نشاط البطريرك الراعي – بكركي ليوم الإثنين 22 شباط 2016
وتابع قزي:" بالنسبة لوضع المسيحيين في ادارات الدولة لقد كان هناك توافق تام على أنّ الدّولة اللّبنانية تحتاج إلى الكفاءات المسيحية ولاسيّما أنّ هذه الكفاءات انحجبت عن الدولة منذ اتّفاق الطّائف إلى اليوم، أي منذ التّسعينيّات إلى اليوم. وبالتّالي لا بدّ من إعادة النّظر في قرار الدّولة السابق بمنع التّوظيف، وفتح الإدارة أمام كفاءات جديدة خارج الكوادر الحالية، لأنّ الكوادر الحالية تحتاج إلى تطعيم بكفاءات من الشباب والشابات في لبنان، ولا يمكن للدّولة أن تكون بحيرة آسنة مغلقة على نفسها. كذلك يجب فتح باب التّعاقد من دون المرور بمجلس الخدمة المدنية، ويجب إعادة النّظر بآلية امتحانات مجلس الخدمة المدنية. مجلس الخدمة المدنية اليوم هو مجلس نزيه، يتمتّع بشفافية وامتحاناته لا غبار عليها مبدئيّاً، ولكن لا بدّ من إعادة النّظر بآلية هذه الإمتحانات كي يصبح هناك مجال ليدخل شباب وشابات جدد لديهم كفاءة غير الكفاءات التي تنجح حاليّاً."
وأضاف قزي:" أمّا بالنّسبة إلى شباب لبنان، يجب أن يدخل هؤلاء الشباب إلى الوظيفة العامّة. ألشباب المسيحي بكل صراحة يعتبر منذ التّسعينيات أنّ هذه الدّولة لم تعد دولته وهو يذهب إمّا إلى القطاع الخاص وإمّا إلى الهجرة، وهذا أمر سيّء للغاية، ولكن هذه الدولة هي دولة كلّ اللّبنانيّين، وعلى كلّ المكوّنات اللّبنانية أن تكون حاضرة فيها، ولكي يساعدنا الآخرون يجب أن نبدأ بمساعدة أنفسنا، أي أن يتقدّم ويبادر المسيحيون إلى الدّخول إلى الدّولة."
وأردف قزي:" وفي ما يتعلق بانتخابات رئاسة الجمهورية، فان غبطته قلق جدّاً على وضع الرّئاسة، ومن خلال الشغور هو قلق على مصير الكيان اللّبناني والدولة اللّبنانية، وأنا أعتقد أنّه لو كان هناك رئيس للجمهورية، لما كانت حصلت هذه الأزمة في العلاقات اللّبنانية – السعودية، لأنّ رئيس الجمهورية الذي هو ناظم العلاقات بين المؤسسات الدستورية هو المشرف العام على السياستين الدفاعية والخارجية لكان استوعب الموضوع قبل أن ينشب. ولذلك فإنّ دولةً من دون رئيس للجمهورية، هي دولة الأزمات اليومية مثلما هي الحال اليوم."
وردا على سؤال عن امكانية بروز مواقف تصعيدية في مجلس الوزراء اليوم ، أجاب قزي:" اذا كانت 14 آذار التي هي من لون واحد، لم تصعد كثيراً، فكيف بمجلس وزراء فيه كل المكونات. واليوم المرحلة ليست مرحلة تصعيد، إنّما مرحلة احتواء الأزمة وإيجاد حل وطمأنة السعودية بأنّ لبنان بلد صديق، لها ولكل دول الخليج، هذه الدول التي لم نرى منها سوى الخير تجاه لبنان واللّبنانيين."
ثم التقى غبطته نائب رئيس الجمعية الأمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية في روسيا إيلينا أغابوفا، في حضور السفير الروسي ألكسندر زاسبيكين وممثل الكنيسة الأرثوذكسية في لبنان الأب أرسينيي، ورئيس جناح الشباب في الجمعية في زيارة نقل فيها الوفد تحية البطريرك الاورثوذكسي كيريل لصاحب الغبطة وكانت مناسبة للبحث في اهمية تطوير العلاقات بين الكنيستين على كافة الأصعدة.
