لبنان
23 كانون الأول 2016, 11:56

نشاط البطريرك الراعي - بكركي

افتتح البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم الجمعة 23 كانون الأول 2016، في الصرح البطريركي في بكركي، السنة القضائية في المحاكم الروحية، في حضور النائب البطريركي العام والمشرف على المحكمة الإبتدائية الموحدة المارونية المطران حنا علوان، المطران مارون العمار،القضاة وجميع أعضاء المحاكم الكنسية المارونية والموظفين.

 

وألقى الأباتي مارون نصر كلمة جاء فيها: "هذا الصرح المبارك، ندخله دوما خاشعين، نراه أبدا جديدا، سحره ينادينا وننجذب اليه، انجذاب الابن الى حضن أمه، من حناياه يطل التاريخ مزدانا خفرا وجمالا، وحكمة آبائه والجدود تحرسه وتحفظه من السقوط، ورؤية غبطتكم "شركة ومحبة" تحميه وتحصنه وتجعله آية تنبىء بالمجد السماوي وتدفع به على الدوام ليتم رسالته باحتضان إيمان شعبه بين ذراعيه.
ساعات ويولد المسيح من جديد في العالم، يضج الكون بالبشرى ويكتمل فرح الأرض بالمولود الجديد.
وها نحن اليوم كما عودتمونا، يا صاحب الغبطة والنيافة، نلتقي عائلة سعيدة تلتف حول أبيها وراعيها وتتلقف نصائحه وإرشاداته وتأخذ بملاحظاته الأبوية لتزداد رسوخا في إعلاء مبادىء الحق والعدل والإنصاف ورفع شأن الحكمة التي ساقها الينا سفر المزامير "العدالة والمحبة تتلازمان".
ننحني أمامكم، يا صاحب الغبطة والنيافة، أبا ورئيسا، وصاحب سلطان مألوف على كنيسته.
وأمام كل أسقف كونه: الأب والقاضي والطبيب في نطاق أبرشيته، إذ قال فيه قداسة البابا فرنسيس: "لقد أقامه الروح القدس على صورة المسيح ومكانه، خادما للرحمة الإلهية، لكي يشفى بدواء التوبة والمصالحة النفوس المجروحة بالخطيئة، ويقضي بالعدل بين المتنازعين".
1.    بهذه الصفة تدعونا الكنيسة، نحن القضاة، الى بث دعاوى بطلان الزواج وما يتلازم معها من دعاوى، جاء ذكرها في القانون الصادر بتاريخ 2 نيسان 1951، الذي حدد صلاحيات المراجع المذهبية للطوائف المسيحية.

