لبنان
01 حزيران 2017, 13:14

نشاط البطريرك الراعي - بكركي الخميس ٠١ حزيران ٢٠١٧

استقبل غبطة البطريرك الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي قبل ظهر اليوم الخميس 1 حزيران 2017، في الصرح البطريركي في بكركي مدير معهد العائلة في جامعة الحكمة يوسف ابي زيد والبروفيسورة الزائرة وانا غوتسيا من معهد مار يوحنا بولس الثاني في روما وكان عرض لأبرز نشاطات المعهدين.

 

وقال ابي زيد الى ان هذه الزيارة هي سنوية لصاحب الغبطة الذي كان له مساهمة في تأسيس المعهد منذ العام 2008 " لافتا الى ان"معهد الحكمة بيروت هو معهد مشارك لمعهد مار يوحنا بولس الثاني في روما،" موضحا ان "رسالة المعهد هي نشر ثقافة بناء العائلة في مواجهة ثقافة تفككها وذلك من خلال تعاليم الكنيسة، ونشاط المعهدين لا يتوقف عند تبادل الخبرات وحسب وانما مواكبة التطورات الجديدة على صعيد العائلات.

 

والتقى غبطته وفدا من منطقة بشري ودير الاحمر وبتدعي ونيحا برئاسة باتريك الفخري في زيارة لإلتماس البركة والتأكيد على تجذر ابناء هذه البلدات في ارضهم وتمسكهم بايمانهم المسيحي قولا وفعلا.

 

واعرب الفخري عن تقدير كبير من ابناء المنطقة ومن عائلته "للمواقف الوطنية الجامعة التي اتخذها غبطته في محطات كثيرة منذ توليه سدة البطريركية ولا سيما تلك المتعلقة بجريمة استشهاد والديه صبحي ونديمة الفخري في بتدعي والزيارة التي قام بها البطريرك الراعي الى المنطقة."

 

وشكر الفخري في كلمة القاها، صاحب الغبطة على غيرته الرسولية، ونشاطاته الرعائية ومواقفه الوطنية الجريئة، وابوته الصادقة للجميع، وقال:"  لقد أتينا اليوم، عيلة واحدة، من كل عائلات مدينة بشري، مدينة المقدّمين، ومن بتدعي ونيحا-الأرز المباركين، لزيارة غبطتكم ونيافتكم في هذا الصرح البطريركي العريق، حصن الموارنة واللبنانيين ومسيحييّ الشرق. إنه لواجب ولائق أن يزور الأبناء أباهم، عملاً بوصية مار بولس إلى أهل أفسس: "أيها الأبناء، أطيعوا والديكم في الربّ لأن هذا حقّ وعدل". (أفسس 1:6)."

 

وتابع الفخري:" إنه لحق وعدل أن نزوركم يا أبانا، الجليس الصالح لكرسيّ مار بطرس للكنيسة الإنطاكية المارونية وسائر المشرق! يا صاحب القلب الكبير! والفكر الخلاّق والمبدع! وصاحب الرؤى النبويّة والنظر الثاقب والسديد! أيّها الراعي الصالح والقهرمان الحكيم، لقد مهرتم عهدكم الميمون بخاتم الشراكة والمحبة، فانتفضتم بروح يوحنا المعمدان ضدّ جحافل الخداع والضلالة وكل أنواع الإنحرافات وتزوير الحق، وناديتم ببسالة وجسارة في بريّة لبنان والشرق والعالم كإبن زكريّا الكاهن: " أعدّوا طريق الربّ واجعلوا سبله قويمة". (متى 3:3)."

 

وأضاف الفخري:" كما انتفضتم بجرأة عظيمة، كإيليّا النبيّ، ضدّ كلّ أصنام البعال الصّماء، وناديتم بالإيمان الحق، بالإله الثالوث – الأحد، وناضلتم في سبيل كرامة المسيحيين في سبيل كرامة المسيحيين في لبنان والشرق ومن أجل تثبيتهم في أرضهم، لأنهم أسيادها، وأرباب الديار، وليسوا بغزاة متخلّفين رجعيّين. وناديتم بالكلمة، في وقتها وفي غير وقتها، كالرسول طيموتاوس (2 طيم 4)، فدوى صوتكم كالرعد في القلوب الصلبة، فزعزعتم أركانها، وبدّلتموها، وحوّلتموها الى هياكل مقدّسة يعبد الله فيها بالروح والحق. وحملتم سيف العدل والحق كبولس رسول الأمم، لا لإعتبارات دنيويّة رخيصة، بل لإيقاظ الضمائر الغرقى في نوم الضلال والبهتان، ولتقويم الإعوجاج ولاستقامة الطرق الملتوية."

 

وختم الفخري:" نشكركم يا صاحب الغبطة والنيافة على غيرتكم الرسولية، ونشاطاتكم الرعائية، ومواقفكم الوطنية الجريئة، وعلى أبوّتكم الصادقة للجميع! أنتم أب الكلّ وحاضن الكلّ! نجدّد أمامكم اليوم طاعتنا البنويّة المطلقة لغبطتكم! ونشكركم على وقوفكم الأبويّ الصامد معنا في جريمة بلدة بتدعي النكراء، مقتل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري! رحمات الله عليهما! نعاهدكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أننا، رغم الإستفزازات والتحّديات لمنطقتنا، سنحافظ على السّلم الأهليّ، والعيش المشترك، وعلاقة حسن الجوار، ونتخطى كل الصعوبات والمشاكل، سائرين على طريق الحق والمحبة بهدي الإنجيل المقدّس وهدي غبطتكم ونيافتكم. كما نعاهدكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أننا صامدون في قرانا وبلداتنا وأرضنا، مهما حاول أتباع الملك آحاب إغراءنا بالملايين لإقتلاعنا من أرضنا، فنحن كنابوت اليزراعيليّ، لم ولن نفرّط أبدًا بذّرة تراب من أرض أجدادنا وآبائنا، فهي أمانة بين أيدينا نصونها بدمائنا للأبد."

