لبنان
12 تموز 2016, 13:20

نشاط البطريرك الراعي – بكركي ليوم الثلاثاء 12 تموز 2016

استقبل البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، ظهر اليوم الثلاثاء 12 تموز 2016، في الصرح البطريركي في بكركي، وزير خارجية فرنسا جان مارك ايرولت يرافقه السفير الفرنسي في لبنان ايمانويل بون، رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الفرنسية اللبنانية هنري جبرايل، ورئيسة لجنة الصداقة الفرنسية اللبنانية في مجلس الشيوخ الفرنسي كاترين جنيسون وعدد من المستشارين والدبلوماسيين الفرنسيين، بحضور بطريرك الارمن الارثوذكس الكاثوليكوس ارام الاول كشيشيان، بطريرك الارمن الكاثوليك غريغوار غيروبان، السفير البابوي غابرييل كاتشا، المطران جورج القس موسى ممثل بطريرك السريان الكاثوليك، المطران ميشال قصرجي رئيس الكنيسة الكلدانية، المطران بولس دحدح النائب الاسقفي للاتين، الارشمندريت جان فرج ممثل البطريرك لحام، القس سليم صهيون رئيس الطائفة الانجيلية، الاب يوحنا الاورشليمي عن الاقباط الارثوذكس، الاب يطرون كوليانا عن الطائفة الاشورية، المطران جورج صليبا عن السريان الارثوذكس، والمطارنة سمير مظلوم، بولس الصياح، وحنا علوان. و كانت خلوة بين صاحب الغبطة ووزير الخارجية في مكتب غبطته توجها بعدها الى صالون الصرح حيث القى غبطته كلمة ترحيبية جاء فيها:"

 

معالي الوزير،

 

يسعدني أن استقبلكم، باسمي وباسم زملائي البطاركة والاساقفة رؤساء الكنائس في لبنان، وأن أرحب بكم في البطريركية المارونية ونعبّر لكم عن سعادتنا جميعاً بأن تكون فرنسا الممثلة بشخصكم قريبة منا في هذه الأوقات الدقيقة التي يمر بها بلد الأرز ومنطقة الشرق الاوسط. ومن دون العودة بالذكرى الى القديس لويس الملك ولويس الرابع عشر المؤسسين المعظمين لصداقتنا الممتدة منذ مئات السنين، فإن ذاكرة لبنان التاريخية تحفظ على الدوام المواقف الداعمة للجنرال ديغول وخلفائه.

وأودّ هنا أن أشدّد على تقديرنا العميق للزيارة الرمزية التي قام بها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الى لبنان والتي كانت بمثابة مؤاساة لنا على الرغم من غياب نظيره اللبناني، وحثّه البرلمانيين على إنتخاب رئيس للجمهورية من دون تأخير. ونحن نستذكر  بامتنان أيضاً ماذا قدّمت فرنسا في سبيل مساعدة  لبنان في السنوات العشرة الاخيرة: بدءاً من خلوة سان كلود للحوار، مروراً بإبرام اتفاق 16 نيسان 1996 من أجل إدارة الوضع في جنوب لبنان، الى مؤتمر باريس واحد والمساعدة الإقتصادية والمادية، مختلف القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، إنشاء فريق دعم دولي لمساندة لبنان. ونحن نثمّن عالياً التزامه في قوات اليونيفيل منذ انتشارها في جنوب لبنان في العام 1978وننظر بعين جيدة الى تمدد خدمات الحماية لهذه القوة على الحدود الشرقية لبلادنا.

إن زيارتكم يا معالي الوزير مدوّنة في سجل الإهتمام بلبنان. لقد سبق أن أظهرتم اهتمام فرنسا في ما يتعلق باستمرار الفراغ الرئاسي منذ أكثر من سنتين والازمة السياسية والمؤسساتية في بلدنا. ولقد أكدتم على التزام بلدكم بالنسبة لوحدة وسيادة واستقرار لبنان. كما اثرتم مختلف الإتصالات مع المسؤولين الإيرانيين والسعوديين الهادفة الى إيجاد مخرج للأزمة ووضع حلول لها من قبل اللبنانيين أنفسهم. وذلك مع التأكيد على أن الجماعة السياسية والبرلمانية اللبنانية لا يمكنها أن تتخلى أبداً عن مسؤوليتها في هذا المجال، غير أنها يجب أن تدرك أنها غارقة في التدخلات الإقليمية لدرجة ربط الإنتخابات الرئاسية بالصراع القائم في سوريا وبين ايران والمملكة العربية السعودية. وبالتأكيد يجب فصل الإنتخابات الرئاسية عن هذه الصراعات التي قد تدوم طويلا.