بعد اللقاء تحدثت غارابوفا وقالت:" إنتهى اللقاء للتّو بيننا وبين غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ونحن ممثلون للجمعية الأرثوذكسية الأمبراطورية في روسيا، وهو ليس لقاؤنا الأول، بل تعود علاقتنا إلى القرن التاسع عشر، حيث كانت روسيا تساعد في بناء المدارس في لبنان، وكانت تسعى لضمان التنمية التّعليمية والإنسانية والحضارية في هذا البلد. ونحن كذلك نسعى للحفاظ وتطوير هذا العلاقات التاريخية."
واضافت غارابوفا:" لقاؤنا اليوم مع الرئاسة الروحية المارونية في لبنان، هي عبارة عن المساعي الروسية لننظر إلى لبنان كبلد مستقر يعيش بسلام. ونحن على استعداد لمواصلة جهودنا والعمل من أجل ضمان التنمية الإنسانية واالتعليمية بين البلدين وتعليم اللغة الروسية في لبنان. ونتمنى طبعاً أن يكون لبنان بلداً مستقراً وأن تكون هنالك حلول للمشاكل الداخلية، وقبل كل شيء مشكلة وقضية الشغور الرئاسي الذي بدوره قد يساعد على ضمان الإستقرار والأمن وحلحلة المشاكل الأخرى في لبنان."
وتابعت غارابوفا: "بالطّبع بحثنا في اللقاء التاريخي بين بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل وبابا روما فرنسيس في أميركا اللاّتينية وبحثنا في موضوع البيان المشترك لرؤساء الكنيستين وخصوصا في المشاكل والقضايا التي تخص الشرق الأوسط، والمتعلقة بالوجود المسيحي وغير المسيحي اي جميع الطوائف في الشرق الأوسط. وكذلك بحثنا في فرص تعاوننا في هذا المجال لأننا نعتبر أنّ الشرق الأوسط ولبنان هو جزء من الأراضي المقدّسة ونحن نسعى لضمان الإستقرار والسلام فيه. ولقد تم هذا اللقاء بحضور السفير الروسي في لبنان السيد زاسبيكين وكذلك ممثل الكنيسة الروسية الأب أرسيني وهو عضو في مجلس جمعيتنا. وكما أشرت سابقاً، بحثنا سبل وطرق تطوير علاقتنا وتعاوننا في مجال التعاون الإنساني والحضاري."
وأشارت غارابوفا:" إلى أنّ "زيارتنا للبنان تتم بمباركة من بطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل، ولقد بحثنا اليوم في سبل تطوير تعاوننا الإنساني مع الكنيسة الكاثوليكية ومع البطريرك بشارة بطرس الراعي، وهذا التعاون الإنساني الذي نقدمه إلى سوريا من روسيا ومن جمعيتنا التي تقوم بإرسال المساعدات الإنسانية إلى هذا البلد، لتوزع بين سكانها، ليس للمسيحيين فقط بل لطوائف مختلفة. ولقد زرت مع رئيس جناح الشباب في الجمعية، منذ اسبوع اللاّذقية حيث تمّ توزيع الدورة الرابعة عشر من المساعدات الإنسانية الروسية وهي عبارة عن 35 طن من المواد الطبية والغذائية. وكذلك بحثنا سبل مواصلة هذه الجهود."
وختمت غارابوفا: "لقد سلّمنا البطريرك الماروني أيقونة للقديس رافيم سوروف وهو قديس معروف ومكرم في روسيا ونتمنى أن يحافظ على السلام والإستقرار في لبنان."