بدوره رحب البطريرك الراعي بالحضور معبرا عن تقديره لمحبة ابناء المنطقة ولمبادرتهم بالزيارة وغيرتهم وتضحياتهم، سائلا الله "ان يكافئهم عليها."

 

ورأى غبطته ان "المأساة التي أصابت آل الفخري انما أصابت الجميع، ونحن نسأل الله ان يرحم الوالد والوالدة وقد لاحظنا تأثير تربيتهما من خلال أولادهم الذين تنشأوا على القيم والعاطفة ومدى تعمقهم بالإيمان وبالقيم المسيحية الانجيلية."

 

وتابع غبطته:" لن ننسى ردة فعلك باتريك عندما وقعت الجريمة، حيث تحدثنا عن عدم الثأر فنحن ضد السلاح عندها تدخلت فورًا وطلبت عيش القيم المسيحية الأساسية فردًا فردًا انت وأخواتك واخوتك. اشكركم لمجيئكم من مناطق بشري، بتدعي ونيحا ودير الأحمر، شكرًا للكلمة التي سمعناها من قبلكم والملفت ان الكلمات غنية من الكتاب المقدس ومن اللاهوت وهذا دليل على اطلاعكم المستمر على الكتب المقدسة فأخذت العبارات من الكتاب المقدس واستعملت في مكانها. نقول لكم نحن رسل ونمرّ بالكثير من الصعوبات، جميعكم درستم التاريخ وقد مررنا بظروف أصعب من التي نمر بها اليوم، بدءًا من حكم المماليك الظالم الذي سقط لنا في ظله بطريركان شهيدان، مرورا بعهد العثمانيين القاسي ايضا.ولم يكن يحق للمسيحيين والموارنة ما يحق لغيرهم ومنعوا من حقوقهم. لذلك تنقل البطاركة منذ القدم من أعالي الجبال الى اسفل الوديان والمغاور لمواجهة قمع الظالمين والعمل من دون يأس للحفاظ على كرامة الإنسان ونيل الإستقلال.  وهكذا مرت العصور وهم يعانون القتل والجوع الى ان وصلوا أخيرا في الأول من أيلول 1920 مع البطريرك الحويك الى اعلان دولة لبنان الكبير."

 

وقال غبطته:" من اجل كل ذلك نحن اليوم ونسبة لما عانيناه في الماضي يجب ان نصمد، و ان نحافظ على وجودنا وعلى تاريخنا. انتم احفاد، جميعنا احفاد كل الذي صار، نحن حياتنا لم تبدأ عندما ولدنا وانما هي بدأت مع أجدادنا مع التاريخ."

 

ووجه غبطته نداء الى الوفد "لتشجيع الشباب والأبناء على التطوع في الجيش والقوى الأمنية والدخول الى مؤسسات الدولة،" مشددا على "ان السياسيين يتحدثون ولكن الفاعل الحقيقي هو من يعمل في قلب مؤسسات الدولة."

 

وختم البطريرك الراعي مستذكرا "الشهداء الذين سقطوا على مذبح الوطن ليدافعوا عن حريته وسيادته،" مؤكدا انه لولا تضحياتهم "لما كنا هنا اليوم لذلك علينا نحن متابعة مسيرتهم تقديرا لإستشهادهم ولتضحياتهم."

 

وفي الختام القى ميلاد رحمة قصيدة شعرية وقدم الوفد لغبطته لوحة من خشب الأرز نقش عليها رسمه.

 

ومن زوار الصرح رئيس بلدية بعبدا انطوان حلو، ثم رئيس اتحاد بلديات كسروان - الفتوح جوان حبيش ورئيس بلدية عين الريحانة فنسان البستاني، وكان بحث في عدد من المواضيع الإنمائية والقضايا الإجتماعية.

 

ثم استقبل غبطته السيناتور الأميركي اللبناني الأصل سام حنا زاخم يرافقه طلال المقدسي. واكد زاخم ان"لبنان هو ارض المسيحية واذا ماتت المسيحية في لبنان فهي ستموت في العالم كله"، مثنيا على نظام لبنان الذي يسمح بحرية المعتقد والدين وهذا نموذج لا يمكن ايجاده في كل مكان."

 

بعدها التقى غبطته نائب رئيس حزب الكتائب الدكتور سليم الصايغ وكان بحث في موضوع قانون الإنتخابات. بعد اللقاء قال الصايغ:" نحن نتشكر غبطة البطريرك على المواقف التي يتخذها ولا سيما المواقف الوطنية الأساسية المتعلقة بقضايا الناس الإقتصادية والإجتماعية وهذه مواقف ينبغي على الطبقة السياسية ان تطلقها في وقت يشهد فيه لبنان اوقاتا صعبة. وكلام غبطته في العظات التي يلقيها انما هو كلام صوت الضمير الذي نسترشد به دائما."

 

وتابع الصايغ:" بالنسبة لقانون الإنتخابات نرى ان قانون بكركي وهو من الأساس قانون الدوائر ال15 يمكن اضافة بعض التعديلات عليه. ولكن الأساس هو معرفة انه تم اتفاق كبير وموسع عليه في بكركي واليوم فرصة للتقدم في هذا المجال. ونحن نثمن عاليا مواقف غبطته في هذا الموضوع."