إن التبادل الإنساني والثقافي بين بلدينا لطالما كان خصباً وهو يشهد على قيمنا الإنسانية المشتركة. ولكن حالياً يحتاج لبنان الى إعادة بناء لبنى دولته التعددية والحرة بعيداً عن الفساد السائد، وهو بحاجة الى إيجاد حل كريم لازمة النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين التي تغمره، وهو بحاجة أيضاً الى استغلال كنزه الدفين المعرّض للسلب أي ثروته الطبيعية من الغاز والنفط.

من جهة أخرى فإن مسؤوليتنا الرعوية مع الإخوة رؤساء الكنائس تمتد الى مختلف بلدان الشرق الأوسط ونحن نتقاسم المعاناة والاذلال الذي يتعرض له مؤمنوننا في العراق وسوريا وفلسطين والمنطقة ككل. نحن نحثّ الأسرة الدولية لوضع حد للحروب والأعمال الإرهابية التي تمزق بلادنا وتدمر حضاراتنا وتذبح شعوبنا وتعتدي على المسيحيين وتدوس كرامة الإنسان وحقوقه والعمل لايجاد حل سياسي من اجل سلام عادل وشامل ودائم وتأمين عودة المواطنين المسيحيين والمسلمين الذين اقتلعوا من ارضهم ليعودوا الى بلداتهم وقراهم وممتلكاتهم وتأمين حقوقهم الاساسية للعيش في بلادهم كمواطنين اصليين. يهمنا كثيرا ان نحافظ ونقوي الوجود المسيحي في المنطقة منذ الفي سنة من اجل خيرها وخير الإنسانية.

بالنسبة للبنان فهو يعوّل كثيراً وبثقة تامة على الصداقة العريقة مع فرنسا والتي لن تتأخر أبداً في مساعدته لأن يلعب مجدداً دوره كرسالة سلام وحرية ونموذج للعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين على قاعدة المساواة والمواطنية. ونحن ندرك اهمية  دوركم يا معالي الوزير، ونشكركم مسبقا على كل الجهود التي يمكنكم بذلها في هذا الإطار.

عاشت فرنسا! عاش لبنان ! وعاشت الصداقة الفرنسية اللبنانية!

وفي ختام الزيارة أدلى وزير الخارجية ايرولت بتصريح اعلامي قال فيه: "إلتقيت بغبطة البطريرك هذا الصّباح وأودّ أن أتوجّه إليه بالشّكر على الضّيافة وحفاوة الإستقبال. لقد حملتُ لصاحب الغبطة تحيّات فرنسا، وهذه كانت زيارة صداقة. وكان غبطة البطريرك قد التقى بالرّئيس الفرنسي عندما زار باريس في 9 أيار كما التقاه عندما زار لبنان في أبريل."

وتابع ايرولت: "لقد إلتقيتُ كذلك بممثّلي الطّوائف المسيحيّة في لبنان والمنطقة، وقدّرتُ كم أنّ فرنسا تقدّر وتحترم علاقَتَها، وأنّ هذه العلاقات أساسيّة في ما يتعلّق بالشّعب اللّبناني وهي أساسيّة في منطقة الشرق الأوسط وبالنسبة لوضع المسيحيين في الشرق، ونحن نعرف أنّ وضع الشّرق صعبٌ جدّاً جدّاً، ويتعيّن علينا أن نتّخذ قراراتٍ في هذا الصّدد."

وأضاف ايرولت: "كثيرون من المسيحيين باتوا يهاجرون بلادهم، في العراق وسوريا ودول أخرى. لبنان هو رسالة، وهو في الواقع يجسّد الحريّة والإحترام والتّوازن بين كلّ الطّوائف ومكوّنات الشّعب اللّبناني. لبنان هو نموذج. هذه هي المبادئ التي يجب أن تُعاش: مبادئ التّعدديّة ومبادئ التّسامح. لبنان يمكن أن يكون مثالاً، شرط أن يتمكّن من حلّ كلّ المشاكل السياسيّة التي يواجهها. وأنا جئت في محاولة لتقديم  المساعدة لحلّ هذه المشكلة، كي يتمكّن اللّبنانيّون من انتخاب رئيس للجمهوريّة، وكما نعرف أنّ الرّئيس اللّبناني هو مسيحيّ، كما أنّ رئيس مجلس الوزراء هو مسلم سنيّ، ورئيس النوّاب مسلم شيعي، وكلّ واحد يجب أن يساهم في الجهود المبذولة كحلّ للأزمة اللّبنانية والحفاظ على هذا النّموذج."