وفي اطار آخر كان غبطته قد رعى مساء السبت 20 شباط 2016 ، مسرحية " باراباس او يسوع " لرابطة الأخويّات في لبنان على مسرح ثانوية راهبات الوردية المنتزه، المنصورية، في حضور السفير البابوي غابريال كاتشا، والمطارنة حنا علوان، بولس الصياح، ميشال عون، كميل زيدان، يوسف سويف، طانيوس الخوري، منير خيرالله وجورج بوجودة، مرشد عام الرابطة الأب سمير بشارة، الرئيس غطاس نخلة، أعضاء اللجنة الإدارية للرابطة، لفيف من الرهبان والراهبات والكهنة، رؤساء وأعضاء مجالس بلدية، رؤساء وأعضاء اللجان المركزية والإقليمية للأخويات والفرسان والطلائع والشبيبة، ورؤساء واعضاء الحركات الرسولية.
بعد النشيدين اللبناني ورابطة الأخويات، رحّب عرّيف الحفل فارس باسيل بصاحب الغبطة والمشاركين، لافتاً الى أن باراباس اليوم أصبح في كل مكان في هذا الوطن، وتمنى أن يخرج الجميع من هذا العمل المسرحي حاملاً العبر ومختاراً الخيار الصحيح."
ثم تحدّث رئيس الرابطة غطاس نخلة قائلا:" ها هي رابطة الأخويّات الحركة الرسولية والمؤمنة والمصليّة، تنتفض كعادتها وتثور لتخرق الجدار الصلب وجدار الصمت وتخترق الحواجز الشائكة، وتذهب الى العمق البعيد، لتغرف من الكنز الذي لا يفنى كما أوصى المعلّم الأوّل المسيح الرب، هو الذي اعطانا الحرية بصلبه، والحياة بموته، فهو الحياة ومعطي الحياة. هو صاحب كل حقٍ وسلطان ولأجل كلمته نشهد للحقّ أمام الحكام والملوك والسلاطين، وثورتنا هي لاسترجاع الحق وليس من أجل المطالبة بالحق. فنجاهر بإيماننا بكل جرأة وشجاعة دون خوف أو تردّد، حاملين الرسالة والبشارة، ونكون شمعة مضيئة في الظلام الداكن فيتحوّل الى نورٍ وحياة، ونكون خشبة خلاص لنفوسٍ كثيرة ابتلعها بحرٌ هائجٌ غضبان، فترتطم أمواجه العاتية أمام قدمي الربّ، فتتحطّم وتستكين، ونكونُ منارةً في عالم صاخب بضوضاء ارتكب سفّاحوه المجازر والمعاصي وأتوا بالويلات والمآسي على مجتمعاتهم فيصحوا ويندموا ويستتروا لأن الغلبة هي دائماً لقوى الخير."
واعتبر نخلة أن "الرسالة لا يحدّها زمان أو مكان ولا تنحصر بوسيلة ثابتة، واسلوب معيّن والتبشير برسالة المسيح لا يتوقّف عند القاء المواعظ وحسب، رغم الحاجة الماسة اليها، بل يتعدّاه الى ما هو أوسع وأشمل والى وسائل وجوانب متعدّدة كالخدمات الإنسانية المجانيّة والأعمال الصالحة والخيّرة وفعل الرحمة وأحياناً العمل السينمائي أو المسرحي؛ لذا ارتأينا هذه السنة وبحسب توجيهات المطران ميشال عون وإشراف المرشد العام الأب سمير بشارة إعداد هذه المسرحية الدينية الإجتماعية، التي تهدف الى كشف الحقيقة وتثبيت الإيمان المسيحي وإيقاظ الذين ما زالوا نائمين في في ثبات عميق، لأنّه وللأسف الشديد ما زال هناك كثيرون يختارون باراباس من خلال أفعالهم وأقوالهم وتصرّفاتهم وعدم التزامهم بالعمل الكنسي والرسولي؛ وهناك آخرون يحاولون زعزعة إيماننا واقتلاعنا من ارضنا وشرقنا، أرضِ آبائنا وأجدادنا وقديسينا وموطئ قدمي الرب وأقدام المبشّرين والمرسلين. لهؤلاء نقول: نحن كنا وما زلنا وسنبقى، نقاوم بالكلمة ونجاهد ضدّ كل أشكال القهر والظلم والاضطهاد مهما غلت التضحيات وطالما تشرق الشمس من خلف المرتفعات وتغيب في عمق المحيطات". واختتم كلمته معتبراً "أن ثورتنا هي ثورة حب وصلاة وإيمان وعلينا أن نحقّق هدفنا ونزرع الطمأنينة في نفوس أبناء هذا الزمان ونردّهم الى حضن الله الشافي والدافئ " .