في السياق عينه، يكتسب صفة أساسية يداوي بها العائلات المجروحة والمتنازعة، وهي "اوسيو" بالسريانية، أي المؤاسي بكل ما تحمله هذه الكلمة من أبعاد، ففي آن معا نحن "قضاة رعاة، ورعاة قضاة" بهذا البعد الإنساني توجهتم إلينا، يا صاحب الغبطة، في افتتاح السنة القضائية المنصرمة 2015/2016، ودعوتمونا الى "تعزيز المعونة القضائية والخدمة المجامية للمعوزين، كعلامة من قبل الكنيسة لإظهار محبة المسيح المجانية التي خلصنا بها كلنا".
الشرع الشرقي الحالي يشدد على ضرورة العمل بالمعونة القضائية بالقول: "للفقراءالحق في المعونة القضائية اذا كانوا عاجزين كليا عن تحمل النفقات القضائية، وللعاجزين فقط جزئيا الحق في تخفيضها".
وهذا يعني ان العدالة لا يجوز أن تقتصر فقط على الأغنياء، بل الكنيسة هي كنيسة الأغنياء والفقراء على حد سواء، وانه يعود للمحكمة أن تعين للذي يثبت فقره محاميا من قبل الوظيفة، يدافع عن حقوقه أمام القضاء.
2.    أن تشكي المتقاضين لا ينصب على الرسوم التي تتقاضاها المحكمة من المتداعيين، بل على المبالغة في أتعاب المحامين، فمحاكمنا تتحمل الكثير من الرسوم في سبيل مساعدة الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وجدول الدعاوى للعام 2015 يبين تقاضي رسوم كاملة على 242 دعوى، وإعفاء من الرسوم 133 دعوى، ورسوم مخفضة 12 دعوى، وربع رسم 17 دعوى، ونصف رسم 12 دعوى، وهذا يظهر دور الكنيسة كأم سخية تجاه أبنائها.
3.    أما القلق الأكبر لدى أصحاب السيادة المشرفين على محاكمنا ولدى القضاء فمرده الى مضاعفة اعداد الدعاوى التي تنهمر على محاكمنا وقد تجاوزت الستماية دعوى للعام 2016 (620 دعوى- صباح الأربعاء 21/12/2016) وهذا يعود الى قصور الأزواج عن إدراك رفعة الحب الزوجي، وهذه الصعوبة تدفع بالأزواج الي التقوقع على الذات فتنحصر أحلامهم وطموحاتهم في "الأنا" بعيدا عن الحب المنفتح والعطاء المتبادل. ويغيب عن البال الإصغاء الى قول قداسة البابا فرنسيس" "يصبح التعهد بحب يستمر للأبد ممكنا عندما نكتشف مخططا أكبر من مشاريعنا، مخططا يسندنا ويسمح لنا بإهداء كل المستقبل للشخص المحبوب، فالمحبة تستحق أن نستسلم لها، لأن أساسها قائم على أمانة الله الأقوى من كل هشاشتنا.
ومن أسباب تفكك العائلة الجهل لحقيقة وماهية الزواج الكاثوليكي والى النقص في التنشئة على مفهوم الأسرة، فالعولمة اجتاحتنا ورحنا نلهث وراء التقنية الحديثة المتبعة دون التمكن من اللحاق بها أو تدجينها ووضعها في خدمة العائلة والمجتمع والكنيسة.
زد على ذلك ان عالمنا المعاصر أرسى قواعد ما يسمى ب"المجتمع الإستهلاكي" وصور للناس ان العائلة سلعة ووسيلة استهلاكية كالوجبات السريعة، فانساقوا وراء هذه الدعاية الخطيرة والرخيصة في آن، فراحوا عند أول تجربة تعصف بهم، يسارعون الى التخلي عن العهد الذي قطعوه أمام الله والناس، والقفز وراء المجهول متناسين ان المال خادم غير آمين.
صاحب الغبطة والنيافة، بركتكم الأبوية نلتمس في هذا اللقاء المبارك لمناسبة افتتاح السنة القضائية، ولله نضرع كي يعود هذا الشرق المعذب ويمتلىء بنور جديد، فالمسيح بحاجة لنا كي يستمر سر تجسده ابديا.
من غبطتكم نتقدم، كما من السادة المطارنة السامي احترامهم، بالتهنئة لمناسبة الميلاد المجيد والسنة الجديدة، لتأتي مباركة على الجميع وشاهدة على عملنا وجهدنا المتواصل في سبيل إحقاق الحق وتوفير العدالة مع المحبة لطالبيها.
ونضرع أمام طفل المغارة قائلين: "إحفظ اللهم أسرنا بالحب والإيمان، فالعائلة الصحيحة هي الخميرة التي سيعجن منها الله خبز الغد".
بدوره القى البطريرك الراعي كلمة قال فيها:
كلمة البطريرك الراعي في افتتاح السنة القضائية 2016


بعدها استقبل غبطته نائب رئيس الحكومة وزير الصحة غسان حاصباني، وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي ووزير الإعلام ملحم الرياشي، في زيارة تهنئة  بعيدي الميلاد المجيد ورأس السنة.
وقد هنأ البطريرك الراعي الوزراء  بتوليهم مناصبهم الجديدة، متمنيا لهم النجاح في مهامهم الوطنية. 
وأشار حاصباني بعد اللقاء: "جئنا اليوم كوزراء "القوات اللبنانية"، وكان من المفترض أن يرافقنا الوزير ميشال فرعون الذي اعتذر بسبب ارتباطه بموعد في القصر الجمهوري، لأخذ البركة والتوجيهات من سيدنا في هذا الصرح المسيحي المشرقي الذي له مكانة خاصة لدينا ولدى جميع اللبنانيين، وتمنينا لغبطته أعيادا مباركة".

أضاف: "نأمل أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة علينا من قبل اللبنانيين، فالأولويات اليوم ستكون في اتجاه خدمة المواطن أولا والعودة الى الانفتاح والتواصل وقبول بعضنا البعض، وسنستمر في هذا العمل الايجابي خدمة للبنان والانسان".

وتوقع حاصباني صدور البيان الوزاري في وقت قريب "باعتبار ان الخطوط العريضة متفق عليها بشكل كبير ولا يوجد اعتراضات كبيرة حول المبادئ الأساسية، لذا نأمل ان يكون الجو الايجابي طاغيا على البيان الوزاري لتبدأ انطلاقة سريعة نحو العمل الفعلي داخل مجلس الوزراء وفي كل الوزارات".