وأوضح ايرولت : "قلتُ إنّ فرنسا لا تقرر مكان اللّبنانيّين إنّما هي تيسّر الأوضاع. الشّعب اللّبنانيّ اليوم، في وضع صعب جدّاً؛ هناك التّهديدات الأمنيّة والإنعكاسات المأساويّة للحرب في سوريا واللاّجئين الذين يهربون إلى دول الجوار وبخاصّة إلى لبنان والأردن وتركيا. ألجهود التي تبذلها فرنسا مع شركائها في المجتمع الدّولي، هي لإيجاد حلّ للبنان. وهذا أمر لا بدّ منه؛ لا بدّ من إعادة وقف إطلاق النّار في سوريا، ولا بدّ من وقف المعارك، ولا بدّ أيضاً من وصول المساعدات الإنسانيّة إلى الذين يحتاجون إليها واستئناف المسيرة السياسيّة."

وختم ايرولت:"هناك أمرٌ هام، وهو أنّ كلّ اللاّجئين الذين التقيتُ بهم اليوم يقولون إنّهم يريدون العودة إلى بيوتهم. وبالتّالي يتعيّن علينا أن نعمل من أجل ذلك. لبنان يجب أن يكون محميّاً في مسيرته المتميّزة، وهذه هي الرّسالة التي حملتها، وهذا ما تبادلناه مع صاحب الغبطة ومع ممثّلي الطّوائف المسيحيّة في لبنان. نحن نعرف أنّ لبنان هو مرجع ويجب أن نعمل كلّ ما هو ممكن لكي تبقى هذه التّعددية قائمة."

وكان غبطته قد استقبل صباحا سفير بولندا في لبنان فويتسيخ بوزيك الذي عرض للتحضيرات لليوم العالمي للشباب الذي ستشهده كراكوف والذي سيجمع قداسة البابا فرنسيس بنحو ستة آلاف شاب وشابة من مختلف دول العالم ومن بينها لبنان.

واشاد بوزيك بالتعاون القوي بين كاريتاس لبنان ممثلة برئيسها الأب بول كرم وكاريتاس بولندا ولا سيما في ما يتعلق بمشكلة النازحين السوريين ومساعدتهم. واذ اكد على ان صاحب الغبطة يتمتع بكاريزما خاصة تمكنه من كسب ثقة كل من يسمعه رأى بوزيك ان بلاده ترغب في ان يزورها غبطته مجددا نظرا للأثر الإيجابي الذي تركتها زيارته لها سابقا سواء على صعيد الدولة او الشعب لافتا الى علاقة الصداقة التي تجمع البطريرك الراعي برئيس اساقفة بولونيا.  

بعدها استقبل غبطته وفدا من بلدة عين ابل الجنوبية ضم رئيس البلدية عماد الللوس والمخاتير ولجنة مزار ام النور وفعاليات البلدة، واعضاء من ندوة المهندسين في حزب الكتائب يرافقهم راعي ابرشية صور المارونية المطران شكرالله الحاج، في زيارة لإلتماس بركة صاحب الغبطة لوضع حجر الأساس لبناء مزار ام لنور على تلة ام النور في البلدة.

وألقى رئيس البلدية كلمة قال فيها:" صاحب الغبطة مار بشارة بطرس الراعي الكليّ الطّوبى، هي "عين إبل"، عروسة بلاد البشارة، مثالُها الأجداد والآباء الذين شيّدوا بسواعدهم كنيسة السيدة، قبل أكثر من مئة وأربعين عاماً ومازالت حتّى يومنا هذا تُعدّ من أجمل الكنائس في لبنان. لقد جئنا اليوم نطلب المزيد من بركتكم لمشروع ضخم، هو بناء مزار السيدة أم النّور في  مكان له رمزيّة دينيّة لأنّه يقع على الطّريق التي كانت تسلكها العذراء مريم مع ابنها يسوع في تجوالهما في الجليل، من فلسطين إلى قانا فصور وصيدا. وهذا المشروع الحُلُم سيضع "عين إبل" والجوار على خارطة السياحة الدينية في لبنان وسيكون من نتائجه تثبيت المسيحيين في أرضهم وقراهم."

واشار الللوس الى أن كلّ التّصاميم والخرائط المرافقة للمشروع قد اُتمّت وأُنجزت  من ندوة المهندسين في حزب الكتائب برئاسة المهندس بول ناكوزي، دون أي مقابل، وكذلك عرض نقيب المقاولين في لبنان المهندس مارون الحلو كلّ الإستعداد للمساعدة.

وختم الللوس منوها بالدّور الذي لعبه المطران شكرالله نبيل الحاج، وبالجهد المستمر الذي يبذله بهدف تذليل العقبات في هذا الشّأن.

وفي اطار آخر عين قداسة البابا فرنسيس البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي عضوا في اللجنة الحبرية للإعلام والتواصل في 30 حزيران 2016.