بعدها كانت كلمة مرشد عام الرابطة الأب سمير بشارة الذي قال:" حين أسّس القديس اغناطيوس الرهبنة اليسوعية، طالب رهبانه مهما كان وقتهم ضيّق للغاية أن لا يهملوا أبداً، أمراً مهماً كلّفهم الأمر ألا وهو فحص الضمير اليومي. وأضاف أن المسرحية التي سوف نشاهدها هذا المساء المبارك" باراباس أو يسوع" مين بتختار؟ هي بمثابة فحص ضمير. نعم! وبعدها طبعاً، لن نبقى مكتوفي الأيدي أو مغمضي الأعين." وقال:" إنّه فحص ضمير أيقظته رابطة الأخويات، فنيّاً، منذ ثلاث سنوات مع مسرحية محكمة الإنجيل" من تأليف جو خوري وإخراج شربل حنا، اللذان نوجّه لهما اليوم ايضاً تحيّة حارة. واختتم قائلاً: نقرأ في الإنجيل ما يلي:" أصلبهُ، أصلبهُ!" فقال بيلاطس:" أيُّ شرٍّ فعل هذا الرجل؟ لم أجد سبباً يستوجب به الموت." فألحّوا عليه بأعلى أصواتهم طالبين أن يُصلب. فقضى بإجابة طلبهم. فأطلق برأبّا- ذاك الذي كان قد ألقي في السجن لفتنة، وجريمة قتل، وأسلم يسوع الى مشيئتهم". باراباس أو يسوع: من نختار نحن اليوم؟ دعونا الآن نرفع التحدّي معاً".
وبعد إنتهاء العرض المسرحي وجّه صاحب الغبطة كلمة شكر جاء فيها: "أودّ أن أوجّه الشكر اليوم وبشكل خاص على الأمثولة الجميلة التي نحملها معنا، فباراباس هو كل واحد منا، خصوصاً حين نضع أنفسنا مكان الكنيسة والدولة والعيلة. نحن نتميّز بقيمة حضورنا في لبنان والشرق الأوسط وهو غنىً لهذا الشرق، نعلم جيداً أن هناك الكثير من الشرور في داخلنا، فبارباس نراه في الدول التي تبيع السلاح للقتل وتهجّر الشعب وتفقره."
وأضاف غبطته:" علينا تقع مسؤولية كبيرة، ولدينا الكثير من العمل، وهذا العمل يجب أن يبدأ منا نحن ولا يمكننا أن ننتصر على الشرّ إلاّ بقوّة يسوع المسيح، وتبقى الكلمة الأخيرة هي للأخوّة وليس للعداوة مع البشر، فنبني ملكوت الخير بدلاً من الشرّ. لقد تعلّمنا من هذه المسرحية أن لا نخاف وأنّ المسيح هو القوّة الموجودة فينا، ولا يمكن أن تنجح ثورة ما إلا إذا كانت ثورة على الذات. نعم باراباس هو أنا شخصياً وعليّ أن أحارب باراباس الموجود في داخلي، شكراً على الأمثولة اللاهوتية وشكراً للمؤلف والمخرج، وقد وصلت الرسالة حقاً الى أعماق قلوبنا".
المصدر : الصرح البطريركي