّلام وحقوق الإنسان وحوارات الحضارات والأديان. والآن أين نحن وماذا نقول للعالم وللأمم المتّحدة! نحن لم نؤذ أحد ولم نعتد على أحد ولا نزعج أحدًا، بل نريد العيش بكرامة واستعادة ما لنا من معنى في هذا الشّرق ولهذا علينا العودة إلى نظام الحياد النّاشط والفاعل. ونأمل أن يكون جميع اللّبنانيّين في موقف واحد للوصول إلى قرار من مجلس الأمن والأمم المتّحدة بأنّ للبنان نظام حياديّ فاعل يجب أن تحترمه جميع الدّول، وهو يحترم نفسه ويكون دولة قويّة بمؤسّساتها وجيشها وتدافع عن نفسها من أيّ عدوان خارجيّ وتستطيع أن تحمي نفسها من الدّاخل وإلّا فإنّنا نرى الموت أمامنا، ولبنان الحبيب الّذي عشنا معه مئة سنة سنصل إلى دفنه لا سمح الله بعد المئويّة الأولى لكنّنا نأمل بالمحبّة والإخلاص والحوارات أن يعود لبنان بكلّ شعبه ومكوّناته بدون استثناء يعيشون بكرامة وبحبوحة ونستعيد دورنا عربيًّا وعالميًّا.

وبعد اللّقاء، أكّد الوزير السّابق الصّايغ أنّ "لا شيء يحمي لبنان إلّا الحياد، وبدونه لا ازدهار ولا استثمار ولا استقرار والخروج عن الميثاق والحياد هو خروج عن وحدة لبنان. والمطلوب إنقاذ لبنان لأنّه مساحة حوار وسلام. ونحن من الدّيمان نقول لا تخيّروننا بين أن نكون كلّنا موحّدين أو أن نكون شيئًا آخر فليتفضّل كلّ من يتكلّم عن مواقف البطريرك ودون أيّ تحدّ إلى طرح البديل الّذي عنده، وهم حتّى السّاعة ومن خلال أدائهم السّياسيّ أوصلونا إلى الإفلاس والمطلوب إنقاذ لبنان. وهذا هو موقف الكتائب الّتي هي مع جوهر الثّورة اللّبنانيّة ولا يحاول أحد وضعنا أو وضع بكركي في اصطفاف ما، فخيارنا الوحيد هو الحرّيّة وليأتوا لزيارة الوادي المقدّس لمعرفة حقيقة هذه المواقف".

وإستقبل البطريرك الرّاعي ظهرًا النّائب فريد هيكل الخازن يرافقه وفد من العائلة، وقال الخازن بعد اللّقاء: "لقد استمعنا إلى توجيهات صاحب الغبطة فالبطريركيّة المارونيّة كانت عبر التّاريخ حامية للبنان والحرّيّات فيه، وحامية لسيادته واستقلاله ولا بدّ في هذه المرحلة الصّعبة الّتي يمرّ بها لبنان وشعبه على مختلف المستويات الصّحّيّة والمعيشيّة والاجتماعيّة والّتربويّة والمصرفيّة، حتّى أنّ الفقر بات يطال كلّ البيوت، وأمام هذا الوضع الخطير لا بدّ من زيارة الدّيمان والتّشاور مع غبطته.

للأسف يبدو أنّ القوى السّياسيّة بأغلبيّتها لا تزال تمارس النّهج والأسلوب نفسه الّذي كانت تمارسه منذ سنوات، وكأنّ ما يجري على السّاحة اللّبنانيّة ووصول البلد إلى الحضيض والفقر ونزول النّاس إلى الشّوارع لا يعنيهم ولا يستمعون إلى نصائح صندوق النّقد الدّوليّ بإصلاحات واضحة، ويقومون بعكس ما يطلب منهم مثل ردّ مرسوم التّعيينات القضائيّة في حين أنّ العالم كلّه يطالب باستقلاليّة القضاء كما استبقوا نشر آليّة التّعيينات الإداريّة والماليّة في الجريدة الرّسميّة، والّتي هي الأهمّ في هذا الظّرف، ويقرّون محطّة سلعاتا وهي غير ضروريّة. وسفير مؤتمر سيدر آلان دوكان يقول بأنّه لا يمكن إعطاء الدّولة اللّبنانيّة أيّ فلس إذا لم تقرّ الهيئة النّاظمة للكهرباء وحتّى السّاعة لا توجد هيئة ناظمة وهذا الواقع وهذا الأداء السّلطويّ وعدم الإحساس بأنين الشّعب ومجاعته. لذلك اعتبر أنّ موقف البطريرك جاء ليفتح كوّة في هذا الظّرف والبطريركيّة المارونيّة كانت وستبقى دائمًا حامية الوحدة الوطنيّة والميثاق والوطنيّ. وما قاله البطريرك حول الدّعوة للعودة إلى لبنان وفكّ الارتباط الخارجيّ والاجتماع والتّحاور انطلاقًا من الانتماء اللّبنانيّ وليس انطلاقًا من الانتماء الخارجيّ، أمر ضروريّ لأنّنا نعرف أنّ غالب القوى السّياسيّة لديها ارتباطات خارجيّة فكيف يمكن إنقاذ البلد إذا كان الفريق السّياسيّ يقدّم مصلحته على مصلحة البلد؟ وقد جئنا لنؤكّد وقوفنا إلى جانب البطريرك وموقفه الرّياديّ آملين أن يؤدّي هذا الموقف إلى وحدة لبنان وإلى الوفاق الوطنيّ اللّبنانيّ."